كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| البستاشيو على القفطان

من عجائب هذا الزمان أن نترك كل التحديات التي تحيط بنا وكل الأمور الهامة، ونقوم بالتركيز على توافه الأمور، تلك التي لا تناسب ظروفنا، ولا يجب حتى في أفضل الظروف أن تحظى بهذا الكم من الاهتمام والمتابعة والتقليد الأعمى.

من تلك التقاليع، الاهتمام الشديد بما يعرف بصوص البيستاشيو (Pistachio). والبستاشيو لمن لا يعرف هو الفستق الحلبي، وهذا الاسم – الفستق – هو المعروف والموجود في القاموس المحيط وفي لسان العرب. أما البستاشيو، فهو الترجمة الإنجليزية لهذه الثمرة. والغريب أنه، ونظرًا لارتفاع سعر الفستق، فإن البعض يقوم بطحن بذور البسلة ويطلق عليها البستاشيو الكذاب أو بستاشيو الغلابة، وكأن الفستق أصبح من ضرورات الحياة التي لا تستقيم إلا به، وأن على الغلابة البحث عن بدائل أخرى للحفاظ على حياتهم من الفناء المتوقع.

من التقاليع الجديدة والمرتبطة بشهر رمضان، والتي بدأت في الانتشار كالنار في الهشيم منذ سنوات قليلة، هذا الزي الذي ترتديه الفتيات والنساء، والمعروف بالقفطان (Caftan)، والتي يتم تحويرها لتنطق وتكتب كافتان، ولا أدري لماذا. مثلما لا أدري لماذا انتشر بهذه الصورة الغريبة، رغم أن شهر رمضان كان دائمًا يتميز باحتفاء الأطفال به، وليس الكبار أو البالغين الذين كان لديهم أمور أهم وأكثر جدية من تلك المظاهر الشكلية، على اعتبار أنهم الأكثر فهمًا لهذا الشهر ولحكمة الصيام والعبادة فيه.

للأسف، وفي ظل هذا الخواء الذي يسمح بانتشار الكثير من التقاليع، فإنني لا أستبعد أن تحمل الأعوام القادمة المزيد منها، كما كان يرتدي الرجال طرابيش أو يمسكون بمنشآت لطرد الذباب الذي قد يتجمع على صوص البستاشيو عند خلطه بالقشطوشة أو الأنبليه.

قد تشعر عزيزي القارئ ببعض من الامتعاض عند قراءتك لهذا المقال، وقد تتهمني بالحقد على أصحاب البستاشيو وصاحبات القفطان، ولكنني أرى أن هذه الأمور ليست من باب التسلية أو محاولة كسر الملل أو التجديد، فالتسلية لها أصول، والملل له طرق للعلاج، والتجديد الإيجابي أيضًا له قواعد ومعايير، ليس منها تلك الأمور، وخاصة أنها تنفرد بالساحة الرمضانية وربما تزيح الكثير من الأمور الأكثر أهمية، وقد تطمسها نهائيًا يومًا ما.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى