عفت ناجي.. ماذا تعرف عن إحدى رموز مصر في الفن التشكيلي؟
ولدت الفنانة التشكيلية عفت ناجي عام 1905 في الإسكندرية ليكون هذا العام بداية جديدة بميلاد إضافة مميزة لعالم الفن التشكيلي، يعتبر الفن التشكيلي من الفن الرفيع، كما أنه البعد الموازي والآخر للحياة.
عفت ناجي هي أخت الفنان التشكيلي الرائد، محمد ناجي، الذي ولد عام 1888، وكان أحد رواد حركة الفن المصري المعاصر، وقد تشبعت بأعماله، سواء في الرسم أو التصوير الزيتي الكلاسيكي والتأثري الحديث.
كانت عفت ناجي واسعة الاطلاع حيث قرأت في التاريخ والآداب، وتوغلت في الفنون المصرية القديمة، قاصدة أن تقتدي بهذا الخط الصارم والألوان الصريحة، لتتدرج في الاطلاع شاملة الفترات الزمنية البعيدة والقريبة وأساليب الفن فيها.
سبق وقد قالت عفت “أدهشني ما رأيته فى المخطوطات العربية، من رسوم وأشكال فلكية وجغرافية وسحرية، وتصميمات ميكانيكية، وقد ساعدتني فى ذلك أبحاث زوجي سعد الخادم المتخصص فى الفنون الشعبية (الفولكلور)، حتى أمكنني أن استنبط منها موضوعات رأيت فيها صلة وثيقة بالفنون المصرية والبابلية والآشورية والإسلامية”.
كما تؤكد عفت ناجي أنها عبرت بالخط والألوان عن المنشآت الميكانيكية التي رأتها في أثناء العمل بالسد العالي، وقد كانت النوبة مصدرًا للإلهام والإيحاءات الموازية للفنون الشعبية.
اقرأ أيضًا: الروائية “آسيا جبار”.. عقود من النضال بالقلم تنتهي بجائزة سلام
لوحاتها الفنية نسجت أحداث تاريخية:
ارتبطت رسومات وألوان عفت ناجي بالأحداث التاريخية، ففكرت في إحياء تراث فني خاص يرتبط بالنيل، رأته كما لو كان جزءًا من الفنون الفرعونية والإسلامية، فأنجزت لوحات لها طابعها المعماري.
كذلك اهتمت بالفنون الزخرفية، وتؤكد أنه لا تلقائية في الفن بل ثفافة وراثية مستوعبة، وأن التاريخ يفرض علينا نفسه لكن تختلف الرؤيا، حسب قدرة الفنان والبعد الذي يعيش فيه، والفن الزخرفي له أهمية كبيرة ومقاييسه.
وقد بُرهن على صلاحيته في الفنون المصرية القديمة، والفنون الأيرلندية والفنون الإسلامية التى استقت من تراث ما قبل التاريخ، فلذلك نرى أنه لا يوجد انفصام اليوم بين ما نسميه الفن الرفيع والفنون الزخرفية.
تقول عفت: يُخيَل إلىّ أن المستقبل فى الفن قد يكون بعيدًا عن خليط وهمى وخبايا مصطنعة، إن الفن الحديث فى وضوحه ونقاوته قد يتعدى الآلة فى منطقها والرمز الشعبى فى سذاجته، فمن هذه المنطلقات والقيادات الفكرية والفنية كان هذا بالنسبة لى اقتداء وتصورًا يصبو إلى فن قومى كنتُ متأثرةً به فى البداية من ملامح فنية أدبية فكرية لشقيقى الفنان الرائد محمد ناجى فى مطلع نهضتنا الفنية المعاصرة، ممكن تحديدها بثورتنا الانتفاضية سنة 1919، وإني في الحقيقة عشت وعملت ومازلت أعمل فى حلم ويقظة، مولية أفكاري وأحاسيسي نحو تلك المقاييس، التى تهيمن على الشكل وعناصره المختلفة الأساسية: مقاييس ذات (نسب ذهبية) في (أجواء ضوئية).
استطاعت عفت ناجي أن تمزج بجدارة في أعمالها ما بين المسطحات والمجسمات الملونة، مستمدة من روح الأنماط الفرعونية وبلاد النوبة، حيث بدأ هذا الاتجاه أوائل الستينات، بعد زيارة السد العالي مستفيدة من مخلفات البيئة الشعبية.
فيما عرف اليوم ب “العمل المركب” لتقدم على الفن التشكيلي، مجموعة من الأعمال المسطحة والمجسمة ذات البعد الشعبي والتاريخي والفني بنظرة واقعية معاصرة.
كللت مشوارها الفني بزواجها من الفنان سعد الخادم، رائد الدراسات الفنون الشعبية بمصر عام 1945، لتتعاون معه في إنجاز بحوثه المختلفة، فكان اقترانها به مؤشرًا للتحول فى إنتاجها الفني شكلاً ومضموناً، ولقد تُوفي سعد الخادم في سبتمبر 1987.
اقرأ أيضًا: هل عاشت “أجاثا كريستي” حكايات أشبه برواياتها الغامضة البوليسية؟
متحف عفت ناجي وسعد الخادم:
يقع متحف عفت ناجى، وسعد الخادم بحي الزيتون بالقاهرة، على مساحة 520 مترًا مربعًا، ويعد وعاء لحفظ تراث الفنانين عفت ناجي ورفيق رحلة حياتها الفنان سعد الخادم، باعتبارهما اثنين من أعلام الفن بمصر، في النصف الثاني من القرن العشرين، ورائدين فى مجال الفن الشعبي ودراساته ، تـم افتتاح متحف عفت ناجى وسعد الخادم في 8 أبريل عام 2001.
يضم المتحف مجموعة من الأعمال الفنية للفنانة عفت ناجي، والفنان سعد الخادم، ومنهم 198 عملا، وكذلك مجموعة من القطع الفخارية الشعبية، بالإضافة إلى مكتبة بها كتب نادرة، كما تضم 15 رسالة دكتوراة، و26 رسالة ماجيستير، ولا يقتصر دور المتحف عند هذا الحد، لكنه يشهد الكثير من النشاط الثقافي والفني من أمسيات وندوات بغرض تقديم خدمة ثقافية لأبناء هذا الحي العريق.
افتتح المتحف بعد تجديده وتطويره فى مارس 2013، بعد إغلاق دام لمدة عام تقريبًا، وتضمنت عمليات التطوير استحداث أنظمة أمنية وتركيب خط للحريق، وتغيير البلاط والحمامات والصرف الصحي والتغذية والمواسير واستحداث قاعة عروض صغيرة ، وشارك في الافتتاح وزير الثقافة السابق محمد صابر عرب.
اقرأ أيضًا: قادمة من دار الأيتام.. كيف وصلت “كوكو شانيل” للعالمية؟