خروجتنا

حكاية شارع| محمد عبد الوهاب.. شارع يحكي أسرار علاقته بأحمد شوقي

تتميز القاهرة بشوارعها وميادينها العريقة التي يرجع تاريخها إلى العصور الماضية، ويقع حي الزمالك على النيل، وأطلق الأترك كلمة الزمالك على المكان وتعنى “العشش” بالتركية لانتشار العشش والأكواخ الخشبية التي كان يستخدمها الصيادون، بالإضافة إلى امتلائها بالثعالب، وفي التقرير التالي تقدم لكم منصة كلمتنا قصة حياة الموسيقار محمد عبد الوهاب والذي أطلق أسمه على أحد شوارع حي الزمالك العريق.

ولد محمد عبد الوهاب في 13 مارس 1902م، في حي باب الشعريةبالقاهرة، وكان والده هو الشيخ محمد أبو عيسى المؤذن والقارئ في جامع “سيدي الشعراني” بباب الشعرية، وأمه فاطمة حجازي، وقد ألحقه والده بكتاب جامع سيدي الشعراني حيث أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك في وظيفته، وحفظ عبد الوهاب عدة أجزاء من القرآن الكريم، قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالطرب والغناء.

بدأ محمد عبد الوهاب الغناء في سن مبكرة حيث كان مؤدياً متميزاً في مسرح محلي عندما كان عمرة سبع سنوات، وكانت أولى تسجيلاته عندما كان عمره 13 عامًا، وفي 1923م التحق عبد الوهاب بنادي الموسيقى الشرقي وهناك التقى محمد القصبجي أستاذ الموسيقى الشرقية وآلة العود حيث تعلم على يديه العزف على العود وأصول المقامات، ثم درس بعض أصول الموسيقى الغربية والتدوين الموسيقى بمعهد “جويدين” الإيطالي بالقاهرة.

وفي عام 1924م التقى عبد الوهاب بأمير الشعراء أحمد شوقي وكان هذا اللقاء نقطة تحول في حياته حيث استمع أحمد شوقي إلى غنائه في حفل على مسرح “سان استيفانو” بالإسكندرية وسمح له بالغناء عندئذ، وكان عبد الوهاب في العشرين من عمره، وقرر شوقي أن يتبناه فنيا واهتم بإكمال تعليمه ليس فقط للغة العربية والشعر، وإنما الموسيقى الغربية أيضًا والثقافة العامة.

وبدأ شوقي يكلف عبد الوهاب بوضع ألحان لقصائده وغنائها حيث كان شوقي يريد لقصائده الانتشار، وكان صوت محمد عبد الوهاب هو الجهاز الإعلامي الذي اختاره لتلك المهمة، وكانت أول أغنية لشوقي يغنيها محمد عبد الوهاب من ألحانه أغنية كتبها بالعامية وهي “شبكتي قلبي يا عيني”.

واستمر شوقي في رعاية محمد عبد الوهاب وتقديمه إلى صفوة المجتمع من المثقفين وأصحاب النفوذ وقدم له أشعاره وشجعه على تلحينها إلى أن توفي عام 1932م، وفي عام 1925م، كانت بداية اعتراف المجتمع الفني بمحمد عبد الوهاب عندما استدعته سلطانة الطرب “منيرة المهدية”، وطلبت منه إكمال تلحين رواية لم يكملها سيد درويش قبل وفاته ألا وهي رواية “كليوباترا” ولا شك أن هذه الخطوة قد أفادت عبد الوهاب كثيرًا، وكانت تحولاً كبيرًا في حياته المهنية.

دخل عبد الوهاب عالم السينما بأول فيلم غنائي له (الوردة البيضاء) وعمره 29 عاما، وأتبع هذا الفيلم بخمسة أفلام أخرى، قام ببطولتها تمثيلاً وغناءً، كان آخرها عام 1947م وعمره 43 عامًا.

استمر محمد عبد الوهاب في تقديم ألحانه للآخرين لكنه توقف عن الغناء في منتصف الستينيات تقريبًا، وله في تلك الفترة أعمال وطنية متميزة مثل “ناصر” و”الله وعرفنا الحب” و”وطني الأكبر” و”الجيل الصاعد” و”صوت الجماهير” و”يا حبايب بالسلامة”.

وقام عبد الوهاب في تلك الفترة بتلحين بعض القصائد العاطفية للفنانة نجاة الصغيرة منها قصيدة أيظن وماذا أقول له من أشعار نزار قباني ولا تكذبي التي غناها عبد الوهاب وعبد الحليم ونجاة الصغيرة كل بمفرده من شعر كامل الشناوي.

وفي عام 1963م ظهر عبد الوهاب في آخر فيلم سينمائي له باسم منتهى الفرح، اشترك فيه بالغناء فقط بأغنية “هان الود”، واعتزل بعدها الغناء تقريبًا وتفرغ للتلحين.

قام عبد الوهاب بالتلحين للكثير من المطربين والمطربات، منهم ليلى مراد، أسمهان، فايزة أحمد، نجاة الصغيرة، عبد الحليم حافظ، شادية، وردة الجزائرية، فيروز، وديع الصافي، وغيرهم.

تم تكريم عبد الوهاب عدة مرات، منها منحه لقب “الفنان العالمي” عام 1957م من قبل جمعية المؤلفين والملحنين، كما تم منحه الدكتوراه الفخرية عام 1975م من أكاديمية الفنون.

كما منحه السادات رتبة عسكرية فخرية وهي رتبة لواء، كما حصل على عدة جوائز أخرى منها: الميدالية الذهبية للرواد الأوائل في السينما المصرية، ووسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر، والميدالية الفضية في العيد الفضي للتيلفزيون، وسام الاستقلال عام 1970م، الميدالية الذهبية في العيد الذهبي للإذاعة، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 1971م، وغيرها من الجوائز.

وأقيم تمثال له في ميدان “باب الشعرية” وذلك تخليدًا لذكراه، كما تم إنشاء متحف مقتنيات وأشياء خاصة بمحمد عبد الوهاب، وموقعه في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة.

توفي عبد الوهاب في 4 مايو 1991م إثر وعكة صحية ألمت به.

اقرأ ايضاً: حكاية شارع| طه حسين.. رحلة الكفيف الذي سبق عصره!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى