شاعر وأغنية| “أنت عمري” تجمع بين أم كلثوم وعبد الوهاب بأمر رئاسي
يستوحي الشعراء أغانيهم وقصائدهم من المواقف والأحداث التي مرت بهم وتأثروا بها، وقد تجد حكاية مثيرة وراء قصيدة أو أغنية كتبها شاعر قد لا تتخيل أنها حدثت، ومن هذه الأغنيات رائعة “أنت عمري” والتي جاءت لتسجل نهاية الخلاف بين عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم وبداية التعاون بينهما بأمر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتقدم لكم منصة كلمتنا تفاصيل هذا الخلاف والذي انتهى بأمر رئاسي تاركاً لنا رائعة فنية نتغنى بها عبر الأجيال.
في نوفمبر عام 1942م زار عبد الوهاب أم كلثوم في منزلها أم كلثوم وعرض عليها فكرة إنشاء نقابة للموسيقيين، وأكد لها أنه لن يؤسسها دون انضمام أم كلثوم على أن يكون هو النقيب، وبعد تفكير وجدت كوكب الشرق أن تولي عبد الوهاب منصب النقيب سيعني للجمهور أنه أفضل منها فاعترضت على الفكرة وكتبت مقالاً في مجلة “الاثنين” تحت عنوان “لماذا أتحدى عبد الوهاب؟” وحكت فيه القصة.
وبعد هذا المقال بخمسة أيام رد عبد الوهاب بمقال في مجلة “آخر ساعة” تحت عنوان “ضربني وبكى وسبقني واشتكى” وحكى فيه القصة من وجهة نظره، ثم ما لبث أن تدخل الصحفي مصطفى أمين وروى شهادته على ماحدث في سلسلة مقالات رصدت حلقات معركة النقابة بين كوكب الشرق وعبد الوهاب، وكتبت الصحافة لتلقي مزيدًا من الوقود على النار المشتعلة حتى أصبح وجود الثنائي في مكان واحد كاختلاط الزيت بالماء.
وفي عام 1958م بدأ الحديث عن أغنية مشتركة تجمع الثنائي وتنهي نار الخلافات المشتعلة، وما لبث أن أعلن عبد الوهاب عن تأييده لهذه الفكرة خاصة عندما عرض عليه الشاعر أحمد شفيق كلمات أغنية “انت عمري” التي شعر عبد الوهاب أنها مناسبة لأم كلثوم فقام بطرح الفكرة على أحمد الحفناوي عازف الكمان الشهير في فرقتها، وافقت كوكب الشرق بشكل مبدئي ولكن القدر رتب لقاء لبدء هذا المشروع الغنائي عندما مرض عبد الوهاب فزارته أم كلثوم في منزله بحضور عبد الحليم حافظ واتفقا على الأغنية.
وبالفعل بدأ عبد الوهاب التلحين، فاعترضت أم كلثوم على أحد الكلمات في الكوبليهات، ثم اعترض عبد الوهاب على كوبليه كامل، ولم يشأ شفيق أن يتمسك برأيه حتى تسير المركب، ولكن عبد الوهاب بطبيعته المترددة ظل يعيد ويعدل ويتردد لخمس سنوات كاملة، يأست أم كلثوم فأقنعت شفيق بأن يستعينا بكمال الطويل ليلحن الأغنية، وبالفعل لحن الطويل المقدمة الموسيقية، وعرف عبد الوهاب الخبر من الصحافة فتحمس مجددًا ولحن الأغنية وسجلها بصوته.
وفي احتفالات ثورة يوليو عام 1963م سأل الرئيس جمال عبد الناصر أم كلثوم وعبد الوهاب عن أغنيتهما التي تكتب الصحافة عنها لم تظهر للنور بسبب خلافاتهما، فسارع عبد الوهاب برد دبلوماسي حسم الموقف عندما قال أنه انتهى من تلحين الأغنية وتبقى بعض التفاصيل البسيطة، وحرص عبد الوهاب على نفي أي خلاف بينه وبين أم كلثوم أمام الرئيس الذي كان يعرف بعشقه لصوت ثومة، وما لبث أن بدأت الجلسات الفنية بين كوكب الشرق وعبد الوهاب للانتهاء من الأغنية، واقترح عبد الوهاب استخدام الجيتار الكهربائي في عزف صولو المقدمة، ومن جانبها اعترضت أم كلثوم ولكن عبد الوهاب أقنعها عندما أسمعها عزف عبد الفتاح خيري للصولو ومرت الفكرة التي اعتبرتها الصحافة وقتها شرارة ثورة موسيقية.
وفي 29 يناير عام 1964م سجلت أم كلثوم أغنية “أنت عمري” لتعلن عن ميلاد أصعب وأشهر لقاء سحاب عرفته الموسيقى بين عمالقة الغناء في الزمن الجميل.
اقرأ ايضاً: شاعر وأغنية| كيف أعادت “مصر التي في خاطري” أم كلثوم من الإقصاء؟.. تعرف على التفاصيل