«كعك العيد».. حكاية بدأت في مصر القديمة وتوارثتها الأجيال
أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، فأول ما يجول في بالنا فور سماع كلمة «العيد» هي البهجة والكعك والبسكويت اللذان يعدا من أهم طقوس العيد، فتعم البيوت رائحة كعك العيد، حيث تسعى الأسرة إلى الاهتمام بصنعه وسط مشاركة من الجيران والأصدقاء، تلك العادة التي توارثتها الأجيال، وتتشارك فيها العائلة كل عام، فما هي قصتها؟
في السطور التالية تستعرض لك منصة «كلمتنا» أصل حكاية كعك العيد ومتى بدأت وكيف وصلت إلينا.
مصر القديمة
منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة، كان يُعد الكعك على أشكال دائرية ويقدم في الأعياد أو عند زيارة الموتى والقبور، فاعتادت زوجات الملوك في الدولة الفرعونية، على تقديم الكعك إلى الكهنة في المعابد، والقائمين على حراسة الهرم «خوفو» في يوم تعامد الشمس على حجرة خوفو.
فكان يطلق عليه آنذاك اسم «القرص»، يقدم برسمة قرص الشمس وهو رمز الإله «رع»، كما اتقن الخبازون صنعه بأشكال مختلفة، مثل: المستطيل والمستدير والمخروطي واللولبي، حتى وصلت أشكاله إلى 100 شكل، زُينت بزخارف مبهجة ونُقشت بقطع هندسية مختلفة، وأحيانًا كانوا يقومون بحشو الكعك بالعجوة أو التين ويزخرف بالفواكه المجففة كالزبيب.
نقوشات على جدران المعابد
اكتشف علماء الآثار صور تفصيلية لصناعة كعك العيد، منقوشة على جدران المعابد في منف وطيبة «الأقصر» عاصمة مصر في العصر الفرعوني، كما نقشت أشكال متعددة على جدران مقبرة الوزير «رخميرع» أو «رخ مي رع» من الأسرة الثامنة عشر.
توضح هذه النقوشات أن عسل النحل كان يخلط بالسمن، ويقلب على النار ثم يضاف إلى الدقيق، ويقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها، ثم يرص على ألواح الإردواز ويوضع في الأفران، ومن هنا صنع الكعك تبعًا لطريقة الفراعنة في مصر القديمة.
الدولة الإسلامية
انتقلت صناعة الكعك من الدولة الفرعونية إلى الدولة الإسلامية، ففي عهد الطولونيين، احتل الكعك مكانة فريدة بين أهله، كرمزًا هامًا لحلول العيد الذي يرافقه السعادة والمرح المنتظر طوال العام، فكان يُصنع في قوالب خاصة، منقوش عليها عبارة «كل واشكر»، حتى أصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر.
عهد الدولة الإخشيدية
أما في العهد الإخشيدي، كان أبو بكر المادراني، وزير الدولة آنذاك يصنع كعك عيد الفطر، ويحشوه بالدنانير الذهبية، وكان يطلق عليه حينها «أفطن إليه» أي انتبه للمفاجأة، ولكن تم تحريف الاسم إلى «انطونلة»، واشتهرت حينها على نطاق واسع، كما كانت تقدم في دار الفقراء آنذاك.
عهد الدولة الفاطيمية
وصولًا لعصر الدولة الفاطيمية، حيث تلقى الكعك شهرة واسعة ذاع صيتها، فكان الخلفية الفاطمي يخصص 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد، فكانت المصانع والمخابز تتفرع لصناعته، بداية من منتصف شهر رجب إلى العيد.
فكان الخليفة يتولى أمر توزيعه بنفسه، فكان الشعب يقف أمام أبواب القصر عندما يحل العيد، ليحصل كل فرد منهم على نصيبه، والجدير بالذكر أن حجم الواحدة منه حينها كان في حجم رغيف الخبز.
بمرور الوقت أصبح هذا التقليد عادة سنوية للعصر الفاطمي، كما زادت شهرته أيضًا في عصر المماليك والعهد العثماني، فكان يوزع على الفقراء والمتصوفين والتكيات، واعتبر من الصدقات ومن أهم ما يتهادوا به في عيد الفطر.
عادة توارثتها الأجيال
تخليدًا لأصل حكاية صناعة الكعك، وضع في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، قوالب الكعك التي كان يصنع بها الكعك في عهد الدولة الإسلامية، وقد كتب عليها «كل واشكر مولاك» و«كل هنيئًا واشكر» وغيرها من العبارات.
توارثت عادة «كعك العيد» من جيلٍ لآخر حتى يومنا هذا، لم تندثر رُغم محاولات البعض في القضاءِ عليها، بل تطورت وأصبحت من أهم جذور الثقافة المصرية وسر آخر من أسرار الفراعنة، وأصبح يقدم مع هذا الكعك البسكويت والبيتي فور وغيرها من الحلويات.