مكتبة الإسكندرية تفتتح ندوة “عمارة المساجد.. وأثرها في التطور الاقتصادي والاجتماعي”
افتتحت مكتبة الإسكندرية صباح اليوم الندوة الدولية الثانية لعمارة المساجد بعنوان: «عمارة المساجد، وأثرها في التطور الاقتصادي والاجتماعي» والتي تنظمها مكتبة الإسكندرية من خلال مركز دراسات الحضارة الإسلامية بقطاع البحث الأكاديمي وبالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفَوزان لعمارة المساجد بالمملكة العربية السعودية، علي مدار يومين بقاعة الوفود، مركز المؤتمرات بمكتبة الإسكندرية.
أدار الندوة الدكتور محمد الجمل؛ المشرف علي مركز دراسات الحضارة الإسلامية بمكتبة الإسكندرية، والدكتور مشاري بن عبد الله النعيم؛ الأمين العام لجائزة عبد اللطيف الفَوزان لعمارة المساجد بالمملكة العربية السعودية بحضور لفيف من أساتذة الهندسة المعمارية والآثار والتاريخ من مصر والدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية، هم الدكتور جيمس ستيل والدكتورة عفاف بدران والدكتورة دليلة الكرداني والدكتور عبد العزيز صلاح سالم والدكتور هاني بن محمد الهنيدي والدكتور راسم بدران والدكتور أحمد مصطفى والدكتور حسن واكد والدكتور نادر غريب والدكتور والمهندس أحمد عبد المنعم.
تناولت الندوة الحديث عن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لعمارة المساجد قديمًا وحديثًا، وأسس تصميم المساجد الحديثة ودور الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، وإحياء التراث المعماري والعمراني ودوره الريادي في التنمية الاقتصادية، وإحياء الدور التنويري للمساجد في المجتمعات المعاصرة، وعمارة المساجد وأثرها الحضاري على المجتمعات المعاصرة، وأنماط تخطيط المساجد الحديثة في الغرب الأوروبي.
وتحدث في الجلسة الافتتاحية الدكتور محمد الجمل عن فكرة الندوة فيما يتعلق بالمساجد وأسس تصميمها وتجارب أعلام المهندسين المصريين والعرب في إحياء تراث العمارة الإسلامية مثل حسن فتحي وعبد الواحد الوكيل وعبد الحليم إبراهيم ومحمد مكية ورفعة الجادرجي وراسم بدران، لافتا إلى أن تلك الندوة تعد الثانية التي يتعاون فيها مركز دراسات الحضارة الإسلامية بمكتبة الإسكندرية مع جائزة عبد اللطيف الفَوزان لعمارة المساجد بالمملكة العربية السعودية.
فيما تحدث الدكتور مشاري بن عبد الله النعيم عن فكرة الجائزة التي تهدف الى تشجيع ودعم النماذج المتميزة لتصميم المساجد وتشييدها والحفاظ عليها، كما تقوم الجائزة بعدد من النشاطات؛ بهدف بناء قاعدة معلومات عالمية عن المساجد والاحتفاء بها، فضلا عن التعاون مع مكتبة الإسكندرية لمكانتها في المنطقة العربية والعالم لافتا إلى التحضير إلى مزيد من الفعاليات والأحداث التي سيجرى تنظيمها بالتنسيق بين الجانبين.
وخلال الجلسة الأولى للندوة الدولية الثانية لعمارة المساجد، تحدث الدكتور “جيمس ستييل” أستاذ العمارة بجامعة جنوب كاليفورنيا عن أنماط عمارة المساجد، وأهمية المسجد كمركز للحياة المدنية في العالم، مشيرا إلى أن الجانب الوظيفي للمسجد هو إيجاد حيز يسمح للناس بالعبادة إلا أن له جوانب أخرى للترابط الاجتماعي ونشر المعرفة.
وأوضح ستييل أن هناك أنماط كثيرة لعمارة المساجد بداية من الأشكال والتصميمات الموروثة وصولا إلى الشكل المعاصر لبعض المساجد عن طريق استحداث لعناصر الملامح التشكيلية للمبنى، فيما أشار إلى بعض العوامل المؤثرة على المسجد ومنها عامل البيئة المناخية، والتكنولوجيا والتطور الصناعي وكذلك عامل المكان والبيئة المحيطة.
وتحدث الخبير المعماري الدكتور حسن واكد عن أهمية المساجد كأحد الأماكن الهامة التي تشجع على الترابط الاجتماعي بجانب وظيفتها الأساسية كدور عبادة، لافتا إلى أن المساجد فرصة كبيرة للترابط الاجتماعي، وأن هناك فرصة للمعماريين للتشجيع على ذلك من خلال التصميمات التي تحقق الوظيفة المخصص لها المبنى بنجاح، ورأى أن التواضع في البناء وعدم التبذير من مقومات بناء المساجد لإعلاء معاني الروحانية، لافتا إلى أن الاعتماد إلى الطبيعة في البناء من خلال العناصر البيئية المحيطة يؤثر بشكل كبير على الإنسان.
وتحدث الدكتور عبد العزيز صلاح سالم عن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لعمارة المساجد في المغرب، بينما تطرقت الدكتورة دليلة الكرداني إلى الروحانية في عمارة المساجد ودور عمارة المساجد في بناء المحتوى الفكري والعمراني والوجداني في الماضي والحاضر.
وخلال الجلسة الثانية تحدث الدكتور مشاري بن عبد الله النعيم عن دور الجائزة في إعادة إحياء الدور التنموي للمسجد في العالم، مبينا أن الجائزة منذ تأسيسها في عام 2011 وهي تعنى بالجوانب العمرانية والمعمارية والتقنية للمسجد، وتمنح الجائزة للمكتب الهندسي الذي صمم المشروع الفائز، وتهدف الى تشجيع ودعم النماذج المتميزة لتصميم المساجد وتشييدها والحفاظ عليها، وبشكل عام تؤكد الجائزة أهمية عمارة المسجد في القرن الحادي والعشرين كرسالة أساسية تعبر عن الحضور المعاصر والمستقبلي للمسجد بعمارته وتواصله الحضري واجتماعي، وتؤكد أهمية التقنية والتشكيل المعماري التي يفترض ان تعكسها عمارة المسجد.
وتحدث المعماري الأردني راسم بدران، عن جانب من أعماله التي برزت في العديد من الدول العربية، لافتا إلى أن التعامل مع عمران المساجد يتخذ أكثر من بعد، من أهمها علاقة العمران مع محيطه، وجعله مندمجًا بتناغم مع السياق المحيط، مساهمًا في إثراءه وإحيائه، وهذا النهج كان هاجسًا يلازمني في كل مهمة أوكلت لي لتصميم دور العبادة.
وتابع أن بؤرة التوجه تدور حول تحويل المسجد إلى مدينة صغيرة تعج بالحياة، وتثري العمران الاجتماعي، وفي هذا ابتعاد عن عمارة المعابد المعزولة الصامتة، وتوجه إنساني ينهجه أيضًا في صياغة التكوينات الداخلية، وقد كان التعامل مع الضوء الطبيعي الذي يتخلل قاعة الصلاة هو ما يشغل تفكيري.
وأشار إلى أنه اتخذ تكوينا يتناسب مع المقياس الإنساني باستعمال الأعمدة لكسر اتساع حيز الصلاة، ليصبح أقرب إلى أركان البيت، فهو في نهاية المطاف، بيت الله، كما أنه آخذ بالاعتبار تناغم وانسجام عمران المسجد مع البيئة المناخية والاجتماعية وما يحمل به التراث من ذاكرة لهذا المكان، وحريص على ألا يشغلنه تكرار النمط في كل موقع.
وخلال الجلسة الثالثة تحدث الدكتور محمد الجمل عن جهود مركز دراسات الحضارة الإسلامية بمكتبة الإسكندرية في دراسة تاريخ عمارة المساجد، مبينا أن المركز معني بإصدار مجموعة من الدراسات الأكاديمية المحكمة، سواء بأعمال مؤتمرات، وأبحاث تاريخية، كما أصدر المركز موسوعة هامة بعنوان موسوعة المزارات الإسلامية – القاهرة المعزية وتتكون من8 أجزاء تتناول الآثار الإسلامية في القاهرة ومدن مصر.
وأشار الجمل إلى أن المركز يقدم دراسات أخرى مختلفة مثل الفن الإسلامي في الصين، والحضارة الإسلامية في الأندلس إلى جانب دراسات المساجد في مجالات التاريخ والحضارة الإسلامية وغيرها من المجالات، لافتا إلى أن من المقرر العمل على إصدار دراسات أكاديمية بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان وستصدر قريبا في موسوعة أخرى، بالإضافة إلى أعمال بعض رواد التراث المعماري والآثار الإسلامية والتي ستصدر في في سلسلة كتب جديدة قريبا.