كاتب ومقال

دار في خاطري| قبس من نور

هل سرت يوما في درب مظلم لا يبدد ظلامه شعاع نور؟! ها هو الطريق الذي أُقحِمت للسير فيه، تتعثر بالأحجار والصخور، فأنت لا ترى أي شيء، فقط ظلام على مد البصر، وأنت تسير مجبرا لعله ينتهي ذلك الطريق فتخرج إلى مكان آمن، فتزل قدمك وتسقط على منحدر حتى تسقط في هاوية، فتقوم لتكمل الطريق دون أن تحاول معرفة أين أنت؟ أو إلى أين أنت ذاهب؟

فتتابع السير ولكن في هذه المرة تصطدم بصخرة عالية، فتشعر بالغضب، ولكن لا مناص من تسلقها كي تكمل الطريق، فتصل إلى القمة بعد شقاء وعناء، تعلو نبضات قلبك وتتسارع، تسمع صوت أنفاسك اللاهثة، وتشعر بصدر يعلو ويهبط، كبالون يمتلئ بالهواء ثم يُفرَغ في وقت قياسي، فيضاف إلى غضبك خوف، تدور حول نفسك ويدور برأسك أسئلة كثيرة، تزداد وتتكاثر دون إجابة، فتشعر برأسك وكأنه يتضخم، فتشعر به ثقيلا لا تقوى على حمله.

وعندئذ تلقي بنفسك فوق تلك القمة التي لا تعرف أين بدايتها؟ وأين نهايتها؟ لا تعلم إلى أين ستأخذك؟ ومتى وأين ستلقي بك؟ أم أنها ستأخذك إلى قمة أعلى منها؟ أم تهوي في قاع عميق؟ فتؤثر البقاء، ولكن رغبتك في الهروب بعيدا عن هذا الدرب تسوقك للنهوض من جديد، فينشب صراع بداخلك بين البقاء والمضي قدما نحو المجهول.

وهنا تسمع صوتا يجعل الصراع بداخلك على أشده، صوتا يدعوك لإيذاء نفسك لأن لا ملاذ ولا مفر، ثم يعلو الصوت حتى يسكن جوارحك.

ولكن في خضم هذه الصراعات يستفيق قلبك، فينطق لسانك بكلمتين مكونة كل كلمة منهما من حرفين، فيشرق النور، فيتبدد الظلام، وترى الأشياء أمامك على حقيقتها واضحة جلية، فتقف من جديد ولكن هذه المرة بثقة وثبات، تعي جيدا إلى أين أنت ذاهب، فتخطو أولى خطواتك في النور، ولكن الصوت مازال يدوي في أذنيك، فلا تكترث له وتمضي، فإذا بالطريق الوعر قد أصبح ممهدا.

إن تلك الكلمتين الساحرتين هما “يا رب” فذلك هو حالك حين تتراكم عليك المتاعب، وتتلاحق حولك الأحداث، فتصبح أرضا خصبة لوساوس الشيطان، فيصبح ملاذك الوحيد هو الله عز وجل، فحين توقن بأنه لا ملاذ منه إلا إليه، فتذكره كثيرا، فيتبدد ظلام قلبك ويمتلئ نورا، فما أجمل نور الله حين يضئ القلوب والدروب!!

بقلم:
ريم السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى