أحدث إصدارات بيت الحكمة للثقافة بمعرض الكتاب 2024
تنطلق الدورة الـ 55 من معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024، في الفترة من 24 يناير حتى 6 فبراير، وتشارك مجموعة بيت الحكمة للثقافة بالعديد من الإصدارات المتنوعة، لتتواجد بقوة هذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وفيما يلي ترصد لكم منصة “كلمتنا” أحدث إصدارات بيت الحكمة للثقافة في معرض الكتاب 2024.
“وجوه وكتب وقضايا” للكاتب علي عطا
جديد مجموعة بيت الحكمة للثقافة، كتاب “وجوه وكتب وقضايا” للكاتب علي عطا، يحتفي هذا الكتاب بالكلمة ويثمن دورها وقيمتها، حيث يروي المؤلف عبر عدد من المقالات، ملامح من إبداعات شخصيات أثْرت الحياة الأدبية، سواء على المستوى المحلي أو على نطاق واسع عربيًّا وعالميًّا، ويطرح قضايا مهمة، تُرسخ -بصفة خاصة جدًّا- مبدأ الاختلاف وحتميته في إنتاج رؤى أكثر اتساعًا حول تلك القضايا، وفي رحلة تمدّنا بخبرات عديدة حول أماكن وثقافات متباينة، نرى من خلالها جوهر الاختلاف بين الشرق والغرب، والقيم الإنسانية التي تؤكد الأخوة البشرية بصرف النظر عن اختلاف الديانات والأعراق والألوان، ومعارف حول الأساطير، وتاريخ الفنون.
كما يناقش الكتاب بالإضافة إلى العديد من المعارف النفسية والاجتماعية، قضايا ورؤى نقدية مختلفة، وأبوابا مفتوحة على علوم تكنولوجية واجتماعية وسياسية. وتلك المقالات التي تمثل رؤوس مثلث يجمع الوجوه والكتب والقضايا، تمد خطوطًا في محبة الثقافة التي تصنع جسورًا تعزز الصلات الثقافية بين العالم، وتؤكد ثبات القيم الإنسانية التي تربط بين البشرية وتسهم في التعريف بالنفس والتعريف بالآخر.
“أصداء الشاعر القديم – تعدد الرواية في الشعر الجاهلي” للدكتور أيمن بكر
يعالج هذا الكتاب إشكالية تعدد روايات الشعر القديم، ويقترح حلولا تسمح لنا بإعادة النظر في كل ما وصلنا من هذا الشعر؛ منطلقًا من أن حركة المنتج الشعري في الثقافات الشفوية، تشوش بقوة فكرة البنية الثابتة المستقرة القابلة للتفسير الأحادي جماليًا ودلاليًا. ومن هنا فليس النص الشعري الشفوي العربي هو الرواية الوحيدة التي نعرفها، تلك الرواية التي قرر الرواة الثقات في العصر العباسي، ومن بعدهم نقاد العصر الحديث، أن يختصروا النص فيها بصورة تعسفية لا تخلو من ذوق شخصي ومن معايير ساعية لتمكين الوعي الكتابي، بل إن النص الشعري القديم/ الشفوي هو مجموع رواياته، على ما بينها من اختلافات تعد جزءًا من حركية النص، بحيث لا يمكن النظر إلى معلقة امرئ القيس مثلا إلا في ضوء جميع رواياتها، التي تطرح مجتمعة أفقًا جماليًا وتأويليًا أوسع كثيرًا من النص الأحادي الذي اعتدنا قراءته وارتحنا لتفسيراته الضيقة.
كتاب “فولكلور الأسفلت.. 1000 حكمة من الطريق” للكاتبة بسمة حسن
“الطريق عامل زي الغول لو ما صحيتلهوش يبلعك”، حكمة قد تبدو للوهلة الأولى واضحة بسيطة قريبة المعنى، لكنها ذات مدلولٍ ومغزى أعمق بكثير مما نظن، الطريق المقصود هنا لا يختلف كثيرًا عن طريق الحياة المليء بالحكم والعِبَر و”الكمائن والمطبَّات” !
كتاب “فولكلور الأسفلت.. 1000 حكمة من الطريق” للكاتبة بسمة حسن، بدأت رحلة هذا الكتاب بدراسة داخل المكتبة الأكاديمية وانتهت في مواقف السيارات، للوقوف على أصل حكم الميكروباصات والتحقق من ارتباطها بخصائص المادة الفولكلورية التي نعرفها، لتكون أحد فروع التراث الشعبي المستحدثة.
تقود الكاتبة مركبتها الخاصة في شوارع القاهرة، ترصد وتحلل هذا الشكل الجديد من المادة الفولكلورية وتفتح بابًا لدراسة شكلٍ نُحت على طريقته الخاصة وإن كان متشربًا لتراثنا الشعبي الذي لا ينضب أبدا.
خطاب الذات في السيرة النسائية الذاتية” للدكتورة نعيمة عاشور
يطرح الكتاب توجهًا نموذجيًّا لتحليل خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية في ضوء مقاربة نورمان فيركلوف ويندرج نموذجه الذي أطلق عليه “المقاربة الجدلية العلائقية”، ضمن “مقاربات التحليل النقدي للخطاب”، الذي طبّق فيه فكرة “الجدلية”، التي تقوم على تفسير العلاقات بين مكونات الخطاب تفسيرًا جدليًّا، مؤكدًا كيفية الترابط فيما بينها ترابطًا علائقيًّا، من حيث كونه نصًّا، وممارسة خطابية (تفاعلية)، وممارسة اجتماعية، وكان الهدف الرئيس من وراء هذه المنهجية هو توضيح كيف أن التغييرات في استخدام اللغة تعكس التغييرات الاجتماعية والتي ترتبط بعلاقات القوة والهيمنة/السلطة في المجتمع، ولا بد من الكشف عنها تمهيدًا لمقاومتها، وإحداثًا لتوعية البشر بالتأثيرات المتبادلة بين اللغة والبنى الاجتماعية، وتم رصد ذلك بالتفاعل بين ثمانية أعمال سير ذاتية نسائية لخطاب الذات.
وتتساءل الكاتبة: في ضوء ما يتسم به خطاب الذات في السيرة النسائية من سمات عامة: هل يمكن تناول خطاب الذات في السيرة النسائية دراسة جدلية علائقية؟ وبعبارة أخرى: ما مدى ملاءمة مقاربة فيركلوف للخطاب لمقاربة خطاب الذات في السيرة النسائية؟ وإن كان ملائمًا بشكل عام، فهل تتلاءم كل إجراءاته المنهجية التي تميل إلى دراسة خطابات ذات طابع اجتماعي مع تحليل نص إبداعي كالسيرة الذاتية.
رواية “تاج شمس” للكاتب هاني القط
يخفض رأسه؛ فيُبصر وحشة الظلمة في عمق البئر، يرفع رأسه فيدرك أنه في حاجةٍ إلى معجزة كي ينجو، ينادي حراسه فيخرج صوته من البئر ضعيفًا، وترتد صرخته إلى أذنه ممتزجة بالصدى.
وعندما تنطفئ كل آماله في النجاة؛ يضربه الاستسلام. يشعر كم الدنيا رخيصة وماكرة، غالية لحظة فراقها، موحشة في سفرها، ثقيلة في توالي لياليها، مخيفة بظلمتها. أخف من ريشة عند الفرح، وأثقل من جبل أوقات الأسى.
وبقلب الخطر يغمض عينيه ويتأمل كل ما كان: طفولته، أباه، أمه، هروبه، الرَّبْع، سليم، عبد الجليل، أنيسة، السجن، ويتأمل رجوعه والحريق؛ فيقول يائسًا: «أهكذا تكون نهايتك؟!»، ويستسلم بعد أن يوقن ألا أمل في النجاة، وقبل أن يرمي بنفسه في البئر لينهي وجعه بيده؛ يسمع النداء: «هات يدك».
حكايةٌ عن بلدٍ يستكين على ضفةِ نهر، فيها من سحر التاريخ لماضٍ ولَّى، ومن صدق الحقيقة لحاضرٍ مُعاش. “تاج شمس” بلدٌ مِلْكٌ للغالب، له حكاية، ولأهله حكايات، أتقياءٌ وقتلة، ناسِكون وفجَرة، مُغامرون وخانِعون، كلُّهم تتبدلُ مصائرهم، يذهبون ويبقى البلد، يغيض نهره ويفيض عن براحٍ هادئٍ تؤنسه الحكايات وغناء النسيم وسُكرة الفقد.
“تاج شمس” بلد الأسطورة التي تنتظرُ بلهفةٍ، ما لا يجيء!
رواية “نساء المحمودية” للكاتب منير عتيبة
“التاريخ السري لخورشيد في 200 عام… تسأل نفسها؛ وهو يتدفق بالكلام، هل هذه المعلومات مفيدة لإبراهام؟ هل سيعنيهم كيف تحولت عزبة “أبو حسين” إلى “خورشيد”، إذ أقطعها الخديوي إسماعيل لمحمد خورشيد باشا، الذي التقى بعائلة أبو حسين فعرف أن هؤلاء الرجال ليسوا عبيدًا، وليسوا أتباعًا بلا قيمة، وعليه جعلهم رجاله المخلصين الأوفياء، بما يقدمه لهم من دعم ومودة، وليس بإخافتهم بمنصبه ونفوذه، فكل منهم يؤمن بأنه سلطان نفسه، ولا يعلو عليه سوى سلطان العائلة وكبيرها حسين أبو حسين أيًا كان عمره، الكل يسمع له ويطيع، وكل منهم يؤمن أن فيه بعض روح الجد الأكبر المؤسس الذي انتصر على الذئاب، وأسر ابن قائدهم، ثم أعاده إليه بكرمٍ، ثم أخذ الذئاب واختفى معها ليعطي العزبة فرصة أن تكبر.
رضوى، سنية، عائدة، صباح. يصحبنا الكاتب معهن في رحلة طويلة، مرهِقة، نعرف من خلالها سيرتهم وأسرارهم و-بطبيعة الحال- سيرة مكان مهدد برغبات استحواذ لا تنتهي، في هذه الرواية ليس ثمة بطلٌ واحد، لكنها صراعات لأبطال نجد أنفسنا متورطين معهم في معاركهم، ولا نصل إلى نهايات مفاجئة فقط، بل تتكشّف لنا معانٍ واستجلاءات ربما مرت علينا، لكنها تبدو جلية للمرة الأولى بعد تفكيكها واستدعائها بشكل مغاير.
رواية ” لعبة النوافذ” للكاتبة رباب كساب
لم أجد سوى شرفة بطول مترين وعرض متر واحد، هي كل ما أملك في الدنيا؛ منها أنظر للعالم وأحاول جاهدةً أن أكون جزءًا منه، لكنه كان يقصيني عنه، كأنني لست منه، لم يقبلني كسماء، فجلستُ على قمته أعرف ما لا يعرفون، أترفّع عنهم وكأنني أنا التي أبتعد عنهم، يصفونني بالغرور، يطلقون عليَّ صفات ليست فيَّ. لم أكن كذلك في قريتنا، كنت منهم، أضيع بينهم لا فوارق بيننا، كلنا أبناء الطين والأرض، مرسوم على ملامحنا أننا أبناء هذا المكان، كأننا موشومون به وبأشجاره وبيوته ومزروعاته، أما في المدينة فأنا وافدة جديدة صامتة، أحاول أن أعرفهم، فقالوا إنني مغرورة، دفعوني للصمت، للعزلة، فصرت أبعد بأقصى ما يمكنني.
وبرغم ذلك أنا بينهم، أتحرك في دوائرهم، أترك عيني وأذني، بينما جسدي هناك!، لعل أقصى ما يخيف المرء أن يجد نفسه مكشوفًا أمام غيره ممن أجاد اختراق الجدران. حينها تتعرى النفس، تظهر أغراضها القبيحة دون مقاومة، وحينما يعي المراقَب الأمر، يدرك أن دافع الآخر كان ممارسة لعبة تغذي إحساس الهيمنة لديه، في هذه اللحظة ينكشف المراقِب، تتبدل المقاعد خلف النوافذ لتمنح التلصص -ذلك الوحش الأسطوري- حيوات متجددة لا تنتهي.
رواية “مُنروفيا” للكاتب أحمد فريد المرسي
“أما أنا فأرحل وقد فقدتُ هنا أشياء كثيرة، لم أكن أملك شيئًا عندما وطئتها، جئت أبحث عن شيء لا أعرفه، لكني وجدت ذاتي التي أكرهها، الآن أرحل بعد أن سقطت ورقة التوت عن سوءتي وتركت بحُمرة تراب هذه الأرض نبضًا من قلبي الذي يئن للفراق وفررت خوفًا على حياة لا تساوي شيئا بدونها. حياة ستظل كأطلال خلفتها الحرب بمنروفيا صامتة باردة مظلمةً”.
رواية “مُنروفيا”، يقول عنها الروائي محمد توفيق، إنها تتميز بلغة خاصة جدا، تمزج بين الشاعرية والإيقاع السريع المتمشي مع تتابع الأحداث. شخصياتها نابضة بالحياة مع تنوعها، يشعر القارئ تجاهها بألفة تصل إلى التعاطف، وربما القلق مما قد يبطنه الحظ لها. هذه رواية تُقرأ على أكثر من مستوى، وتطرح السؤال تلو الآخر. نشكلها بخيالنا، وتشكلنا بإنسانيتها.
مسرحية “الحب في ميدان التحرير” للكاتب الكبير الراحل محمد أبو العلا السلاموني
آخر ما كتب الراحل محمد أبو العلا السلاموني، مسرحية “الحب في ميدان التحرير”، والذي قُدِّر له ألا يراها مطبوعة، نرى قصة حب تُولَد في ظل ظروف صعبة، نرى أفكارًا تحاول التشكُّل وآمالًا تسعى للتحقُّق، لكننا نصطدم بجدار صلب لا تكسره النوايا الطيبة والأحلام البريئة، في لحظة فارقة على المستويات كافة، وأمام خصم يتلون في كل شكل ممكن لإجهاض الحياة المأمولة، وأخيرًا نصل لفرصة وحيدة أخيرة بعد عوائق غير محتملة.
يصوغ السلاموني حبكة فكرية درامية من الدرجة الأولى، كعادته في مسرحياته السابقة، نجدنا هنا متشبعين بحمولات فكرية عالية، لينهي في كتابه الأخير مشروعه الحكائي، ومع آخر صفحة يصاحبنا ألم حقيقي وشعور بالفقد؛ لأننا لن نقرأ لأحد أهم رواد المسرح مجددًّا، لتبقى “الحب في ميدان التحرير”، ورقة الختام الشاهدة على زمن مرَّ بنا بسرعة، وكنا في أمسّ الحاجة لمبدع سعى لتوثيقه.
“هوامش على دفتر الثقافة” للكاتب عزمي عبد الوهاب
هل يحتاج فعل الكتابة إلى طقوس؟ إن الطقوس تعني العادات الغريبة، التي يمارسها الكاتب، قبل وأثناء الكتابة، وهي تمثل عاداتٍ لا يستطيع الكاتب الاستغناء عنها، لأنها تغدو فعلًا لا يتجزأ من عملية الكتابة، وهي لا تخلو من طرافة، وتكشف لنا جزءًا غامضًا في شخصيته، وقد يكون الأمر مرتبطًا بإيحاءات نفسية، توهم الكاتب بأنه لا يستطيع الكتابة إلا في هذه الظروف. نستطيع أن نرى في بعض هذه الطقوس “تفاهات يومية”، فكلها طقوس تبدو خارجة عن فعل الكتابة، ولا معنى لها، ومع ذلك يسميها البعض “هوامش الكتابة وعتباتها”.
يقدم المؤلف عرضًا شديد الرقة والعذوبة لمصطلحات أدبية، يستقصي وجودها في الفكر والأدب والفنون والثقافة؛ نازعًا عنها ما قد يعلق بها من جمود أكاديمي أو غموض فلسفي، مُبحرًا في ريح عاصف وأمواج متتابعة تلطم عقولنا بلا هوادة، حتى ليلهث القارئ من كم المعلومات التي تتدفق بلا انقطاع؛ فمن المشي إلى الأوبئة مرورا بالرعب أو التسامح والروايات البوليسية وطقوس الكتابة والفلسفة والظل والحواس، ويتجول بالقارئ في مدن الروائيين حينا ومدن الشعراء حينا آخر، في تطواف لا يتوقف، فهو كتاب دائري، ما إن ينتهي القارئ من غلق دفتيه، حتى يفتحهما مرة أخرى؛ في بداية متجددة لاستعادة نشوة التعرف على ما هو غامض في ظهوره وما هو ساطع في خفائه من تعبيراتٍ ومفاهيم.
رواية “سفينة الجزيري”، للكاتب محمد جبريل
الهاتف -الذي لا يعرف مصدره- يلاحقه بالهواجس في الصحو والمنام، هواجس ملحّة، تصاعدت في داخله، لم يتبينها، دفعته إلى رؤى وتصورات. التماعات وامضة، تختفى في اللحظة التالية، يستعيد أفكارًا سابقة، يراجع ما يتصوره لازمًا، تاق إلى شيء لم يستطع تحديده، وإن بدا سبيلًا للخلاص.
يثق أنه لا بد من حدوث تغيير، وإن كان لا يعرف ما ينبغي تغييره، ولا كيف. ذَوَى تحمسه لإصلاح الأحوال، غابت كل التوقعات، بدت المغادرة احتمالًا وحيدًا، لا يتصور “بَحَري” مكانًا يقضي فيه بقية عمره. تنامت الرغبة في الرحيل إلى مكان مختلف، لا يستطيع التعبير عنها بالكلمات، يخشى الدهشة والاستغراب والسخرية.
يحاصرنا محمد جبريل في مساحته المفضلة، ويضعنا أمام مفهوم الخلاص للوصول إلى سلامة النفس، يدفعنا إلى التفكير في بداية جديدة، لكن كيف نجد لها طريقًا والبشر غير متغيرين؟ هل يمكن الرهان على خلاصٍ حقيقي بينما لم نتخلص من القيود التي بداخلنا، والتي شغلتنا طوال الوقت وجعلتنا عاجزين عن التأقلم ويائسين راغبين في الهرب، حتى ولو على سفينة الجزيري.
كتاب “الحكاية على حافة النوم الكبير” للكاتب الراحل مهاب نصر
“لماذا نحكي؟”، قلتُ من قبل أن ثمة نزعة خلال العقود الأخيرة إلى اعتبار الحكي أمرًا غاية في البساطة والأولية، وإذا كان سؤال “ماذا نحكي؟” قد بدا في وقتٍ ما، هو الأكثر أهمية، فإن سؤال “كيف نحكي؟” اعتبر تطورًا جماليًّا يتحلَّل من الالتزام الأيديولوجي، متفرغًا للأداءات وطرق الحكي المسلية والذكية، وهذا منطقي بالطبع وفق تصوُّر مفاده أننا “كلنا يلعب”، لكن في كلا الحالين لم يُطرح بالجدية نفسها -إلا في اختصاصات أخرى غير أدبية- سؤال “مَن يَحكي؟”.
يتتبع مهاب نصر في هذا الكتاب، مفهوم “السرد”، لا بصفته السرد الأدبي فحسب، بل بالمعنى الأوسع للكلمة، تبدأ رحلة المتتالية الطويلة بحكايات الأطفال التي تُروى لهم قبل النوم، أي البدء بالوظيفة الأوليّة والبدائية للحكي، ومن ثم مقارنتها بالحكي الروائي الحديث، الذي يختلف عنها في نقطة محورية هي الهدف إلى كشف الغطاء عن الحياة الواقعية المعيشة، أي هذا الفعل المعرفي المتعلِّق بـ “هنا والآن”، والذي يرتكز على موقع الفرد في الحداثة وإضفاء المنطق على قدريّته، وبالتالي يكون مرآة لضميره الداخلي، لأنه هو الذي يحدِّد هذا القدر. لتعود بعدها الحكاية الآن، في نكوص عن هذا الفعل المعرفي، إلى بدائية حكايات النوم التي تهدِّد الصمت في رهبة من الظلام والنوم.
كتاب “الشعر والمشروع القومي” للكاتب الدكتور محمد عبد المطلب
ضمن إصدارات مشروع أفق للدراسات الفكرية والنقدية.
سارت الشعرية العربية مخترقةً الزمان والمكان، وكانت مسيرتها الطويلة مليئة بالتحولات الصاعدة والهابطة، لكنها في هذا وذاك، أسست إبداعها على عدة ركائز أساسية صاحبتها في كل تحولاتها، بحيث أصبحتْ محدِّدةً لملامح هويتها العربية. ومن يتابع الخطاب الشعري العربي، يدرك كيف أنه كان سبّاقًا في دخول دائرة “المشروع القومي” وهو دخول مُحمَّل بالدور التاريخي للثقافة العربية.
انطلاقًا من المقولة التراثية: “الشعرُ ديوانُ العرب”، والديوانية هنا، تعني الذاكرة التي تختزن المسيرة الحياتية والثقافية للمجتمع العربي في ماضيه، وتضع هذا المخزون أمام العقل العربي الحاضر لكي يتخذ منه نقطة انطلاق لمواجهة هذا الحاضر من ناحية، والتطلع إلى المستقبل من ناحية أخرى دون أن يكون هذا الماضي شرطًا في الحاضر، فهو بمثابة المصباح الذي ينير الطريق للسالكين فحسب.
ومن اللافت أن مسيرة الشعر العربي، كانت موازية لمسيرة الأمة العربية سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، ومن ثم كان لكل مرحلة من مراحل هذه الركائز منتجها الشعري الذي يعبر عنها، وربما كان هذا الوعي وراء تقسيم مسيرة الشعر العربي إلى مراحل تاريخية، فهناك: “الشعر الجاهلي”، ثم شعر “صدر الإسلام”، ثم “المرحلة الأموية”، ثم “العباسية والأندلسي”، ثم “المملوكية”، ثم “العثمانية”، ثم “العصر الحديث” بتنويعاته: “الإحيائية، والرومانسية، والواقعية)، ثم مرحلة الحداثة وما بعد الحداثة.
كتاب “معجم الوأد” للكاتب الدكتور محمد فكري الجزار
ضمن إصدارات مشروع أفق للدراسات الفكرية والنقدية، موضوع هذا الكتاب هو المرأة وحريّتها -هي وقسيمها في الإنسانية الرجل- هدفه، في السبيل إلى بناء شخصية عربية غير فصامية، وبالتالي بناء مجتمع سوي لا يعرف التمييز الاجتماعي والحقوقي بين أفراده نساءً ورجالًا، ومن دون سقوط في التسوية الفجة.
فالحقيقة والواقع أن لمشكلاتنا خصوصيتها، ومقاربة حلولها يجب أن تكون لها خصوصيتها كذلك، وذلك على أساس من هويتنا العربية والإسلامية، من أجل مجتمع سوي تندرج فيه ذواته متكافئين وجوديًا وسيكولوجيًّا وحقوقيًّا وبلا تمييز، أيًّا كان أساس هذا التمييز، والسبيل إلى هذا الهدف طويل ومليء بالعقبات والعراقيل، وأول مهماته وأولاها المراجعة النقدية للثقافة التي أفرزت هذا التمييز وتفكيك خطاباتها، لمنعها من استنساخ التشوهات التي أنتجتها.
وتحتاج هذه المراجعة إلى رؤية مختلفة واختلافية معًا، رؤية تسترجع لكي تراجع، وتستعيد لكي تسائل وتمتحن، ولا تتعالى على ماضيها فهو -بكل متنه وهوامشه- يسكننا، بل تُسلط عليه/علينا نقدها، لصياغة المستقبَل خطابًا يتوسط بين حدي التطرف: الإفراط والتفريط، وهكذا رؤية قادرة على استحضار المُغَيَّب، واستنطاق المسكوت عنه.