كلمة ورد غطاها| الجديد في قانون العمل

وافق مجلس النواب منذ أيام قليلة على قانون العمل الجديد، والذي يحتوي على الكثير من التعديلات والإضافات. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع بعض أو كل تلك التعديلات، إلا أن هناك إضافة هامة جدًا ظهرت، وربما لأول مرة في هذا المجال، وأقصد بها الإضافة الخاصة بالعمل عن بُعد ومن خلال المنصات الرقمية.
فمع تزايد معدلات التحول الرقمي في كافة مناحي الحياة، ومنها في أداء الأعمال المختلفة سواء بصورة كلية أو جزئية، وبعد أن مر العالم كله بجائحة كورونا التي فرضت الإغلاق والتباعد الاجتماعي وبقاء الجميع في المنازل، لم يجد الاقتصاد ملاذًا ولا مخرجًا ولا متنفسًا للاستمرار إلا من خلال تلك التقنيات الحديثة التي أتيحت للعمل عن بُعد، في محاولة لاستمرار الحياة كما كانت قبل الجائحة، أو على الأقل للإبقاء على الحد الأدنى من التشغيل اللازم لاستمرار عجلة الأعمال والاقتصاد في الدوران.
ولذلك، فإن معدلات الاتجاه إلى أدوات العمل عن بُعد تزايدت بصورة ملحوظة من بداية الجائحة مقارنة بما كانت عليه قبلها، أي قبل عام 2020. ومع انحسار الجائحة، استمرت بعض المؤسسات والحكومات في التمسك بهذا النهج – ولو جزئيًا – نظرًا لما لمسته من مميزات أخرى حقيقية وليس إجبارًا كما كان هو الحال.
بالطبع، لا يناسب هذا النمط كل الأعمال بنفس الدرجة، فبعضها يمكن الاستمرار فيه بصورة كلية، وبعضها يمكن الاستمرار فيه بصورة جزئية، وهو ما يعرف بالنظام الهجين، فيما لا يمكن اللجوء إلى تلك الآليات لأداء بعض الأعمال على الإطلاق، مثل عمال المصانع والمزارعين وغيرهما.
ولنأخذ بعض الإحصائيات الدالة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تشير إلى أن أكثر من 20% من الأعمال تتم عن بُعد، وأن نسب العاملين في تلك الوظائف تختلف طبقًا للمستوى التعليمي، حيث نجد أن النسبة ترتفع إلى 45% من إجمالي العمالة الحاصلة على دراسات عليا، فيما تنخفض إلى حوالي 36% في المؤهلات الجامعية، بينما تنخفض إلى 3.5% في حالة العمالة غير الحاصلة على دبلومة المدارس العليا (High School Diploma). أما بالنسبة للفئات العمرية، فنجد أن أكبر نسبة، وهي 26.2%، تقع في السن بين 35 و44 عامًا، وتنخفض إلى 8% أو أقل في الفئات العمرية الأقل من 24 عامًا.
بالنسبة إلى التخصصات الأكثر إقبالًا وملاءمة للعمل عن بُعد، فيأتي على رأسها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بنسبة 26%، وتشاركها في نفس النسبة الأعمال المالية والمصرفية، يليها خدمات الأعمال والتراخيص، ثم الفنون والآداب، ثم الخدمات الحكومية والخدمات الصحية بنسبة 19%.
أما بالنسبة لنمط العمل الهجين، فإن النسبة ارتفعت من 4.1% عام 2018 إلى 14.1% عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 16.3% بحلول عام 2028.
الأرقام السابقة، وإن كانت خاصة بالواقع الأمريكي، قد تختلف من بلد لآخر طبقًا لعوامل كثيرة، منها طبيعة الأعمال وثقافة الأفراد ومدى تأهيلهم وتدريبهم وتوافر البنية الأساسية والتحتية والتأمينية المناسبة. إلا أن تواجد القوانين المنظمة يعتبر من أهم النقاط المساهمة والمساعدة على الانتقال بسهولة وسلاسة إلى هذا النمط العصري الجديد.