عزيزي الرجل.. “هل أنت حقًا عانس؟”
قال أحد الرجال وقد أوشك على تجاوز 39 عامًا “أنا رجل عانس” فالرجل العانس، في شرقنا البائس، هو رجل، على الأغلب، تخطى الأربعين ولم يتزوج.
ووفقًا للتقليد والعادة، التي يقدسها المجتمع ويطلقها على الرجال والنساء، كان من بين هذه المصطلحات”العانس” في البداية أطلق على السيدات” امرأة عانس” أي أنها تجاوزت 25 عامًا ولم تتزوج.
والغريب في الأمر أن هذا المصطلح أيضًا، نال الرجل وأتسم به، عندما تجاوز 40 عامًا “عانسًا”
بدا المصطلع غريبًا، ولربما لا يليق بالرجل، ففي تراثنا الإجتماعي الرجل رجل والمرأة مرأة، وما يتسم به كلاً منهما لا يجوز للجنس الآخر أن يتعدى عليه.
قد يبدو بعض للبعض عنصرية، ولكن في النهاية لانرى أن هناك ما يدعو أن يصف الرجل ب “العانس” مهما كبر سنه، ولا حتى الفتاة، ولكن دعنا من حقوق المرأة حاليًا، لنناقش مسألة”الرجل العانس”
أسباب عنوسة الرجل:
الأسباب عديدة منها القدرة المادية أو التفرغ للدرجات الأكاديمية أو تحقيق الذات أو الضعف الجنسي أو تعدد العلاقات، وبالرغم من تعدد الأسباب المنطقية لعنوسة الرجل، إلا أنه دوماً يعامَل بنفس الحذر الذي تعاني منه الفتيات أو أسوأ.
والرجل العانس قد يكون أب أولادك المثالي، أو حبيبك الحقيقي المستقبلي، وفي حديث مع أحد الرجال”العانس” سرد لنا واقعة جلسته مع إحدى الفتيات التي قررت والدته أن يتزوج بها ” لأن القطار نساه” صارحته الفتاة بمجموعة من الأسئلة الاضهادية.
* هل تملك المال الكافي لبدء حياة مستقرة؟
* هل لديك وظيفة مضمونة؟
* ما هي درجاتك العلمية؟
* هل تملك سيارة؟ مسكن؟ مطعم؟
في حين أن من المفترض بعد الثلاثين والأربعين، تتغير طريقة التفكير، فتبدأ بالبحث جديًا عن الحب والتفاهم والاستقرار أكثر من رغبتكم في الاطمئنان عن الممتلكات المادية.
كما كان لبعض الشباب رأيً آخرًا، من حيث الأوضاع المادية والاجتماعية، أنها ليست على ما يرام، وحتى إن استطاع الشباب، تحقيق النجاح المادي وتوازن الدخل، إلا أن المشكلات الاجتماعية وزيادة حالات الطلاق، أصبحت عائقًا أمام أي شاب يخشى الخضوع لتجربة الزواج والدخول في علاقة حب من الأساس.
خوف الشباب من تكوين منزل وأسرة، لا يتوقف فقط على الأوضاع المادية فحسب وإنما يعتمد أيضًا على الارتياح النفسي واختيار الشريك المناسب، حتى يقلل الشاب من احتمالية حدوث الطلاق.
أما اخصائو علم النفس يعتقدون بأن العنوسة في حياة المرأة “قاسية جدا”، وهي كذلك على الرجل، لما تسببه له من “اضطرابات نفسية، ومن إحساس برفض المجتمع له، ومن كآبة قد تصل به إلى حد الوسواس القهري أحيانا.
كما يرى أخصائي الاقتصاد، أن الرجل العانس أصبح عانسًا؛ نتيجة الأوضاع الاقتصادية وغلاء تكاليف الزواج، ومعاملة أهل العروسة للعريس على أنه”حرامي” أو “وارث من خاله في كندا” ولا ينتظرون سعي الشباب، وتحقيق طموحاهم، وأن تكون ابنتهم الساند الحقيقي للشاب.
وصف هذه الحالة البعض من الشباب على أنها”خوف من التقيد وانعدام الحرية” فالبعض منهم يستطيع أن يتزوج بالفعل بالرغم من الغلاء الذي نعاني منه، وضعف موارده المالية إلا أن جلسة القهوة مع أصدقائه سيمنع عنها، السفر معهم سيفضل أن يكون مع أولاده وزوجته، وفي وجهة نظر الرجل، هكذا دخل العصفور إلى عش الزوجية وحبس.
زكي رستم” مش هظلم بنات الناس معايا”
وإن قلبنا في صفحات التاريخ، سنجد أن عنوسة الرجل ليست بالأمر المستجد على مجتمعنا الشرقي، لدينا الفنان زكي رستم الذي عبر عن رفضه الشديد للزواج بحجة《أنا لا أُطاق وعارف إني صعب العشرة» وعرف وقتها بالانطوائية والعزلة.
عرض عليه الفنانون من الوسط الفني الزواج بفتاة من خارج الوسط، ولكنه رفض بشده كالعادة بحجة أن هناك شاب مناسب لها أكثر تقدم لخطبتها، ولم يحاول مرة آخرى، وأكد عدد من النقاد أن عدم زواج زكي رستم طوال حياته سببه الرئيسي؛ هي عقدة وفاة والدته التي توفت بعد إصابتها بالشلل لاتجاهه للفن، ورغم أن ضغطَ عليه أشقاؤه وأسرته لأن يتزوج، فكان دائمًا يرفض.
وعاش زكي رستم أعزبًا، فقد أعطى حياته وعمره كله للفن مخلصًا ومحبًا له، وعلى الرغم من نصيحة المقربين له بالزواج إلى أن المحاولات بائت بالفشل دائمًا.