الأرشيف والمكتبة الوطنية يعقد ندوته الخامسة في موسمه الثقافي 2022
نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية ندوته الخامسة “إصدارات أدبية.. تسجل تاريخ الوطن” ضمن موسمه الثقافي 2022 شارك فيها عدد من كبار الكتّاب والباحثين والمؤلفين، ناقشوا فيها العلاقة الوثيقة بين الأدب والتاريخ والتوثيق، فالأدب يلعب دوراً مهماً في التاريخ، ويعتمد عليه المؤرخون كمصدر أساسي من مصادر التعرّف على تفاصيل فترة تاريخية معينة، وتحدث بعض المشاركين عن تجربته البحثية والكتابية في توثيق تاريخ الوطن.
عقدت الندوة في قاعة الشيخ خليفة بن زايد بمقر الأرشيف والمكتبة الوطنية بحضور سعادة عبد الله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية بالإنابة، ومشاركة كل من سعادة الدكتور عبد العزيز مسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، والباحث والكاتب علي أحمد الكندي، والباحث والكاتب عبد الله المهيري، والأستاذة شيخة الجابري مستشار إعلامي في مؤسسة التنمية الأسرية بأبوظبي، وأدار الندوة الدكتور هزاع النقبي رئيس قسم الأرشيفات الحكومية في الأرشيف والمكتبة الوطنية.
أكد سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم في بداية الندوة أهمية الرواية التاريخية ودورها الكبير في توثيق تاريخ الوطن، ودور بعض المؤرخين، والمرويات الشفهية، والشعر -بحضوره الواسع في المجالس بمختلف أنواعها- في تسجيل جوانب من تاريخ الوطن.
واستعرض تجربة معهد الشارقة للتراث في نشر الكتب المتخصصة بالتراث الثقافي المحلي والخليجي والعربي والعالمي، واهتمامه بجودة الكتاب شكلاً ومضموناً بما يجذب القارئ وهواة اقتناء الكتب، مشيراً إلى أن الكثير من إصدارات المعهد لها أهميتها في كشف صفحات مهمة في تاريخ الإمارات وتراثها.
وأكد المسلم أهمية تفريغ الكتّاب والباحثين للإنجاز العلمي، وليواصلوا عملهم في مجال توثيق ذاكرة الوطن، وهم الذين تتزايد مهاراتهم وإمكاناتهم بمرور الزمن وزيادة البحث، ويثرون بإنجازاتهم الوطنية الجادة الأوساط الثقافية والمكتبات الوطنية.
وتحدث الباحث والمؤلف علي أحمد الكندي المرر عن التكريم الذي حظي به من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- على البحوث والدراسات التي أصدرها له الأرشيف والمكتبة الوطنية في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2022حول تاريخ منطقة الظفرة وتراثها، وأعرب عن سعادته وفخره بمقابلة صاحب السمو رئيس الدولة واستلام سموه لكتابه: (الموارد: موارد الماء التاريخية في منطقة الظفرة)؛ مشيراً إلى ما توليه القيادة الرشيدة من اهتمام كبير للبحوث والدراسات التي تُعنى بتاريخ الوطن وتراثه.
واستعرض الباحث والمؤلف الكندي أهمية الأدب في توثيق ذاكرة الوطن، وقدم العديد من الأمثلة الحية من الشعر النبطي والفنون الشعبية التي كان لها دورها في التوثيق المكاني والزماني في ذاكرة الإمارات، موضحاً أنه استفاد كثيراً في مؤلفاته من الأنواع الأدبية والفنون الشعبية، ومثال ذلك مما ورد في شعر عبد الله بن سليّم الفلاسي، ومما قاله راشد الخلاوي سنة 1590م، ومن شعر سعيد بن عتيج الهاملي، وأحمد بن بليد المرر، وتطرق الباحث إلى أهم الأحداث والدلائل المكانية التي وردت في قصائد الشعراء.
وأبحر الباحث والكاتب عبد الله المهيري في تجربته النموذجية، وهو ينجز كتابه “مهاجرون من الظفرة: هجرة بن زرّاف أنموذجاً” وقد أشار إلى أنه قد استهوته نصوص الهجرات القبلية المبعثرة في الكتابات المحلية والروايات الشفهية، فقرر أن يسجل كل ما يقف عليه من أخبار وأشعار الهجرات القبلية القديمة، وقد اجتمعت بين يديه مختارات ونصوص نادرة أشبعها بحثاً ودراسة من زوايا رصد تاريخية ووراثية من أجل فهم طبيعتها الديموغرافية وتفسير أسبابها، وتحديد اتجاهاتها، وبيان أصول أصحابها، وأشار إلى أنه قد استفاد من مشروع الجينوم البشري الإماراتي الإنثروبولوجي، فجمع في دراسته بين منهجين بحثيين هما: المنهج النظري والمنهج العلمي التطبيقي الذي يعتمد على اختبارات الحمض النووي وتطبيقاته.
واستعرضت الأستاذة شيخة الجابري تجربتها الشخصية في مؤلفاتها التراثية، وفي مقدمتها كتاب: (زينة وأزياء المرأة في دولة الأمارات العربية المتحدة)، وكتاب: (يقول المتوصف)، وتطرقت إلى العديد من الأمثلة التي توضح دور الشعر والأدب في توثيق الأماكن الإماراتية والمناطق كما عرفها أهل الإمارات.
وأشادت الجابري بكتاب (وين الطروش) وبما فيه من معلومات موثقة يؤرخ بها لذاكرة المكان والترحال في بادية الإمارات، وناشدت الأرشيف والمكتبة الوطنية بتخصيص مكان للعاملين في مجال توثيق التراث والتاريخ، وبالإسراع في نقل الروايات الشفهية ضمن مشروعه (جمع التاريخ الشفاهي وحفظه) حتى لا نفقد شيئاً من تاريخنا وتراثنا، وتحويل ما أمكن منه إلى المناهج الدراسية لكي تتناقله الأجيال وتفخر به.
واختتمت الندوة بكلمة لسعادة مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية بالإنابة شكر فيها جميع المشاركين وأشاد بما جاؤوا به من أفكار حية ومفيدة، وأكد أنه بعد تأهيل مقر الأرشيف والمكتبة الوطنية سوف يكون هناك مكاناً مخصصاً للباحثين الإماراتيين في التاريخ والتراث، وأن الأرشيف والمكتبة الوطنية سوف يعمل على رعاية الباحثين والمهتمين بالتاريخ والتراث، وسيهتم بتاريخ الإمارات البحري، وسيعمل على بعث الحياة في الفنون الشعبية الإماراتية لما فيها من توثيق تاريخي، ولأنها تبعث البهجة في النفوس.
وسيهتم أيضاً بمناطق الإمارات الأخرى على غرار اهتمامه بمنطقة الظفرة؛ لأن لكل منطقة تاريخ وتراث هو جزء من تاريخ الوطن، وينبغي أن يتم حفظه في الأرشيف والمكتبة الوطنية للأجيال، واختتمت الندوة بتكريم الأرشيف والمكتبة الوطنية للمشاركين، بشهادات تقدير ودروع تذكارية.