قهوة العلوم

هل تؤثر “الشيكولاتة”على إيجابية تحليل المخدرات.. “وزارة الداخلية” تحقق!

على مدار الأشهر الماضية، ومع فرض الدولة المصريين تحليلًا إجباريًا على موظفي الدولة، للتحقق من تعاطي المخدرات من عدمه، جاءت بعض النتائج صادمة، فبعضهم وجد النتيجة إيجابية، رغم أنه لا يشرب حتى السجائر، ما فتح الجدل حول أسباب ذلك، ومحاولة تفسير تلك النتائج.

الأمر كان مثارًا للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بين باحثين متخصصين وأكاديميين، وفي الساعات الأخير دخلت وزارة الداخلية المصرية على الخط، لتؤكد أنها تتابع الموقف عن كُثب، فمن المتهم هذه المرة، إنها الشيكولاته.. صدق أو لا تصدق!

من المتهم، الحشيش أم الشيكولاته؟


إيجابي مخدرات، ولكن:

القضية، وإن كانت مثار الجدل منذ فترة، ولكن الدكتور جابر نصار، الرئيس السابق لجامعة القاهرة، ألقى بالحجر في مياه راكدة، حيث كتب منشورًا على صفحته عبر موقع الفيسبوك، قائلًا: “منذ مدة ليست بالقصيرة شكى لى الكثيرون، ومنهم من يشغل مناصب ووظائف مهمة تستدعى بعضها طلب الجهات التى ينتمون إليها تحليل تعاطى المخدرات فجأة، ويتضح من نتائج التحليل أن نتيجة عيناتهم إيجابية لمخدر الحشيش، الأمر الذى يعرضهم لعقوبات قاسية، تصل إلى الفصل من الوظيفة، علي الرغم من أنهم لايدخنون حتي السجائر”.

د. جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق

وتابع نصّار في المنشور ذاته: “وبالصدفة اكتشفت أن بالأسواق والمولات الكبرى ومحطات البنزين المختلفة تباع شيكولاتات من مكوناتها نسبة معتبرة من مخدر الخشخاش. وهذا أمر أصبح مباحاً في أغلب الدول الأوروبية وأمريكا.

ولكن تداولها وتناولها -مع العلم بحقيقتها وكونها بها مخدر الحشيش- يشكل جريمة تعاطى أو اتجار بحسب الأحوال، وهو مايفسر الظاهرة سالفة الذكر، ولذلك نرجو من الجميع توخي الحذر

د. جابر نصار


العلم يقول:

الباحث القانوني محمد بصل، كتب في سياق الرد على منشور د. جابر نصار حول اتهام شوكولاته شوجيتن الألمانية بحبوب الخشخاش والفانيليا.. مقرنا ظهور هذا النوع في السوق المصرية بوجود حالات إيجابية في تحاليل المخدرات لأشخاص لا يتعاطون أي شيء، قائلا: “الحقيقة أن هذا النوع Limited Edition من الشوكولاته الألمانية اقتصادية السعر، لا هو مميز ولا غالي قوي برضه، ومش منتشرة لدرجة إن الناس بتاكلها كتير فتتأذى منها”.

الباحث القانوني محمد بصل.. الشروق

وأضاف بصل، أن هناك فارقا كبيرا بين الخشخاش وبذوره؛ فبذور الخشخاش بطبيعتها لا تحتوي على المورفين، وبالتالي فالأرجح أنها لا تترك آثار مواد مخدرة في الدم، ولكن هذه البذور يمكن أن تغطى أو تمتص الأفيون، أثناء فترة حصاد الزهرة، والمورفين مكون رئيسي في الأفيون بنسبة 12%، مؤكدًا أن بذور الخشخاش منتشرة للغاية في الطبخ وإعداد المخبوزات في أمريكا وأوروبا، بل لا نبالغ إذا قلنا في معظم دول العالم، وكثيرون يستحسنون طعمها مع الباجل والمافن والكيك، على حد تعبيره.

بذور الخَشخاش

ويضيف بصل، أن هذه البذور تستخدم في تلك الدول بكثافة على هذه المخبوزات، شائع جدا أن تجد المخبوز مغطى بالكامل بالبذور أو الـ Poppy Seeds، ما أدى منذ سنوات إلى زيادة حالات إيجابية كاذبة False Positive Drug Tests للمورفين ونواتج أخرى منه في الأوساط الرياضية تحديدا إذا تناول الشخص كمية كبيرة من بذور الخشخاش، في حين أن البعض الآخر يكون قد تناول البذور بالفعل، خاصة بكميات أقل، وتكون نتائج التحاليل سلبية.

بذور الخشخاش في قفص الاتهام:
وهنا يتابع بصل، أن الأمر محكوم بكمية البذور المتناولة من الأساس، وكذلك الحالة التي تم تناولها عليها، ومدى تسببها في إنتاج كمية مورفين أعلى من الحد الأقصى المسموح به في الدم عند إجراء تلك الاختبارات، ومع ذلك..

لا يمكن اعتبار البذور مخدرة، ولا يمكن القول بأنها مواد مخدرة إطلاقا.

محمد بصل.. صحفي قانوني

تعليمات للرياضيين:

نتيجة لتزايد الحالات الإبجابية، تنصح بعض المؤسسات مثل وكالة مكافحة المنشطات الأمريكية USADA بتجنب تناول أي غذاء يحتوي على بذور الخشخاش قبل أيام من المسابقات الرياضية والاختبارات العشوائية،
كما تحظر السجون الفيدرالية الأمريكية تناول الأطعمة التي تحتوي على بذور الخشخاش، تجنبا لمسألة النتائج الإيجابية الكاذبة، وبسبب انتشار هذه الظاهرة في أمريكا رفع الجيش الأمريكي نسبة السماح بالمورفين في الدم من 2000 نانوجرام/ملل إلى 3000 نانوجرام/ملل لتجنب النتائج الإيجابية الكاذبة.

US Army Officer

بحسب بصل، فإن هذا الجدل يدور حول من يستهلك البذور في المنتجات بكمية كبيرة وليس بنسبة ضئيلة أو غير ملحوظة كما الأمر في الشوكولاته الألمانية، أي أن خطورة الأمر بالنسبة للنتائج الكاذبة لاختبارات المخدرات تتعلق بالآتي:

١- بنسبة الحبوب في الغذاء المستهلك

٢- بنسبة الاستهلاك ذاتها.. وليس بمجرد وجود الحبوب في أي منتج غذائي.. خاصة لو كان مستوردا ومحدود الانتشار.

د. جابر نصار

الأمر دفع رئيس جامعة القاهرة السابق، للعودة للكتابة مجددًا قائلًا: “إلحاقاً بالبوست السابق فقد تبين بعد تواصل بعض المختصين معي أن الأمر قد يتعلق ببذور الخشخاش وليس بالخشخاش ذاته، وأن اللبس جاء مما ورد بنسب المكونات الموجودة علي غلاف الشيكولاته من وجود الخشخاش مطلقاً بمكوناتها. وهو خطأ الشركة وكان يلزم علي الشركة المصنعة والمستوردة توضيح الأمر، بأن ماورد من مواد داخلة في تصنيعها ومنها الخشخاش كما هو مذكور في بيانات المنتج أنه غير مخدر؛ ذلك أن نبات الخشاش مجرم في القانون المصري حيازة وتداولاً وإتجارًا، وهو ما أكده بعض المتخصصين في الأمر، وفي النهاية الأمر متروك لجهات الاختصاص لتبيين ذلك”.

د. جابر نصار

وفي توضيح آخر كتب محمد بصل، أن متناولي شيكولاتة شوجين، قد تظهر إيجابيتهم في تحليل المخدرات؛ بسبب الكواديين، وليس المورفين، معللا ذلك بأن بذور الخشخاش يتم غسلها قبل إضافتها للشيكولاتة؛ لكن وبسبب حلقة الميثيل الموجودة في الكواديين، المركب يظل موجودًا بنسب قليلة جدا في البذور؛ قليلة لكنها تظهر في تحليل المخدرات.

ويتابع “بصل” أن مشكلة الايجابية الزائفة في تحليل المخدرات؛ قد تتسبب فيه أيضًا مستحضرات طبية كتيرة، من بينها بعض مضادات الهستامين -أدوية الحساسية، وكذلك البروفين -مسكن شائع- وبعض أدوية الكحة.

أدوية تظهر إيجابية التحليل للمخدرات

الداخلية تتابع القضية:
على صفحتها الرسمية على الانستجرام، نشرت وزارة الداخلية المصرية، أنها تتابع ما تتداوله بعض وسائل الإعلام حول وجود شيكولاته تحتوى ضمن مكوناتها على نسبه من مخدر الخشخاش، وأن بعض بذور الخشخاش تدخل ضمن مكونات بعض المواد الغذائية ويتم معالجتها قبل استخدامها للتأكد من خلوها من المواد المخدرة، مؤكدة أنه سيتم سحب عينات من الشيكولاته المتداولة بالأسواق لتحليلها، للتأكد من مطابقتها للمواصفات العالمية.

بيان الداخلية المصرية

الأمر يذكرنا بنص ذهبي من التراث العربي: “من مأمنه، يؤتى الحذر”، وهو ما يؤكد أن علينا تحري الدقة، وإن أثبتت تحاليل رسمية ما أثبتت، فقد لا يكون الأمر على محمل الدقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى