كاتب ومقال

دار في خاطري| الثروة المنبوذة

بقلم: ريم السباعي

هل أنت ممن يحبون المال؟! وإلى أي حد يبلغ حبك له؟ اتعتقد أنه أهم شيء في هذا الكون؟! وهل قيمة المال تكمن في كونه مجرد مال ينفق؟! أم أن قيمته الحقيقية تكمن في طريقة حصولك عليه؟! وهل يقلقك ارتفاع الأسعار؟ هل تجعلك تنظر للغد بنظرة تشاؤمية؟ أم أنك تعيش اليوم ولا تفكر في الغد إلا عندما يأتي؟

إن المال ضرورة من ضروريات الحياة ولكنه ليس الضرورة الوحيدة لاستمرار الحياة، ولكن الكثير يعتقدون بأنه أهم أسباب الحياة وكأنه الهواء والماء، فيبذلون من أجله قصارى جهدهم، ويضحون من أجله بكل غال وثمين، ومن الناس من يقيمون بعضهم البعض بقدر ما يحصلون أو يدخرون من أموال، فقد أصبح المال لديهم بمثابة ميزانا للإحترام والتقدير.

وعلى الرغم من ذلك فهناك بعض البشر لا ينظرون إلى المال بنظرة التقديس التي لدى الأغلبية العظمى من البشر مما يجعلهم مثيري للدهشة والعجب، ومن هؤلاء البشر الفتاة الألمانية مارلين انجلهورن التي تود التخلص من ثروتها المقدرة بأربعة مليار دولارا التي ورثتها عن جدها.

إن مارلين ترى من وجهة نظرها أن هذه الأموال حصلت عليها بدون أي جهد، لذا فهي تزعجها وتود التخلص منها، عندما قرأت هذا الخبر الذي تداولته المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي باعتباره موقفا غريبا رحت أتساءل هل من الممكن أن يحدث مثل هذا الموقف في مجتمعاتنا العربية؟!

وإذا افترضنا أن حدث وورثت فتاة عربية ثروة ليست بالضرورة أن تقدر بمليارات الدولارات، فالآلاف منها تكفي، فهل من الممكن أن ترفضها الفتاة العربية؟! وماذا إذا حدث ورفضتها؟! هل سيتركها أقرباؤها وأصدقاؤها أن تتخذ قرار التبرع بها لمن يحتاج إليها مثلا؟! أم أن جميع من حولها سوف يمطرونها بوابل من اللوم والاتهامات بالجنون، ونصائح لا حصر لها وكأنها خلقت بلا عقل وجميع من حولها خلقوا للوصاية عليها؟! أم أنها ستصبح مطمع للجميع؟! فإن كانت ترى أن هذه الثروة ليست من حقها لأنها أتتها بدون جهد، فجميع من حولها يوقنون بأن هذه الثروة حقا مشروعا لهم لأنهم يعرفونها؟!

اعتقد أن موقف مارلين أنجلهورن من ثروتها لن يحدث في مجتمعاتنا العربية، وذلك لأن المواطن العربي دائم البحث عن الثروة يخشى الفقر على الرغم من أن الله عز وجل حذرنا من الخوف من الفقر حيث قال: ” ٱلشَّيۡطَٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغۡفِرَةٗ مِّنۡهُ وَفَضۡلٗاۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ (268) (سورة البقرة) فقد تجد ما يدمي القلوب حين ترى أسرا تجبر أبناءها على التسول، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن يلحق الأب أو الأم الأذى بأطفالهم من خلال الضرب المبرح أو الحرق وغير ذلك من ألوان الأذى من أجل الحصول على المال الكثير من خلال التسول.

وهنا يتبادر سؤال آخر وهو هل المال أغلى وأبقى من الأبناء؟! إن الإجابة المؤلمة التي يجيب عليها المجتمع هي نعم! أعي جيدا أنها إجابة صادمة ولكنها الإجابة التي ينطق بها لسان الواقع من حولنا، نعم! حين تجد أبا يضرب ابنه حتى الموت من أجل بعض الجنيهات، نعم! حين تجد أما تتفق على بيع طفلها الذي مازال جنينا داخل احشائها، نعم عندما تجد معيدة بالجامعة تلحق الأذى بابنها لتجبره على التسول، نعم! لقد بخس الأبناء ورجحت أمامهم كفة المال الذي هان من أجله كل ثمين ونفيس.

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| العجوز

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى