كاتب ومقال

دار في خاطري| أخاف ولا أخاف

كتبت: ريم السباعي

في يوم من الأيام ذهب رجل في عقده الخامس إلى أحد الحكماء وقال له: جئت أشكو إليك خوفي من الموت، فقال الحكيم: أهو خوف من المجهول؟! فقال الرجل: لا أعلم!! فلم أكن أخشى الموت منذ عشرين عاما، فقد كنت لا أبالي بالمخاطر مهما بلغت مداها، حتى ولو أودت بي إلى الموت.

وراح الرجل يقص عليه مغامرات خطيرة مرت به، ثم عاد وقال: ربما كان صغر سن هو السبب في عدم خوفي، فربما كنت أرى الموت بعيدا فظننته لن يلحق بي، وربما كان تقدمي في العمر سبب خوفي، أيا ما كانت الأسباب، فأنا أكره ذلك الشعور بالخوف، فهل من طريقة تجعلني لا أخاف؟!

كان الحكيم يصغي لحديثه، ثم قال: لقد أخبرتني بما فعلت في الماضي دون تردد أو خوف، ولكنك لم تخبرني بما تفعل الآن، عد إلى البيت، واجلس وحيدا، أعد على نفسك أفعالك الحالية، ثم حاسب نفسك، وبعدها صحح أخطاءك.

عاد الرجل بعد عدة أيام بعدما فعل ما طلبه منه الحكيم، فقال له: فعلت ما طلبته مني بكل صدق وصراحة، فوجدت نفسي مخطئ، لقد ظلمت نفسي وأقحمتها في أخطاء كادت أن تودي بها في الهلاك، فقال له الحكيم: أما زلت خائفا من الموت؟! ابتسم الرجل وقال: لا! لقد عدت إلى سابق عهدي، شكرا لك، ولكن أخبرني!! كيف عرفت أنني غارق في الأخطاء؟!

فابتسم الحكيم وقال: حين كنت على صواب، ترفض الخطأ وتكره الظلم، كنت لا تخشى الموت، لأنك لم تكن تخشى لقاء الله، ولكن عندما تخشى لقائه فلابد أنك تفعل ما لا يرضيه عنك، وذلك كالطفل حين يفعل فعلا يراه عظيما لا يخشى والديه، فهو يعلم جيدا بأنهما سيكافئانه، أما حين يخطئ، فهو يخشى رؤيتهما، خوفا من عقاب لا مناص منه، ولكن حين يعترف بأخطائه بين أيديهما واعدا إياهم بعدم تكرارها، فيعود إليهما نادما فيشعر بالطمأنينة والراحة، فلم يعد يخشى العقاب فقد زال، ولكنه يخشى الوقوع في أخطاء جديدة، فيناله بسببها عقاب أليم.

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى