كلمة ورد غطاها| عالم إعلانات
اللحظات البسيطة المملوءة بالمبالغة المطلوبة للترويج لسلعة أو خدمة والتي نراها كثيرا في الإعلانات هي لحظات غير حقيقية، كلنا يعرف ذلك، الوكالة المنتجة للإعلان وصاحب السلعة الأصلية والجمهور والزبائن أيضا.
لايمكن لقطع من الصابون أن تحيل جحيم الحياة إلى جنة ولا يمكن لكريم للشعر أن يحيل “سلك المواعين” إلى حرير ولا يمكن لكريم البشرة أن يصلح ما أفسده الدهر ولا يمكن لمسحوق الغسيل أن يزيل كل تلك البقع ولكنها طبيعة الإعلان كما سبق القول.
للأسف لحظات الإعلان القصيرة الخيالية انتقلت إلى شبكات التواصل الاجتماعي وإلى سلوكيات المستخدمين فيتعمد الكثيرون أن يظهروا انفسهم داخل تلك اللحظات الزائفة، شخص تافه لا قيمة له ينظر بعيون حادة من خلف مايكروفون مثبت في قاعة محاضرات، أو يقف بجوار سيارة فارهة واضعا يديه في وسطه مرتديا نظارة شمسية رخيصة الثمن، أو أن يجد أحد الشخصيات المشهورة قدرا في أي مكان فيسارع إلى التقاط صورة تظهر مدى الحميمية الزائفة بين الطرفين.
أمر مشابه فيما ينشر من محتوى هادف أو ديني أو ضاحك وأنت تعرف أن صاحبها خلاف ذلك، ولكنه أسلوب الإعلانات الذي انتقل من السلع والخدمات إلى البشر ثم أتت تقنيات الذكاء الاصطناعى في تغيير الصور ومقاطع الفيديو أو في تزييف محتوى مفبرك بالكامل فزاد ذلك من درجات الزيف ووصل بها إلى مستويات غير مسبوقة بعضها ضار فعلا وربما يصل إلى حد ارتكاب جرائم انتحال أو ابتزاز.
وهنا يطفو على سطح هذا العبث سؤال عن متى ينتهي هذا الإعلان الكبير الذي نحيا فيه ليل نهار أو على الأقل متى ينحسر تاركا المجال للحقيقة وعدم المبالغة ولكن للأسف لا نستطيع الوصول إلى إجابة واحدة، فالبعض يرى أن الزيف سيستمر بل وسيزيد فيما يرى البعض الآخر -القلة- بأن الانسان حتما سيمل وحتما سيعود باحثا عن ملاذات آمنة لا تحتوي إلا على الحقيقة ولا شيء إلا الحقيقة.
ولكن وفي جميع الأحوال يجب أن ننتبه إلى كل ما يمر بنا وما نراه وما يعرض علينا وأن نقدم الشك على التصديق والريبة على الاطمئنان ولا يكون ذلك من سوء النية غير المبرر ولكن لأن حسن النية في هذه الحالة ليس من حسن الفطن وفي النهاية فإن من يرى أن ما أقوله يحتوي على قدر كبير من المبالغة عليه أن يجرب بنفسه ثم ينظر بعد ذلك كيف يرى.