كبسولة عم فؤاد| من فات قديمه تاه

فيه مثل مصري قديم بيقول: “من فات قديمه تاه”، ودي والله كلمة مظبوطة ميه في الميه. اللي يتنازل عن أصله وجذوره، أكيد هيتوه وسط الجديد اللي عايش فيه. وده اللي بنشوفه النهارده قدام عينينا.
اللي يرفض النصيحة البسيطة النهارده اللي مش هتكلفه حاجة، هيدفع تمنها غالي بكرة، بس بعد ما يفوت الأوان. عشان كده لازم نعرف إن اللي جاي ما هواش صفحة جديدة منفصلة، ده امتداد للي فات، والغد مش هيكون غير انعكاس لأمس مش لنهارده.
تعالوا نعترف… أخلاقنا وسلوكياتنا بقت في النازل. زمان كنا غير دلوقتي بكتير. الناس كانت أطيب، الأخلاق أنضف، والقيم كانت بتتزرع في البيوت جيل ورا جيل. النهارده بقى قليل لما تلاقي حد ماشي بالسلوكيات الطيبة. وده يخلينا نسأل: يا ترى فين راحت الأخلاق اللي كنا بنتباهى بيها؟
الإجابة واضحة… إحنا اللي ضيعنا القديم. زمان كانت الحياة الأسرية مترابطة، والعلاقات دافية، والجيران زي الأهل. دلوقتي بقينا نتحسر ونقول: إيه اللي جرى لينا؟ إزاي اتغيرنا كده؟
الجواب نرجع للمثل: “من فات قديمه تاه”. اللي ماعندوش ماضي عمره ما هيعرف يبني حاضر. القديم هو التراث، هو التاريخ. وحب التقاليد عمره ما يضعف الأمم، بالعكس ده بيقويها وقت الشدة، وبيخليها قادرة تكمل.
زمان القيم كانت واضحة: احترام الكبير، العطف على الصغير، النخوة، الشرف، كلمة الراجل ما تتغيرش. كلها فضائل خلت المجتمع متماسك. لكن النهارده، القيم دي انهارت إلا ما رحم ربي. والسبب الأساسي؟ فقدان التواصل بين الأجيال.
الإنسان اجتماعي بطبعه، محتاج غيره ومحتاج يتواصل معاهم. زمان التواصل كان مباشر: قعدة مع الأهل، حكايات الجدود، نصايح الجيران. النهارده؟ مفيش غير شاشات وتليفونات.
الزمن اتغير، الناس بقوا شايفين النصيحة كلام تقيل الدم. الناصح بيتشال من قدامهم كأنه بيتدخل في خصوصياتهم. الشباب خصوصًا، بيشوفوا النصيحة استعراض أو تعالي. وكمان شايفين نفسهم عارفين أكتر من الكبار بسبب الإنترنت والقرية الكونية اللي وصلتلهم كل خبر في ثواني. فيعتبروا النصيحة إهانة لعقلهم أو انتقاص من تفكيرهم.
لكن الحقيقة غير كده. الناصح لو عرف يوصل كلامه من غير غرور أو استعلاء، ساعتها النصيحة هتكون مقبولة. زمان كانوا بيدوروا على الكبار وأهل الخبرة عشان يسمعوا منهم وياخدوا بكلامهم، عشان كان في حكمة في الكلام وطريقة صادقة في التقديم.
وهنا يظهر دور الأهل والجدود. دول اللي بيبنوا شخصية العيال، ويزرعوا جواهم صفات طيبة وأمان عاطفي. غير إنهم بيدوهم خبراتهم وحكاياتهم اللي فيها عِبر، بتربطهم بجذورهم وتعلمهم يسمعوا ويتكلموا بصدق، وتخليهم أصدق مع نفسهم ومع الناس
الخلاصة: اللي حاصل حوالينا النهارده مش صدفة دي نتيجة طبيعية للهوة اللي بين الأجيال. والحل؟ لازم الطرفين الكبار والصغيرين يمدوا إيد لبعض ويقربوا المسافة اللي بينهم. ساعتها بس هنلاقي طريقنا، ونفهم إن فعلاً… من فات قديمه تاه.
مش كدا ولا اييييييييييييه