كاتب ومقال

دار في خاطري| صن لسانك

بقلم: ريم السباعي

ريم السباعي 

هل تشعر بأن أخلاق البشر اختلفت اليوم عن الماضي؟ هل تلاحظ ذلك بكثرة بين الشباب والأطفال؟ هل فكرت يوما في سبب ذلك التغيير؟ هل تعتقد أن السبب هو البعد عن الله أم التخلي عن المبادئ أم بسبب ثغور في التربية؟ هل تؤمن بأننا بحاجة إلى ثورة أخلاقية؟ أعتقد بأن الأخلاق ستعود يوما إلى سابق عهدها؟

كلنا يسمع ويقرأ كل يوم عن جرائم متعددة أغلب مرتكبيها من الشباب، وفي بعض الأحيان تجدهم أطفالا، ومن المؤسف أن تجد طفلا تخلى عن براءته الطفولية فتراه مجرما وكأنه أمضى سنوات عمره المعدودة بين أشرس العصابات، أتظن أن ذلك يرجع إلى تقصير والديه؟ أم تقصير معلميه في المدرسة؟ وماذا عمن تخطت أعمارهم الأربعين والخمسين عاما؟ أتخلوا عن أخلاقهم؟! أم أن الخلل موجود من زمن ولم يظهر إلا في وقتنا الحالي؟! أم الأمر مجرد مواكبة للعصر؟!

في رأيي أن الجرائم تبدأ بشجار يتطور حتى يتحول الى جريمة، وخاصة عندما يكون ذلك الشجار يحمل الكثير من السب، واللعن، والألفاظ النابية، ويتحول الشجار إلى حرب بين الطرفين ولابد لأحدهما أن ينتصر، ولكن عندما تجد شجارا حادا بين رجلين يقيمين في شارع واحد مثلا، ويشتد الشجار بينهما حتى يصل الى السباب والتنابذ بالألقاب، ثم ينتهي الأمر بفض الشجار.

أتعتقد أن ذلك الشجار قد مر هكذا مرور الكرام؟! هل هذا الشجار لم يتمخض عنه جريمة؟! في رأيي لا! حتى إذا فض النزاع القائم بين الطرفين ولم يعد يكن أحدهم للآخر أي ضغينة، لأن الجريمة قد حدثت بالفعل وذلك عندما تجد في اليوم التالي أبناء الرجلين الذين لم تتعدى أعمارهم الخامسة عشر عاما يتشاجرون بنفس الطريقة، ونفس السباب.

أتعتقد أن باستطاعة أحدهم تنهير ابنه على ما فعل؟ كيف سيخبره بأن ما فعله لا يصح؟! ماذا سيقول له عن تلك الألفاظ التي تفوه بها؟! وإذا استطاع أن يقول هل سيقنع كلامه الطفل وهو يراه يفعل الأمر نفسه؟! في معظم الأحيان يتغاضى الآباء عن مثل هذه الأخطاء، فبعضهم لا يمتلك الحجة القوية لإقناع طفله بأنه مخطئ، والبعض الآخر يسعد بفعل طفله، والأمر المؤسف هو أن تجد الأب هو من يعلم ابنه كيف يتشاجر ظنا منه أنه بذلك سيصبح قويا، باستطاعته أخذ حقوقه، ويخشاه الناس.

ماذا عن ذلك الطفل بعد مرور عشرون عاما؟! فإذا تخيلنا أن ذلك الطفل الذي تشاجر مثل والده في العاشرة من عمره، فبعد عشرون عاما سيصبح عمره ثلاثين، كيف سيصبح رجلا مسئولا نافعا؟! كيف ستكون أخلاقه؟! وماذا عن الطفل الآخر الذي تشاجر معه منذ عشرون عاما وكان يبادله نفس السباب والألفاظ النابية؟! وماذا إذا حدث مثل ذلك الشجار كل يوم، وفي كل مكان؟! كيف سيكون حال المجتمع بعد عشرون عاما؟! كيف ستكون الجرائم وقتئذ؟! كيف سيكون حال الأطفال في ذلك الزمن؟! أعتقد أن المجتمع سيتحول إلى غابة الكل يغيب عقله، وقيمه، ومبادئه، ودينه، وسيكون وقتئذ البقاء ليس للأقوى، بل لسليطي اللسان.

لقد دق ناقوس الخطر ولابد للأخلاق أن تعود من جديد، لابد للمرء أن يعود إلى الله ويعمل بكتابه، وتعاليم نبينا الكريم، ولنبدأ بقوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، ومن ثم الاهتمام بالأطفال وتربيتهم، وتقويم سلوكهم، وأول ذلك الاهتمام هو أن نرتقي بأخلاقنا، ونقوم سلوكنا لكي نصبح قدوة يحتذى بها.

 

نبذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى