كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| إنسان أيا إنسان

بعد تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي يدخل الإنسان في حلقة جديدة من حلقات صراعه مع الآلة والذي بدأ بالآلات التي تفوقه في القدرة البدنية والاحتمال وهو ما آثار موجة من الاعتراض في بدائي الأمر متهما تلك الآلات بأنها ستحل محل الإنسان وستحيله إلى التقاعد وذلك قبل أن يصل الإنسان إلى صيغة توافقية للتعايش مع الآلات، هذه الصيغة سمحت للآلات بالعمل في مجالات محددة تفوق قدرة الإنسان بالفعل وفي نفس الوقت وحتى في الوظائف التي يستطيع الإنسان القيام بها استمرت الآلة في العمل ولكن بقى للعمل البشرى اليدوي بريقه وقيمته..

والأمثلة على هذا كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر مجال الملابس والأزياء أو التحف والمفروشات ففي تلك المجالات ما زال المنتج اليدوي HandMade مميزا عن المنتج الآلى ومرتفعا عنه في السعر حتى وأن كان أقل جودة وأقل دقة في بعض الحالات مثل حالة أحد ماركات ساعات اليد الشهيرة مرتفعة السعر بالرغم من أنها اقل دقة من الساعات الأوتوماتيكية أو الرقمية والتي تباع بسعر لا يزيد على 1% من سعر اليدوية.

في حالات أخرى -مثل السجاد- نجد أن السجاد اليدوي أعلى جودة وأكثر دقة ولكنه أكثر ارتفاعا في الثمن نظرا لما يحتاجه من وقت أطول وعمالة أكثر ومجهود أكبر في التصنيع مقارنة بالسجاجيد المصنعة..

هذا كان قبل عصر الذكاء الاصطناعي أما في هذا العصر والذي تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي القيام بالعديد من الوظائف الإبداعية كالكتابة و التأليف الموسيقي والرسم وخلافه، فإن المنتج من تلك الأنظمة وبالرغم من أن درجة دقته وإتقانه تتحسن بسرعة كبيرة إلا أن الإبداع البشري الخالص مايزال هو المفضل والمميز على مستوى الجودة والحس البشري..

والإبداع والموهبة وهي عناصر ما تزال محل تساؤلات عن من أين تأتي وكيف يمكن اكتشافها وتنميتها وغيرها من الأسئلة التي وصلت بالعرب إلى الاعتقاد بوجود جن وشياطين بوادي عبقر هي التي تلهم الشعراء والأدباء ما يقرضونه من الشعر وهو أصل تسمية الشخص بالعبقري؟

في عصرنا الحالي يمكن للمبدعين الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في توليد إبداعات جديدة ثم يقوم المبدع بعد ذلك بتذوقها وتقييمها وأخذ أجزاء منها ثم يضيف إليها حسه وإبداعه الشخصيين كما يمكن له الاستفادة من تلك التقنيات لأخذ الرأي فيما يقوم به وما ينتجه من إبداعات وقد يستفيد بهذا الرأي لتحسين أو تغيير أجزاء مما أنتجه..

وهذا الرأي قد يكون مطلقا أو يعتمد على عدة عناصر يتم تغذية النظام بها كعوامل مساعدة في الخروج بهذا الرأي مثل ذائقة الجمهور أو بعض من عناصرهم كالنوع والسن والمستوى التعليمي والثقافي وغيرها من العناصر وهو ما يساعد المبدع في تقديم أعمال أقرب ما تكون لما يحتاجه الجمهور وينفعل معه ويعجب به بدلا من أن يقدم إبداعاته بمعزل عن تلك العناصر ثم ينتظر ردة الفعل مثل المفاجأة التي قد تأتي بالقبول والاستحسان أو بالرفض والاستهجان.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى