كاتب ومقال

دار في خاطري| الليلة الطيبة

بقلم: ريم السباعي

ريم السباعي

هل تخيلت يوما أن حالك تغير إلى أفضل حال؟! فرأيت نفسك راض عن حالك؟! فشعرت بأنك أعطيت أكثر مما تمنيت؟! هل تخيلت يوما أن المصباح السحري حقيقي؟! فتمنيت أن تجده؟! ورحت تفكر فيما ستطلبه من خادمه؟! أم أنك لا تفكر في مثل هذا الأشياء الخيالية؟! أم أن ذلك خرق لقوى الطبيعة يرفضه عقلك؟! أم أن لديك ما يجعلك لست بحاجة إلى مثل هذه الأشياء الخرافية؟!

طالما يلجأ العقل البشري إلى الخيال المبالغ فيه الذي يصل إلي حد خرق قوانين الطبيعة، فيخلق قصصا عن الجن والساحرات، والمصباح العجيب الذي هو ملكا لعلاء الدين في تلك القصة الشهيرة، فيتمنى الإنسان أن يصبح ذلك المصباح ملكا له ويروح يسرد أمنياته التي سوف يطلبها من الخادم.

فلماذا إذن يلجأ العقل البشري إلى هذا الخيال اللامنطقي؟! أهذا يرجع إلى أن الإنسان على مر التاريخ يميل دوما إلى الخيال وخرق قوانين الكون؟! فالإنسان القديم هو صانع الأساطير، تلك الأساطير التي وجد بها تفسيرا لما لا يستطيع عقله استيعابه وتفسيره، ولكن ماذا بعد التقدم في شتى العلوم؟! بل ماذا بعد وجود دينا ساميا لاريب فيه؟! أيعقل بعد ذلك أن يلجأ الإنسان إلى مثل تلك الخرافات؟!

إن هناك من يجد في مثل هذه الخرافات تسرية للنفس حين تجد العوائق أمام تحقيق الأمنيات، وهناك من يصدقها ويتشبث بذلك الفكر حتى يبات يفكر ويتخيل، بل ينتظر حدوث تلك الأمور، ويصل الحال ببعض البشر إلى اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين لكي تتغير أحوالهم وتتحقق أمنياتهم.

وهناك من البشر من لا يصدق مثل هذه الأمور ولا يؤمن بها على الإطلاق، وذلك لأمرين، إما أنه يدرك بأن كل ذلك خيال وخرافات من رابع المستحيلات أن تكون على أرض الواقع، لأن العلم وقوانين الطبيعة ترفضها، لذا فالعقل يرفضها أيضا، وأما أن يكون ذلك الرفض لتلك الخرافات نابع من الإيمان بالله.

إن الله عز وجل هو الوهاب الرزاق يعطي من يشاء، ويمنع عمن يشاء، وإن منحه ومنعه بقدر ولحكمة لا يعلمها إلا هو، فما منع إلا لخير، وما منح إلا لخير، فعندما يقنع المرء بذلك يملأ قلبه الرضا، فيجد حاله هو أفضل حال، فيحمد الله ويشكره كثيرا، فيزيده الله من فضله وكرمه.

إذن فالإنسان الذي قلبه معلق بالله، يملأ قلبه الايمان لا يجد حاجته عند أحد غير الله، فيدعوه ويرجوه وهو على يقين بأن الله سميع بصير قريب مجيب الدعاء، فينتظر دائما نفحات الله التي يهبها للإنسان والتي منها شهر رمضان، والعشرة الأوائل من ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان، ولعل أفضلها ليلة القدر.

فينتظرها ويستقبلها بكل ما يقربه إلى الله من صلاة وقراءة القرآن وصدقة ودعاء، فيشعر بالرضا، ويخرج بعقله من هذه الدنيا الفانية بكل بريقها الخداع إلى طلب الآخرة، فيشعر بالراحة والطمأنينة، فيجد نورا يبدد الظلام فيفهم حقا معنى قول الله تعالى:” لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ “.
إن حسن الظن بالله، والرضا بما قسمه لنا، خير من أي خيال وأي خرافات، بل هو يبددها فتصبح لا وجود لها.

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| لأنه ظاهر فلا نراه

ذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى