كلام رجالةكلمتها

عام دراسي جديد في فلسطين.. 600 ألف طالب هدم الاحتلال مدارسهم ويحملون أحلامهم مع الريح!

بينما نستقبل العام الدراسي الجديد ببهجة وسعادة ونحن نتجهز لها بالزي المدرسية والأدوات المكتبية ورحلة البحث عن المستلزمات التي تحولت بفعل فاعل إلى “Supplies.. Uniform,…” وغيرها كانت هناك صورة مغايرة تمامًا لأكثر من 625 ألف طالب ينتظرون تحت دانات المدافع وأزيز الطائرات وطلقات الرصاص ورائحة الخراب والدمار في كل خطوة يخطونها في فلسطين.

كل هؤلاء لم يسأموا انتظارًا يمتد لأكثر من 700 يوم لتعود الحياة إلى تلك المدينة التي دمر الاحتلال أكثر من 70% من منشآتها الحيوية من مستشفيات ومصانع ومدارس كانت تخدم مختلف المراحل التعليمية، بل إن الجامعات نفسها لم تسلم من هذا العدوان البربري الذي أزهق أرواح نحو 70 ألف شهيد على مدار عامين، أغلبهم من الأطفال وتلاميذ المدارس.

وفي الوقت الذي تُقدم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) خدمات تعليمية في غزة، لأكثر من 278 ألف طالب وطالبة. في 183 مدرسة، فما يزال مشهد النزوح القسري هو المسيطر على المشهد الدموي بامتياز، فبات الوصول إلى خدمات تعليمية حلمًا صعب المنال في ظل انقطاع الكهرباء وقصف الاحتلال للشبكات والأبراج السكنية.

في واحدة من المقاهي التي كانت يومًا مكتظة بالبشر الذين يحلمون أحلامًا وطموحات لغد أفضل، جلس عدد من طلاب الثانوية في غزة، ولكن هذه المرة لم يكن الاجتماع لطلب مشروبهم المفضل أو تمضية وقت للتسلية كما يفعل أقرانهم، ولكن اللقاء الجبري كان سعيًا لالتقاط إشارة انترنت قوية للدخول إلى منصة الامتحانات التي أعلنت عنها وزارة التعليم العالي بدولة فلسطين، والبدء بأول اختبار بعد عامين من الانتظار في خيام النزوح والبيوت المهدمة، ولكن تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن.

المنصة التي تم تجهيزها للامتحانات لـ26 ألف طالب، وهم العدد الذي سجل للاختبارات، شهدت دخولًا مضاعفًا، فسره عدد من مسؤولي الوزارة على أنه ربما بسبب دخول أقارب الطلبة أو هجمات سيبرانية، وربما الترجيح الأبرز دخول الطلبة دون تسجيل مسبق، فهناك قرابة 4 آلاف طالب ثانوية عامة قد استشهدوا، وغادر مثلهم القطاع، ليبقى نحو 70 ألف طالب.

كل هذه الكوارث تضاف إلى وضع كارثي وجد الطلاب أنفسهم فيه، لتذهب مع الريح أحلام أكثر من 78 ألف طالب من مواليد 2006 و2007 كان يفترض أن يمتحنوا في السنة الدراسية 2024 و2025، لكن الحرب منعت ذلك.

رغم فداحة المأساة وعِظم الكارثة الإنسانية إلا أن هناك أحلامًا تنمو تحت ركام الحروب وقصف الطائرات تخبرك أن اختيار الشباب الفلسطيني لتعلم البرمجة والأمن السيبراني وغيرها من المجالات الحديثة قد تغير المشهد بأكمله، ولذلك بات الاحتلال يهدم المنشآت التعليمية بعنق ووحشية وضراوة، ربما لم تشهد مثلها أعتى الحروب العالمية.

في الوقت الذي تقرأ فيه هذا الكلام، على موقعنا أو في مجلة كلمتنا، ما تزال هذه الكارثة الإنسانية تتفاقم، وهؤلاء البشر يعيشون على هامش الحياة، في دولة كانت يومًا ملتقى للأديان السماوية الثلاثة، حيث شهدت مسرى رسول الإسلام ومولد السيد المسيح، بجانب التعايش مع اليهود وغيرهم من الإثنيات، فلا يكفي أن يمر الأمر دون أن تحاول الفهم على الأقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى