من ساعي لصحفي لأعظم روائيين العصر الڤيكتوري.. تعرف على رحلة “تشارلز ديكنز”
أمنية أحمد:
“يجب على المرء أن يعتصم بالصبر حبًا بالحرية“. تشارلز ديكنز.
تشارلز ديكنز هو أحد أبرز الكتاب والروائيين في تاريخ الأدب الإنجيليزي، اشتهر بكتابة الروايات الكلاسيكية وعُرف ب “بوز“.
حياة تشارلز ديكنز:
ولد المؤلف البريطاني تشارلز جون هوفام ديكنز في السابع من فبراير عام 1812 في جنوب إنجلترا.
نشأ بين أسرة فقيرة يعمل والدها كاتب في أحد مكاتب الدفع بدخل بسيط، ويعول 8 أطفال.
وفي عام 1822 انتقلت العائلة إلى بلدة كامدن، وهي حي فقير من أحياء لندن، لأن والده طُلب للعمل هناك.
كانت طفولة ديكينز هادئة سعيدة، حتى تدهورت الحالة المادية للأسرة، وتراكمت الديون على والده مما أدى إلى سجنه في نهاية المطاف.
حيث كان تشارلز يبلغ آنذاك 12 عامًا، واضطر إلى ترك المدرسة والعمل في مصنع لطلاء القوارب.
حتى انعكست طفولته السيئة في كتاباته، فألف قصص أبطالها أطفال صغار.
عانوا كثيرًا وواجهوا صعوبة الحياة منذ الصغر بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة، التي افقدتهم معنى الطفولة السعيدة.
ولم يمضِ وقت طويل حتى عاد ديكنز إلى المدرسة، بعدما تلقى والده إرثًا عائليًا ساعده في تسديد ديونه.
وفي عام 1827 ترك التعليم ثانية، عندما كان يبلغ 15 عامًا وعمل كساعي في مكتب لمساعدة أسرته في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
ورغم صغر سنه والظروف الإجبارية التي اضطرته إلى التخلي عن طفولته مبكرًا، إلا أنها كانت شرارة الإنطلاق نحو مسيرته العظيمة ككاتب.
ومن عمله كساعي تحول تشارلز إلى كاتب تقارير مستقل في المحاكم القانونية في لندن.
وفي عام 1829 بدأ العمل كمراسل صحفي في صحيفتين من الصحف الرئيسية في لندن.
حتى عام 1833 خطى أولى خطواته نحو الفن بتقديم مسرحيات هزلية لصحف ومجلات مختلفة باسمه المستعار “بوز“، وفي عام 1836 نشرت قصاصات من أول كتاب له “اسكتشات بوز“.
وفي نفس العام تزوج من كاثرين هوغارث، ورزقا بعشرة أطفال فيما بعد، وفي خمسينات القرن التاسع عشر توفت ابنته ووالده كما انفصل عن زوجته، فأصبحت الخسارة مريعة مدمرة.
مسيرة ديكنز الأدبية:
في عام 1936 بدأ تشارلز ديكنز بنشر أول قصة له في شكل سلسلة شهرية من الهزليات اسماها “مذكرات بيكويك“.
كما اشتهرت كثيرًا آنذاك وذاع صيتها، وكانت كتاباته أكثر شعبية من الرسوم التوضيحية التي رافقت القصة.
حتى أصبح ديكنز ناشرًا لمجلة بينتلي ميسيلاني، كما نشر أول رواية له “أوليفر تويست” في تلك المجلة على شكل قصص متسلسلة، ومايقرب من 90 صفحة شهريًا.
حيث كانت تروي قصة طفل يتيم عاش في الشوارع، وهو ما استمده ديكنز من شعور كطفل فقير تخلى عن دراسته من أجل المال والعائلة.
عمل تشارلز في عدة مجلات كمحرر لها، حتى أسس مجلته الخاص وهي “على مدار العام“.
كما ذاع صيت روايته أوليفر تويست بشدة في أنحاء الولايات المتحدة وإنجلترا، حتى أصبحت أعماله من الأكثر شهرة في المدينة، وهو ما ساهم كثيرًا في إبراز اسم تشارلز ديكنز.
بدأ تشارلز فيما بعد بكتابة أعظم الأعمال الروائية، التي اشتهرت في مختلف أنحاء العالم، وترجمت إلى لغات عدة.
فتميز أسلوبه بالسخرية اللاذعة والدعابة البارعة كما صور جانبًا من حياة الفقراء، ونظرًا للشهرة التي لاقاها، واصل مسيرته بشغف أكبر وأحلام لا تنتهي.
مؤلفات تشارلز ديكنز:
من عام 1938 حتى 1841 نشر حياة ومغامرات نيكولاس نيكلبي، ثم المتجر الغامض القديم وتلاهم برنابي رودج.
وفي عام 1843 كتب روايته الجديدة “حياة ومغامرات مارتن شارلويت“، وهي تروي حكاية رجل يصارع من أجل العيش ضمن حدود أمريكا.
ثم تلاها روايتين عن أعياد الميلاد، اسمى أحدهما “ترنيمة عيد الميلاد“، وتعبتر من أشهر روايات تشارلز ديكنز على الإطلاق.
التي تدور حول عجوز بخيل يعثر على العيد الميلاد وحيدًا بين الأشباح، حتى يقرر أن يتحول إلى الكرم أبد الدهر.
وفي عام 1947 نشر رواية “علاقات مع شركة دومبي“، وتناول كيفية تأثير تكتيك العمل على موارد الأسرة المالية.
وتوالت روايته حيث نشر، رواية “دافيد كوبرفيلد” و “منزل كئيب” و “دوريت الصغيرة“.
وفي عام 1859 خرج ديكنز عن نمطه السوداوي في كتابة الروايات، حيث نشر “قصة مدينتين“، وهي رواية تاريخية تدور أحداثها في زمنالثورة الفرنسية.
وصولًا لرواية “آمال كبيرة“، التي اعتبرت من أشهر رواياته، حيث نشرت على شكل أجزاء في الدورية الأسبوعية التي أسسها.
كما نشرت في 9 أجزاء من عام 1860 حتى 1861، وبعض سنوات قليلة كتب روايته “أصدقاؤنا المشتركون“، وهي رواية عن الجانب النفسي للثورة على المجتمع الإنجليزي.
رحيل الأديب ديكنز:
تعرض ديكنز لحادث قطار عام 1865 ولم يتعاف منه بشكل كامل، حتى 9 يونيو عام 1870، أصيب تشارلز ديكنز بسكتة دماغية وتوفي عن عمر يناهز 58 عامًا في إنجلترا.
ليرحل واحدًا من أعظم الروائيين الإنجليز في العصر الڤيكتوري، الذي تناول قضايا اجتماعية إنسانية.
بالإضافة إلى الروايات الملحمية والشخصيات الخيالية الأشهر في التاريخ.
ورغم رحيله مازالت رواياته يتردد صداها حتى هذه اللحظة، نظرًا لموهبته العظيمة.
واعتبرت أعماله من الكلاسيكيات، كما كان عضو في الجمعية الملكية للفنون وحفرت كتاباته في قلوب محبيه لتخلد إلى الأبد.
“لا يوجد شخص غير مفيد في هذا العالم ما دام يستطيع تخفيف عبء الحياة عن كاهل شخص آخر“. تشارلز ديكنز.
اقرأ أيضًا: “أنطون تشيخوف” .. طبيب برتبة كاتب وأديب روسي مبدع