إلى لغتنا العربية:
يا من كرمك الله عز وجل على سائر اللغات، ألا يكفيك فخرا أنك لغة القرآن الكريم؟! يا من تغنى بكلماتك العرب القدامى في أشعارهم وخطبهم، فأنت الغنية الثرية بمترادفاتها، وتضادها، فلا تبخلين على من يقصدك بفيض كلماتك وعباراتك، بحلي استعاراتك، وتشبيهاتك، فيجد القارئ حلاوة التعبير، والكاتب غزارة المفردات والعبارات.
فهل أعطيناك حقك في المحافظة عليك؟ يقول عميد الأدب العربي طه حسين ” لغتنا العربية يسر لا عسر ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها” أعتقد أن العبارة الآن قد تغيرت، فقد أصبحت في زمننا هذا لغتنا العربية عسر لا يسر ونحن لا نملكها كما كان القدماء يملكونها.
نعم! لقد أصبح زمننا هذا زمن أهملت فيه اللغة العربية، فلا أعرف كيف ولماذا أصبح الحديث باللغات الأخرى كالإنجليزية والفرنسية من علامات التحضر والرقي!! بينما اللغة العربية أصبحت لا تعبر عن ذلك!! فتجد كثيرا من الناس وخاصة الشباب يزجون بكلمات من لغات مختلفة في أحاديثهم كدليل على أنهم متعلمين ومثقفين.
وربما يرجع ذلك إلى أن العلوم والتكنولوجيا الحديثة أصبحت بعيدة عن اللغة العربية، وكأنها لغة فقيرة وضعيفة لا تستوعب تلك العلوم، فقد نسي أو تناسى البشر أن أول العلوم نشأت باللغة العربية، وإن العلماء العرب سجلوا علومهم باللغة العربية، ولولا عمليات النقل والترجمة التي قام بها الأوروبيون في العصور الوسطى لكانت اللغة العربية هي لغة العلوم الأولى في العالم.
فلقد استطاعوا من خلال الترجمة المحافظة على لغاتهم وتطوير العلوم بها، فبعدت كل البعد عن اللغة العربية، ونحن أيضا ساهمنا في ذلك فقد أهملنا العلم والسعي من أجل التطوير، وبدلا من ترجمة العلوم الحديثة إلى لغتنا العربية لاستعادة أمجادها السابقة في العلم، أيقننا بأننا لن نتعلم إلا بتلك اللغات.
فلقد فقدنا الكثير من لغتنا الجميلة، وأصبح من يمتلكونها قلة قليلة، وللأسف الشديد أن هؤلاء العالمون بها لم يحافظوا هم أيضا عليها، فقد جعلوها سلعة تباع وتشترى!! جعلوها مشروع استثماري رابح دون أي اكتراث بأهميتها، دون أي اهتمام بدورهم في تعليمها لمن لا يجيدونها، فكل مبتغاهم أن تبقى كما شيع عنها، لغة صعبة جامدة، لا يستطيع أي شخص تعلمها، وذلك لحماية مكاسبهم التي تأتيهم من خلالها.
فقد أهنا اللغة العربية وهي التي كرمها الله عز وجل، لقد أهملناها، وهي لغة نبينا الصادق الأمين، فعذرا لغتنا العربية.
اقرأ أيضًا: دار في خاطري| “لا”
نبذة عن الكاتبة
ريم السباعي
أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا
حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005
صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب
صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها
للتواصل: