كلمتها

“ساحرة الارقام”.. هجرها والدها وهي رضيعة فأصبحت أول مبرمجة في العالم

أسماء هنداوي:

دائمًا ما كنا نعتقد أن التقنيات التكنولوجية والكمبيوتر أشياء تم معاصرتها حديثًا، ولكن على العكس تمامًا فهي تعود للعديد من العقود ومنتصف القرن التاسع عشر، وفي عصر كان أدوار النساء تكاد تكون مستبعدة أو محدودة استطاعت سيدة إنجليزية رغم صغر سنها اكتشاف الخطوات الأولى للتكنولوجيا وكيفية الاعتماد على الأجهزة في أشياء كثيرة وتحليل وتوثيق كل هذا، أنها “آدا لوفلايس” أول خوارزمية في العالم ذلك الأمر الذي يجعلها أول مبرمجة جعلت لتلك الآلات أدوارًا أخرى غير القيام بالعمليات الحسابية والمعادلات المعقدة.

ولدت أوجستا آدا بايرون عام 1815 في بيت غير مستقر وقيل أن والدها الشاعر لم يستقبلها بسعادة لأنه كان يريد ولدًا، فرحل بعد ولادتها بشهر وانفصل عن والدتها، لتقرر الأم بعد ذلك أن تهتم بابنتنا وتسعى لمنحها مستقبلًا جيدًا فبدأت في غرس الشغف بالرياضيات والموسيقى بداخلها، وبالفعل استجابت الطفلة وبدأت تهتم بالآلات، وكانت تدرس آدا في المنزل ووفرت والدتها لها أفضل المعلمين في العلوم والرياضيات والفلسفة والموسيقى، وعندما كان عمرها لا يتجاوز الـ 12 عامًا بدأ يظهر شغفها بالاختراعات الجديدة فكانت تحب التطلع على تصميماتها والرسوم التخطيطية لها من خلال الدوريات العلمية أو عن طريق أحد معلميها، حتى بدأت بنفسها وحاولت تصميم آلة طيران تعمل بالبخار معتمدة في ذلك على دراسة تشريح الطيور لكي تجعل الجسم متناسقًا مع الأجنحة.

ذكاء ومهارة

كان شغفها واجتهادها في الدراسة يثير إعجاب معلميها مؤكدين أنها ستصبح يومًا ما شخص رفيع المستوى، كما أنها تعلمت على يد ماري سمرفيل التي كانت من أشهر علماء الرياضيات والفلك في إنجلترا وكانت علاقتها جيدة معها لتؤسس معها صداقة قوية وكانت السبب في أهم الفرص في حياتها عندما جعلتها تلتقي بأستاذ وعالم الرياضيات والمخترع تشارلز باباج عام 1933، ذلك اللقاء الذي كان يعد نقطة تحول في حياة آدا، فكانت تلك فرصتها للتغلغل أكثر في مجال الرياضيات ومعرفة أكبر تستطيع تطويعها، وتأثر أستاذها بذكائها ومهاراتها حتى أنه وصفها بـ “الساحرة التي ألقت تعويذتها على واحد من أكثر العلوم تجريدًا، واستوعبتها بقوة لم يكن بوسع بعض العقول الذكورية أن تمارسه عليها”.

ساحرة الأرقام

مع كثرة أفكارها واهتمامها بالتطور العلمي منحها باباج لقب “ساحرة الأرقام”، وفي عام 1842 طرقت فكرة عقل باباج وهي مشروع المحرك التحليلي والذي يعتبر آلة حاسبة تحتوي على مباديء الكمبيوتر الحديث من القدرة على التفريغ والذاكرة المتكاملة ويمكن استخدامه في أغراض عامة، مما جعل هذا الجهاز يعد قفزة كبيرة نحو المستقبل، وبالفعل بدأ في عرض فكرته في محاضرة بجامعة تورين ومن بين الحضور قدم المهندس الإيطالي لويجي ورقة علمية عن المحرك، لتبدأ بعد ذلك آدا لوفلايس بترجمتها لمدة 8 أشهر وليس ذلك فحسب بل أنها أضافت لها وعدلتها، لتصبح بذلك أكثر أهمية ويكون هذا أهم ما قدمته.

أول مبرمجة

أصبحت آدا لو فلايس أول خوارزمية في العالم، نظرًا لمعرفتها العميقة بآلية عمل الماكينة استطاعت تقديم ورقة بحثية مهمة كاملة ومفصلة قادرة على أن تجعل المحرك التحليلي يتعامل مع الأرقام بعيدًا عن الجمع والطرح والقسمة، كما أنها تتضمنت تعليمات لجهاز الكمبيوتر والآلات والوصول لنتائج لم يتم حسابها من قبل، ليتم اعتبارها أول مبرمجة كمبيوتر في العالم وتحقق إنجازًا كبيرًا من خلال فهمها للمحرك التحليلي بصورة أوضح وأكبر وطريقة التعامل مع الرموز وما وراء الجداول والعمليات الحسابية المعقدة.

وتوفت آدا عام 1852 وهي لم تتخطى عامها الـ 36، لإصابتها بمرض سرطان الرحم وملازمتها للفراش لعدة أشهر حتى توفت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى