كلمتها

مي زيادة .. دافعت عن كرامة المرأة وانتهت مسيرتها في مصح نفسي

همسة السيد:

عرفت بمدى حبها لجبران خليل جبران، كانت قصتهم باقي سلسلة حب روميو وجوليت، كليوباترا وأنطونيو ويمكننا أن نقول مي زيادة وجبران خليل جبران.

كانت البداية من منزل مثقف لأسرة تشجع على القراءة والتثقيف، كانت مي لدى أسرتها هي الأمل المنشود والحلم المُنال تحقيقه، لاسيما بعد وفاة أخيها، أمها دائمًا ما تقول عنها “من ينجب ميًا.. لاي ينجب غيرها”

المنشأ:

ولدت مي في فلسطين تحديدًا في مدينة الناصرة عام 1886، كانت الإبنة الوحيدة، بعد أن أنهت دراستها بدير المدينة التحقت بمدرسة الراهبات، إلى جانب دراستها كانت مهتمة بتعليم أصول اللغة العربية واللغات الأجنبية.

ولتميزها الشديد وتقدمها بدأت في نشر مقالاتها بالصحف والمجلات، وكانت مقالات أدبية، نقدية، اجتماعية، بالإضافة لما يتعلق بالفن والموسيقى، كما تعلمت العزف على البيانو.

كانت تميل لأشعار الصوفيين العرب، وأتقنت اللغة الفرنسية على يد أحد الراهبات، حتى حفظت الشعر الفرنسي عن دي موسيه ولامرتين.

حياتها وانتقالها لمصر:

انتقلت مي إلى مصر 1956، وأقامت في القاهرة، وعلمت على تدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتابعت دراسة الأدب والتاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة.

وبعد أن تخرجت من الجامعة كتبت في صحف ومجلات عديدة منها المحروسة، وخصص لها باب “يوميات فتاة” وكانت تمضي بأسماء مستعارة مثل شجية، خالد رأفت، عائدة، كنار.

وابتكرت باب جديد في جريدة السياسة الأسبوعية وسمي”خلية النحل”

ونشرت لها مقالات نقدية وأبحاث في المجلات والصحف المصرية منها المقطم، الأهرام، الزهور، المحروسة، الهلال والمقتطف.

كما أنها أنشأت الصالون الخاص بها، كان يعقد كل يوم ثلاثاء .

مؤلفاتها من الكتب:

كانت باكورة انتاجها 1911، جاء في ديوان شعري باللغة الفرنسية تحت عنوان”زاهير الحلم” وبعدها “باحثة البادية” “كلمات واشارات” “المساواة” “ظلمات وأشعة” “بين الجزر والمد”

أدباء يصفون صالون مي:

طه حسين :
كانَ صالوناً ديمقراطياً مفتوحاً، وقد ظَللت أتردد عَليه أيّام الثلاثاء إلى أن سافرتُ إلى أوروبا لِمُتابعة الدِّراسة، وأعجََبني مِنهُ اتِّساعَه لِمذاهب القَول وأشتاتِ الكلام وفُنون الأدب، وأعجَبَني مِنهُ أنّه مَكان لِلحديثِ بِكل لسان، ومُنتدى لِلكلام في كُل عِلم.

أمير الشعراء أحمد شوقي:
مي زيادة أُسائلُ خاطريْ عمّا سباني
أحُسْنُ الخَلْقِ أمْ حُسْنُ البيانِ
رأيتُ تنافسَ الحُسْنينِ فيها
كأنّهما ” لِمَيّةَ ” عاشقانِ
مي زيادة

الدفاع عن حقوق المرأة ومناصرتها:

كان لها الدور الكبير والفضل في المطالبة بحقوق المرأة، واستحقت أن تكون رائدة من رائدات النهضة النسائية العربية الحديثة.
فتطلعت إلى تاريخ المرأة في الفترة التى سبقت سجنها،فأكثرت من الكتابة والمحاضرات عن حقوقها.

قالت عن المرأة:
النّور النّور، نُريد النّور دومًا وفي كُلّ مَكان، نُريدُ أن يَفهم الرَّجل كَرامة المَرأة، وأن تَفهم المَرأة كَرامَة الإنسانية
برز دفاعها عن المرأة في كتابها “المساواة” وعمليات التنوير النسائية، فكتبت عن عائشة التيمورية و وردة اليازيجي.

 

الأدباء في حياتها:

أحبها الأدباء وتواصلوا معها بالرسائل ولكن قلب مي لم يخفق إلا لجبران خليل جبران.

قال في حبها العقاد:

مي زيادة أكلُ هَؤلاَء عشاقٌ؟ وعلى كلٍ من هَؤلاَء يَنبَغي لميََ أَن تُجيب جَوَاب المحبوبةَ الََتي تَتَقبلُ العشق ممَن يدَّعيه؟ هَذَا هُو الخَاطر الذي تصححُه لمحَةٌ سريعةٌ أيضاً إلى طبيعة الندوة وطبيعةِ التَحية العُرفية التي تُناسِبها.

إسماعيل صبري:

رُوحِي عَلى بعضِ دورِ الحي قائمةً كظامِئ الطّير تواقاً إلى الماء إن لم أمتع بميّ ناظري غداً أنكرت صُبحك يا يوم الثلاثاءِ

قصة الحب الأبدية مي وجبران:

كانت الرسائل وحدها كافية لأن تشرح مدى الحب في العلاقة التي وصفها البعض ب “الأفلاطونية”

بدأت المراسلات بينهم عندما كتب جبران قصيدة “المواكب” فأرسلت له مي تعبر له عن مدى إعجابها الشديد، ثم كتبت له رسالة آخرى تعبر له فيها عن مدي إعجابهابقصة “الأجنحة المتكسرة”

فكتبت له: إنّنا لا نَتفق في مَوضوع الزّواج يا جُبران. أنا أحترمُ أفكارَك وأجلُ مَبادئك، لِأنني أعرِفُك صادِقاً في تَعزيزها، مُخلصاً في الدِّفاع عَنها، وكُلُها تَرمي إلى مَقاصِدَ شَريفة. وأُشاركك أيضاً في المَبدأ الأساسيّ القائِل بِحرية المَرأة، فكالرجل يَجبُ أن تَكون المرأة مُطلقة الحُريّة في انتِخاب زَوجها من بَين الشُّبان، تابِعة بذلك مُيولَها وإلهاماتِها الشّخصية، لا مَكيفة حَياتها في القالِب الّذي اختارَهُ لَها الجيرانُ والمَعارف……”

 

كان كلاهما يخشى التصريح للآخر، فيكتفيان بالتلميح فقط، جبران لا يعرف أن يعبر عن المشاعر صراحةً فكان يكتقي بإستخدام كلمات بديلة لا يفهم مغزاها إلا سواهم.

أنت تحيين فيّ، وأنا أحيا فيكِ”، ووصف علاقتهما أيضاً بقوله ” الدّقيقة، والقويّة، والغَريبة” وأنّها “أصلَبُ وأبقى، بِما لا يُقاس مِن الرّوابِط الدّموية والجَنينيّة حتى والأخلاقية”

 

وداعًا مي:

بعد أن توفي والدها ووالدتها ولحق بهم جبران، عادت إلى لبنان 1938، حبث أساء أقاربها إليها وأدخلوها مستشفى الأمراض العقلية بالقرب من بيروت.

وبعد أن خرجت من المستشفي سافرت إلى مصر ثم إلى عدد من الدول الأوربية على أمل أن تحسن من حالتها النفسية، لكن دون جدوى ساءت حالتها النفسية كثيرًا، فعادت إلى القاهرة وتوفت في مستشفى المعادي 1941.

ولم يمشي في جنازتها سوى ثلاث:أحمد لطفي السيد، خليل مطران وأنطوان الجميل.

كتبت في رثائها هدى الشعراوي العديد من المقالات وقالت عنها:

كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة». وكُتبت في رثائها مَقالات كَثيرة بَينها مَقالة لأمين الريحاني نُشرت في «جريدة المكشوف» اللبنانية عُنوانها “انطفأت مي”»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى