شيخ المترجمين محمد عناني يفوز بجائزة النيل.. بعد رحيله
لُقب بشيخ المترجمين فقد جمع بين التأليف والترجمة والنقد الأدبي، وهو صاحب مدرسة رائدة في الترجمة، قدم إلى العربية متون الفكر العالمي وروائع أدبه، فكان مبدعًا نقل من ترجمات رصينة توازي رصانة اللغة التي ترجم عنها، وكانت الترجمة بالنسبة له امتزاج حضارتين في بوتقة واحدة، إنه المترجم الراحل الدكتور محمد عناني، الذي فاز بجائزة النيل في مجال الآداب لعام 2023، وفي السطور التالية ترصد منصة «كلمتنا» أهم المراحل في مسيرته.
وُلد الدكتور محمد عناني في مدينة رشيد بمحافظة البحيرة عام 1939، وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة القاهرة عام 1959، وعمل محاضرًا في اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة منذ عام 1975م، ورئيسًا لقسم اللغة الإنجليزية بالجامعة بين عامَي 1993 و1999.
بدأ محمد عنانى مشواره في ترجمة أعمال وليم شكسبير، في مارس 1964، بعد تخرجه، بترجمة مسرحية “حلم ليلة صيف” مستعينا ببعض المراجع عن التقاليد الشعبية الخاصة بالجن والعفاريت في إنجلترا أيام شكسبير، بعدها عكف على ترجمة “روميو وجولييت”، وتمكن من الانتهاء منها عام 1965، وأثناء هذه الفترة تلقى اتصالًا من الدكتورة لطيفة الزيات تبلغه أنه تمت الموافقة على قائمة تضم عشرة أشخاص سمح لهم بالخروج من مصر للدراسة، كان هو أحد هذه الأسماء.
شغف الترجمة
انطلق عناني في مسيرته مستندًا إلى شغفه الكبير في الترجمة، وأنجز الكثير من الأعمال ومنها كتاب الاستشراق لـ«إدوارد سعيد» شارحاً فيه قيمة الشرق، كمنتج فكري، استفاد منه الغرب، وتم وضعه في صورة الاستغلال والاستعباد، وفرض الجهل عليه ونهب ثرواته.
خلال مسيرته ترجم محمد عناني أستاذ اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة القاهرة عددا من أبرز مسرحيات شكسبير مثل: تاجر البندقية، وهاملت، والملك لير، ويوليوس قيصر، ودقة بدقة، التي نال عن ترجمتها جائزة «رفاعة الطهطاوي للترجمة» عام 2014، من المركز القومي للترجمة بالقاهرة.
ويعد محمد عناني من المترجمين العرب القلائل، الذين نشرت لهم أهم دور نشر مثل «لونكمان»، وكان عناني يرأس تحرير سلسلة من أهم السلاسل وهي «الألف كتاب الثاني» التي تصدر عن هيئة الكتاب.
أعمال وجوائز
من أهم أعماله شيخ المترجمين، ترجمة تراث “شكسبير” المسرحي بأكمله، وبعض أعمال “إدوارد سعيد”، “الترجمة الأسلوبية”، ”النقد التحليلي“، ”التيارات المعاصرة في الثقافة العربية”، و“الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق”، كما ساهَم في ترجمة الكثير من المُؤلَّفات العربية إلى الإنجليزية، وعلى رأسها مُؤلَّفات طه حسين، ودواوين ومسرحيات شعرية لكلٍّ من صلاح عبد الصبور، وفاروق شوشة.
والراحل له عدد كبير من الأعمال الصادرة عن المركز القومي للترجمة منها: “شكسبير: ابتكار الشخصية الإنسانية”، “موسوعة الهارمانيوطيقا”، “غواية اللامعقول”، “عقبات ثقافية”، “بناء الثقافات”، “نصوص من الشعر القصصي الرومانسي الانجليزي”، “اللغة والسلطة”، “الخطاب و التغير الاجتماعي” و”المفكرون الأساسيون من النظرية الأدبية إلى بعد الماركسية”.
حصل محمد عناني على العديدَ من الجوائز منها: جائزة الدولة في الترجمة، وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، جائزة الدولة في الآداب، جائزة التفوق في الآداب، جائزة الملك عبد الله الدولية في الترجمة، جائزة رفاعة الطهطاوي في الترجمة، وجائزة منظمة الأليسكو للعلوم والثقافة، وآخر تلك الجوائز جائزة النيل في مجال الآداب.