كلمتها

من رفض منحها الدكتوراة في علم اللاهوت.. إلى أول امرأة تحصل على الدكتوراة في الرياضيات.. فمن هي؟

كتب: أحمد معز

إلينا كورنارو بيسكوبيا وتعرف أيضًا باسم “هيلين كورنارو”، فيلسوفة إيطالية تنتمي إلى عائلة نبيلة، عُرفت بأنها أول امرأة تحصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة.

نشأتها وتعليمها

وُلدت “بيسكوبيا” في قصر لوريدان، بدولة البندقية، في 5 يونيو 1646، كانت الابنة الثالثة لجيانباتيستا كورنارو بيسكوبيا وعشيقته زانيتا بوني.

وكانت والدة إيلينا من عامة الشعب ولم يكن والداها متزوجين وقت ولادتها، لذا لم تكن إيلينا رسميًا عضوة في عائلة كورنارو منذُ ولادتها، إذ منع القانون البندقي الأبناء غير الشرعيين للنبلاء من التمتع بامتيازات النبلاء حتى لو اعترف بهم والدهم النبيل.

واختير والد إيلينا في عام 1664 ليكون وكيل سان ماركو دي سوبرا، وأمين صندوق كاتدرائية القديس مرقس، وهو منصب رفيع المنزلة بين نبلاء البندقية. وجعل ذلك من جياندباتيستا الرجل الثاني بعد دوق البندقية من حيث الأسبقية، وبفضل هذه الصلة، احتلت السيدة إيلينا مكانة بارزة في احتفال «زواج البحر» على الرغم من أنها وُلدت خارج إطار الزواج الشرعي.

وحاول والدها عدة مرات ترتيب خطبة لها، لكنها رفضت عروض كل الرجال، ونذرت عهدًا بالعفة في سن 11 عامًا، واتخذت نذر الراهبة البينديكتية في عام 1665، لكنها لم تصبح راهبة رسمية.

وعُرفت السيدة إيلينا بعبقريتها منذُ صغرها، وقد شرعت بناءً على نصيحة جوفاني فابريس، الكاهن وصديق العائلة، في تعليمها الكلاسيكي. ودرست اللاتينية واليونانية مع معلمين متميزين وأتقنت هذه اللغات إلى جانب الفرنسية والإسبانية بحلول سن السابعة.

وأتقنت اللغة العبرية والعربية أيضًا، ما أكسبها لقب “أوراكولوم سيبتيلينجيه” بمعنى عرافة اللغات السبع، وشملت دراساتها اللاحقة الرياضيات والفلسفة واللاهوت.

وأصبحت إيلينا موسيقية خبيرة، إذ أتقنت العزف على الهاربسكورد، وموترة المفاتيح، والقيثارة، والكمان. وتجلت براعتها من خلال الموسيقى التي ألفتها خلال حياتها. واهتمت في أواخر سن المراهقة وبداية العشرينيات، بالفيزياء وعلم الفلك واللغويات.

ونشر معلمها في الفلسفة ورئيس قسم الفلسفة في جامعة بادوفا آنذاك كارلو رينالديني، كتابًا باللغة اللاتينية عام 1668 يركز على الهندسة. وخصص الكتاب لإيلينا البالغة من العمر 22 عامًا، وأصبحت بعد وفاة معلمها الرئيسي فابريس، أكثر ارتباطًا برينالديني، الذي تولى مسؤولية دراستها.

كواليس حصولها على الدكتوراة

ترجمت في عام 1669 كتاب حوار مع المسيح للراهب الكارثيوزي لانسبيرجيوس من اللغة الإسبانية إلى الإيطالية. وخصصت الترجمة إلى صديقها المقرب ومرشدها الأب جياندولو أوفيفا.

ونُشرَ الكتاب في خمس طبعات في الجمهورية بين عامي 1669 و1672، وعندما ذاع صيتها، دُعيت للانضمام إلى العديد من الجمعيات العلمية، وأصبحت في عام 1670 رئيسة للأكاديمية البندقية أكاديميا دي باتشيفكي.

وتقدم فيليس روتوندي التماسًا إلى جامعة بادوا لمنح كورنارو درجة التعليم الثالثي لوريا في اللاهوت، بناء على توصية معلمها في الفلسفة كارلو رينالديني. وعلم أسقف بادوفا الكاردينال غريغوريو بارباريغو، أنها تسعى للحصول على شهادة في اللاهوت، ورفض ذلك على أساس أنها امرأة.

وسمح لها بدراسة الفلسفة، وحصلت بعد إنهاء مسار دراسي على درجة لوريا في الفلسفة. ومُنحت الدرجة في 25 يونيو 1678 بكاتدرائية بادوا بحضور سلطات الجامعة وأساتذة جميع الكليات والطلاب ومعظم أعضاء مجلس الشيوخ البندقية، إلى جانب العديد من الضيوف من جامعات بولونيا وبيروجيا وروما ونابولي.

وألقت السيدة إيلينا محاضرة لمدة ساعة باللاتينية الكلاسيكية، وشرحت مقاطعًا صعبة اختيرت عشوائيًا من أعمال أرسطو: مقطع من البرهان وآخر من السماع الطبيعي. استُمع إليها باهتمام كبير وعندما انتهت تلقت تصفيقا حارا بينما شرع البروفيسور رينالديني في منحها شارة التتويج: كتاب فلسفي، وإكليل غار على رأسها، وخاتم في إصبعها، وشال من فراء اليربوع فوق كتفيها.

وأُعلنت معلمة ودكتورة في الفلسفة، لتكون بذلك واحدة من أوائل النساء اللاتي حصلن على درجة أكاديمية من جامعة.

وكرست السبع سنوات الأخيرة من حياتها للدراسة والعمل الخيري، حتى توفيت في بادوا عام 1684 بمرض السل ودُفنت في كنيسة سانتا جوستينا.

اقرأ أيضًا: تعرف على أكثر الشخصيات النسائية المؤثرة عالميًا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى