تفاصيل لأول مرة عن حياة «عبد الرحيم منصور».. تكشفها ابنة أخيه لكلمتنا
تضم مصر نخبة فريدة من الشعراء الذين خلدوا لحظات تاريخية لا تُنسى مهما طال الزمن، فاليوم 28 يوليو تحل ذكرى وفاة الشاعر المصري الكبير عبد الرحيم منصور، والذي رحل عن عالمنا عام 1984م، تاركاً لنا إرثاً كبيراً من الشعر والأغاني الوطنية التي لامست قلوبنا.
وكان لمنصة «كلمتنا» لقاءٌ مع الشاعرة والصحفية مي منصور ابنة أخ الشاعر عبد الرحيم منصور، تكشف فيه العديد من الحكايات التي قد لا يعرفها الجميع عن الشاعر عبد الرحيم منصور وذكرياته مع العديد من النجوم.
بدأت مي منصور حديثها لمنصة «كلمتنا» واصفة الشاعر عبد الرحيم منصور قائلة: “عبد الرحيم كان شخصاً طيباً للغاية وعلى سجيته، ودائماً أُلقبه بأنه قطرة الندى التي لم تشق عباب المدينة، فجميع من أتى إلى القاهرة تصبغ بصبغة المدينة وبدأ يغير من طبيعته نتيجة حياة المدينة القاسية، ولكن عبد الرحيم منصور لم يتغير فعاش على طبيعته وعاش ببراءته وطيبته حتى آخر يوم في عمره”.
وتضيف أنه كان شخصاً بسيطاً يعيش الحياة ببساطة لم يكن يفرق معه أي شيء، فكان دائماً يقول: “الحياة للحياة”، كما لم تكن الشهرة أمراً فارقاً بالنسبة إليه، وكان يحب الشعر وكتابته حباً كبيراً للغاية.
حكايات وكواليس
تروي مي منصور إحدى الحكايات وكواليس أغنية “اتكلمي” التي كتبت في 5 دقائق، قائلة إن عند افتتاح القلعة بعد التجديد اتصل الموسيقار أحمد منيب بعبد الرحيم منصور ليقول له إن الافتتاح اليوم وعليه كتابة أغنية جديدة للافتتاح، واتفق معه على أن يأتي إلى بيته ليفكروا في الأغنية، وفي الطريق عندما كان يفكر كتب منصور أغنية اتكلمي، وقد لا يعرف الكثير أنه كتب هذه الأغنية في 5 دقائق.
وتستطرد منصور حديثها لكلمتنا، لتروي حكاية أخرى عن كواليس أغنية “حدوتة مصرية” قائلة إن تلك الأغنية تمت كتابتها قبل حدوث الانتفاضات وحملة الاعتقالات عام 1981 بـ 4 شهور، لتأكد الأغنية أن الشاعر عبد الرحيم لديه حدس شعري، لافتة إلى أن الأغنية لاقت إعجاب المخرج يوسف شاهين بشكل كبير لدرجة أنه تواصل مع عبدالرحيم ودعاه إلى مكتبه ليحدثه عن كتابة سيناريو من تأليفه وتدور أحداثه حول محتوى الأغنية وأن اسم الفيلم سيكون “حدوتة مصرية”، ولكن رفض عبد الرحيم لأنه ليس كاتب سيناريو بالمعنى المتعارف عليه.
وتضيف أن بالرغم من ذلك أصر يوسف شاهين على هذا الفيلم وقرر هو كتابة السيناريو وإخراجه، وبالفعل سمي الفيلم على اسم أغنية “حدوتة مصرية”، وأوصى شاهين قبل موته بأن يُكتب على شاهد قبره كلمات عبد الرحيم منصور “حدوتة مصرية”، وذلك بالرغم من وجود العديد من الأعمال العظيمة الأخرى ليوسف شاهين ولكنه كان يرى ذلك العمل من أهم أعماله لأنه يحمل أقرب كلمات لقلبه.
عفوية وبراءة
في حكاية أخرى وكواليس جديدة تروي مي إحدى لقاءات عبد الرحيم منصور مع بليغ حمدي قائلة: “عندما كان عبد الرحيم منصور جالساً مع بليغ حمدي كالعادة في البيت، وكان بليغ مزاجه معكر، ومن المعروف أنه عندما يكون مزاجه معكر ويتصل به أي أحد كان عبد الرحيم يقول له بليغ في دورة المياه، وفي ذلك الوقت اتصلت أم كلثوم به ولكن منصور أبلغها بنفس الأمر، وعندما علم بليغ أنها أم كلثوم تفاجأ لأنها تعلم هذه اللعبة وستشعر بالضيق، لذلك ذهب بليغ مع عبد الرحيم إلى أم كلثوم لمراضاتها، وقتها أحبت كوكب الشرق عبد الرحيم وصدقت أنه بالفعل شخص طيب وبريء وأن ما حدث كان بشكل عفوي، وبدأت في سماع العديد من الكلمات التي لم تكن خرجت للنور، واختارت منهم أغنية وكان بالفعل سيتم تعاون بين عبد الرحيم وأم كلثوم وألحان بليغ حمدي، ولكن لم يمهلها القدر أن تغنيها”.
وتكشف مي منصور لكلمتنا أن أغنية “بكرة يا حبيبي” لوردة، لم تكن مكتوبة لها، بل كانت مكتوبة لفيروز، ذلك الأمر الذي لم يكن يعرف عنه أحد من قبل، وحدث ذلك أثناء زيارة لها في القاهرة عندما طلبت مقابلة عبد الرحيم منصور، وطلبت منه كتابة أغنية لها فكانت “بكرة يا حبيبي”، التي نالت إعجابها الشديد، وكان سيلحنها الرحبانية، ولكن عندما عادت فيروز إلى بيروت تأخروا في تلحينها، وقتها أعجب بليغ حمدي بالأغنية للغاية ورغب في تلحينها وأن تغنيها وردة، وتحدث في ذلك مع عبد الرحيم وأقنعه وبالفعل غنتها وردة”.
كلمات خالدة
أما عن حكاية أغنية “عبرنا الهزيمة” توضح مي أن توفيق الحكيم كتب مقال بعنوان “عبرنا الهزيمة” بعد نصر أكتوبر، وعندما قرأ عبد الرحيم منصور المقال، كتب أغنية “عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة”، والتي تغنت بها الفنانة الراحلة شادية، ليتصل بعدها توفيق الحكيم بعبد الرحيم منصور وطلب منه مقابلته، وعندما ذهب إليه منصور قال له: “أنا كتبت مقال لم يقرأه الكثير، ولكنك كتبت أغنية جعلت ملايين المصريين يتغنون بعنوان المقال، شكراً يا عبد الرحيم منصور لأنك خلدت عنوان المقال وجعلت الجميع يتغنى به”.
واختتمت مي منصور حديثها لمنصة «كلمتنا» مؤكدة أن أكبر جائزة للشاعر أو الفنان بشكل عام أن يتذكره الجميع، وذلك ما حدث مع عبد الرحيم منصور، فبعد مرور 38 عاماً على وفاته، أن يتذكره الجميع ويتغنوا بكلماته، ويتم إجراء دراسات عليه وعلى كلماته، ذلك هو النجاح والتكريم الحقيقي، فما زالت أغانيه تعيش معنا حتى الآن، فلا يوجد مناسبة لا يعيش فيها عبد الرحيم منصور معنا، ولعل أكبر شاهد على ذلك في ذكرى حرب أكتوبر سنجد أغاني “بسم الله”، “على الربابة”، و”عبرنا الهزيمة”، وأيضاً في عيد الأم تتغنى شادية بأغنية “أمي” كلمات عبد الرحيم منصور، وغيرها الكثير من الأغاني التي كتبها لأشهر الفنانين مثل محمد منير، عفاف راضي، فايزة أحمد، علي الحجار، أنغام، ومدحت صالح، والعديد من أعمال عبد الرحيم منصور التي لا حصر لها.
اقرأ أيضاً: حفيد يوسف السباعي في حوار خاص لكلمتنا: جدي كان شخصًا بسيطًا ومحبًا للعطاء والإنسانية