كلمة ورد غطاها| بعتني بكام يا مارك
يجلس إبراهيم الأبيض ذاهلا على كرسي المقهى بجوار صديقه عشري الذي يمسك بكوب الشاي متظاهرا بالهدوء حيث يباغته إبراهيم قائلا “بعتنى بكام يا صاحبي؟.. خمس بواكي؟.. شوية”، وهنا يسقط الكوب من يد عشري بعد أن اكتشفت خديعته لصاحبه.
تذكرت هذا المشهد منذ عدة أيام خلال التجول في أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي الشهيرة، حيث اعترضني منشور يشير صاحبه إلى أنه يملك السيطرة على مجموعة Group تحتوى على مليون ونصف المليون من المتابعين وأن يعرضها لأعلى سعر، سارعت إلى قراءة التعليقات على المنشور حيث جاءت كما توقعت، سؤال عن السعر و الإجابة انبوكس Inbox.
الفكرة ببساطة تتم من خلال إنشاء مجموعة بعنوان لافت للانتباه عن موضوع من الموضوعات الجاذبة للمستخدمين، بغض النظر عن قيمة الموضوع، وفي الغالب لن ينجذب ملايين المستخدمين إلا إذا كان الموضوع تافها أو جدليا أو خارجا، لن تجد ملايين المشاركين في مجموعات هامة، كما لن تجد ملايين المشاهدات لأغنية راقية مثلما يحدث مع أغنية لأحد مطربي المهرجانات.
ما يحدث بعد ذلك و بعد إتمام عملية الشراء، يبدأ الملاك الجدد للمجموعة في تغيير ملامحها وعنوانها وموضوعها وبذلك يضمنون ملايين المشاهدات لما يقدمونه بدون أدنى مجهود.
قد يكون سبب الشراء لأغراض تسويق منتج أو خدمة وقد يكون لخدمة أغراض سياسية أو اجتماعية أو فنية أو ثقافية أو دينية أو حتى لا دينية لا يهم.
هذا الأمر يتكرر في مجموعات كثيرة عبر التطبيقات المختلفة وهي الفكرة الرئيسية التي تم إنشاء تلك الشبكات عليها، أن تجمع عددا كبيرا من البشر-ملايين أو مليارات- في بوتقة واحدة وتجعلها متجددة وتسمح لهم بالتفاعل على مدار اليوم لتضمن استمرار التصاقهم بها وعدم القدرة على الامتناع عنها ولذلك فإن الدخول والبقاء داخلها بدون أي رسوم على الإطلاق ولكن يمكن استثناء بعض الخدمات أو المميزات الإضافية داخلها والتي يحتاج إلى إنفاق بعض المال مثل الإعلانات الموجهة والمدعومة أو لتوثيق الحسابات مثلا.
خلاف ذلك فإن “عشري” التواصل الاجتماعي والمعروف بمارك زوكربيرج يستفيد كثيرا من مليارات البشر المقيمين ليل نهار داخل تطبيقاته أضعاف ما يستفيديونه هم منها ولا يحق لهم أن يسألوه نفس سؤال “إبراهيم الأبيض” على قيمة البيع ولكن قد يستطيعون أن يتوقعوا ذلك من قيمة استحواذه على تطبيقات أخرى أو قيمة أسهم شركته أو قيمتها السوقية ومعدلات النمو السنوية.
وفي جميع الأحوال فليس الغرض من المقال إخافة المستخدمين أو النظر بعين إعجاب أو حسد لمارك زوكربيرج ولكن ببساطة هو تأكيد لمقولة أنه عندما تكون الخدمة مجانية فتأكد أنك أنت السلعة.