كلمتها

“جيهان السادات”.. سيدة مصر الأولى بروح الرقي والإنسانية

سيدة أحدثت فارقًا في تاريخ مصر، ارتبط اسمها بالإنسانية وحب الوطن، كما عززت مكانة المرأة وكيانها، وناشدت من أجل الطفولة والسلام إنها السيدة الملهمةجيهان السادات“.

تصطحبك منصةكلمتنافي السطور التالية نحو رحلة مؤثرة لمحطات بارزة في حياة جيهان السادات وحبها الفريد لزوجها الرئيس الراحل أنور السادات.

قصة حب خالدة:

الأمجاد لا تموت وإن غيب الثرى أجساد أصحابها، فلا فناء للمجد ولا خلود للأحقاد، تبقى مصر ومن عطائها يبقى العطاء في شموخ الهرم وصمود الزمن، كانت تلك إحدى العبارات التي كتبتها جيهان عن زوجها وأنيس روحها الراحل أنور السادات.

جيهان السادات

التقيا الثنائي لأول مرة في صيف عام 1948 عند قريبٍ لها في السويس، حيث كانت تبلغ آنذاك 15 عامًا، لتقع في غرام السادات من النظرة الأولى عندما كان ظابطًا صغيرًا، وقررا الزواج في 29 مايو 1949، رغم أنه كان لديه 3 فتيات من زوجته الأولى.

لتنجب هي الأخرى ثلاث فتيات وصبي واحد، وكما روت جيهان أن السادات كان نعم الأب والزوج لما يملأ قلبه من حنان ورومانسية مذهلة رُغم قوته، كما كان يغني لها مرارًا أغنيات تأسر قلبها، أشهرهم أغنية يارتني أطير وأطير حواليك للفنان فريد الأطرش، وكان يصطحبها دومًا إلى السنيما لعشقه للأفلام والدراما، فكانت تجمعهم علاقة حب قوية مترابطة وفريدة يتوجها المودة والرحمة ولين القلب.

كما شاركته جيهان السادات كل الأحداث الفارقة التي شهدتها مصر بداية من ثورة 23 يوليو حتى حادثة اغتياله عام 1981، ليفارقها جزءًامن روحها وراءه، ويغلف قلبها الحزن الشديد إثر رحيل رفيق دربها وأنيس الروح الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

محطات جيهان السادات الملهمة:

في حي الروضة في القاهرة عام 1933، ولدت المرأة العظيمةجيهان صفوت رؤوف، ونشأت بين عائلة من الطبقة المتوسطة، وفي أربعينات القرن الماضي التحقت بمدرسة الإرسالية المسيحية، وعندما بلغت 11 عامًا انتقلت إلى مدرسة الجيزة الثانوية لاستكمال دراستها.

وصولًا إلى المرحلة الجامعة حيث حصلت على ليسانس الآداب عام 1977 من جامعة القاهرة، ثم الماجستير في الأدب المقارن، ليشاهدها الملايين عبر شاشات التلفاز وهي تناقش رسالتها، ليشعر كل مصري بالفخر تجاه تلك المرأة العظيمة، ثم إلى المحطة الأخيرة لتنل درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1986.

لتبدأ مرحلة التدريس في جامعة القاهرة بالتوازي مع إلقاء بعض المحاضرات في الجامعات العالمية، لتتناوب بين مصر وأمريكا من أجل العلم، لكنها اتخذت قراراها بالاستقرار بمدينة القاهرة في نهاية المطاف.

سيدة مصر الأولىأم الأبطال“:

في سبعينات القرن الماضي عملت جيهان السادات على الارتقاء بمكانة المرأة باعتبارها سيدة مصر الأولى، فكانت هي المعنى الحقيقي للمرأة العربية الملهمة المؤثرة، بالأخص في حرب أكتوبر 1973، حيث اصطحبت عدد من السيدات المتطوعات لخدمة ضحايا الحرب في المستشفيات.

وهو السر وراء لقبأم الأبطالالذي أطلقه عليها المصابين وأسر شهداء حرب أكتوبر، حيث كرست مجهودها لرعاية أولئك المصابين وتوفيرالدعم لهم، بالإضافة إلى إنشاء جمعية الوفاء والأمل التي تلقت تبرعات هائلة من مختلف أنحاء العالم، من أجل تقديم الخدمات الطبية اللازمة وإعادة تأهيل المصابين ذوي الإعاقة.

كما شاركت في مشروع تنظيم الأسرة، وناشدت من أجل تمكين المرأة وأهمية مشاركتها في الدور السياسي، بالإضافة إلى الاعتراف بحقوقها من أجل المساواة بين الجنسين، فلا مزيد من تهميش المرأة والتقليل من شأنها ودورها الفارق في حياة المجتمع والأجيال القادمة.

كما أنها كانت إحدى الأسباب الرئيسية في تعديل القانون الذي يلزم الزوج بإبلاغ زوجته قبل تسجيل الطلاق، بالإضافة إلى السماح للمرأة برفع دعوى قضائية للمطالبة بحق النفقة، كما للزوجة الحق في البقاء في منزل الزوجية في حال إثبات عدم وجود مكان آخر للعيش فيه، وهذاالقانون برمته أطلق عليهقانون جيهان“.

أبهى صور الإنسانية:

عُينت جيهان السادات رئيسًا لجمعية الهلال الأحمر، وجمعية بنك الدم، وأصبحت الرئيس الشرفي للجمعية المصرية لمرضى السرطان، وجمعية الخدمات الجامعية، كما أسست مركزًا لرعاية مرضى السرطان، وافتتحت أول قرية أطفال في القاهرة، ومثيلها في الإسكندرية، وأخرى في طنطا.

كما أنشات مشروعًا لكفالة الطفل اليتيم، ولطالما ناشدت جيهان السادات من أجل تمكين المرأة، أسست مشروع جمعيةتالاالتعاونية في دلتا النيل، من أجل مساعدة نساء الريف على تحقيق الاكتفاء الذاتي، عن طريق تعلم الحياكة والتريكو وإنشاء معارض من أجل تقديم المنتجات وتسويقها، ومن هنا انطلق مفهوم سيدات الأعمال في الريف.

نظرًا لأهمية دور المرأة في الحياة السياسية، وبعد  انتخابها للمرة الثانية عام 1978، حصلت جيهان السادات على مقعد في المجلس الشعبي في المنوفية، حيث استمرت خدمتها 3 سنوات جاهدت من أجل الارتقاء بمكانة المرأة المصرية والعربية داخل البرلمان.

رفعت تلك المرأة العظيمة اسم مصر في المؤتمر الدولي السنوي للمرأة عام 1975 بالمكسيك، نظرًا لما قدمته للسيدات في مصر ولدورها المثالي في المجتمع، بالإضافة إلى المؤتمر الأول للمرأة العربية والأفريقية في القاهرة الذي جمع 200 سيدة من 30 دولة مختلفة.

كما حصلت على 28 درجة دكتوراه فخرية في جامعات وطنية ودولية من مختلف أنحاء العالم.

تكريم السيدة جيهان السيدات:

عرفت جيهان السادات بالرقي والإنسانية وحب الوطن، فحصدت على عدد كبير من الجوائز الوطنية والدولية لما قدمته للنساء والأطفال والمجتمع، حيث حصلت على جائزة مجتمع المسيح الدولية للسلام عام 1993، وصولًا إلى عام 2001 حيث فازت بجائزة بيرل باك Pearl S. Buck الدولية.

ليشهد أكتوبر 2017 تكريم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي لها، بالإضافة إلى تكريمها من المجلس القومي للمرأة، وصولًا إلى تكريم الهلال الأحمر المصري عام 2017.

كما صدر لجيهان السادات عدة مؤلفات منها كتاب: “سيدة من مصر” الذي يروي رحلتها نحو الحياة، وكتابأملي في السلامعام 2009، الذي يعد بمثابة مرجع سياسي لما يحدث في الشرق الأوسط وما هو السبيل إلى السلام.

لترحل سيدة مصر الأولىجيهان الساداتعن عالمنا في التاسع من يوليو 2021 عن عمر يناهز 88 عامًا إثر صراع مع المرض.

لتصبح أول سيدة في تاريخ مصر المعاصر تقام لها جنازة عسكرية، حضرها السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، وشيعها إلى جوار زوجها بطل الحرب والسلام، الرئيس الراحل محمد أنور السادات، كما أصدر الرئيس السيسي قراراً بمنحهاوسام الكمالوإطلاق اسمها على محور الفردوس.

جيهان السادات

لتترك السيدة جيهان السادات برحيلها بصمة مؤثرة تحمل معنى الرقي والولاء على مر التاريخ، لتصبح من أوائل من ناشدوا من أجل تمكين المرأة ومساعدة الأطفال والنساء، وهي رسالة للعالم أن الإنسانية هي التي تدوم وتخلد في قلوب البشر حتى بعد سنوات وقرون من الرحيل.

اقرأ أيضًا: “هند حنفي”.. أول امرأة تتولى رئاسة جامعة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى