هل أنت عجوز؟ وكم من شخص عجوز تعرفه في حياتك؟ برأيك العجوز هو من تقدم في العمر؟ هل رأيت يوما شابا عجوزا؟! بل هل رأيت يوما طفلا عجوزا؟! وهل من الممكن أن تجد عجوزا شابا؟!
إن كلمة عجوز تطلق على الرجل المسن والمرأة المسنة، فالمرأة يطلق عليها كلمة عجوز وليس عجوزة، فيقال امرأة عجوز، ويقال أن الكلمة تطلق على من تجاوزت أعمارهم خمسون عاما، و الآن احسب عمرك وقل هل أنت عجوز؟ فيجيب البعض نعم! بينما يجيب البعض الآخر لا! وهذا بحسب السن.
ولكن ماذا إذا نظرنا إلى الكلمة من منظور آخر؟ فكلمة عجوز أتت من العجز أي أن يكون المرء عاجزا عن فعل شيء أو عدة أشياء، فهو عندئذ يكون عجوزا.
فالعجوز في رأيي هو من نال منه العجز، فأصبح غير قادر على فعل شيء، إذن فالعجوز من الممكن أن يكون شابا، أو ربما كان طفلا، نعم! إن كل من أصابه مرض عضال أعجزه عن الحراك فهو عجوز، وكل من أصابته إعاقة جعلته عاجزا عن فعل شيء فهو عجوز.
ومن ناحية أخرى هناك أناس ممن تعدت أعمارهم خمسين عاما أو أكثر يتمتعون بصحة جيدة، ولا يعانون من أي عجز، وهنا لابد ألا يطلق عليهم كلمة عجوز، فهم أقرب للشباب من الناحية الصحية والجسدية بعيدا عن عدد السنين والأعمار.
ولكن هل العجز ينحصر في السن والصحة فقط؟! أم أن العقل والأحلام والذكريات لها نصيبها من هذا العجز؟! في رأيي أن كل ما يخص المرء يعجز ويشيخ، فكما يشيب الشعر وتتهدل الأجفان تشيب الأحلام، فتنهي مرحلة النمو، ومن ثم تبقى في مرحلة ثبات نسبي، ثم تبدأ تشيب، فيتوقف العقل عن التفكير في المستقبل توقفا متقطعا ليعود إلى الوراء ليسبح في بحر الذكريات.
فيأتي بصيد وفير من الماضي، فيجعل المرء يذكر ويتذكر ما قد سلف، لا يفكر بالمستقبل إلا قليلا، فتجد أحلامه بسيطة ووهنة، ولا يتشبث بها كما كان يفعل سابقا، فقد أصبح عاجزا عن تحقيقها، فيهرب منها إلى الذكريات حيث الشباب والقوة والأمل والأحلام المفعمة بالطاقة.
إذن فعندما يعجز الجسد يعجز معه العقل والأحلام، لذا فقد تجد من هم في ريعان الشباب من ذوي العشرين ربيعا وثلاثين ربيعا ولكنهم عجائز تحطمت أحلامهم قبل أن تخرج للنور، وانطفأت طاقتهم وتبددت، فقد تحول كل منهم إلى عجوز لا يقوى إلا على سرد الذكريات.
اقرأ أيضًا: دار في خاطري| لن تتوقف الحياة
نبذة عن الكاتبة
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: