كاتب ومقال

دار في خاطري| مقياس النجاح

هل أنت إنسان ناجح؟ أم أنك مازلت تسعى إلى تحقيق النجاح؟ وما هو النجاح الذي ترنو إليه؟ وإذا تحقق لك هذا النجاح ماذا تفعل بعد؟ وإن لم تحققه فهل تيأس؟ من وجهة نظرك ما هو مقياس النجاح؟

إن الإنسان في هذا الكون يسعى دوما لتحقيق النجاح مهما اختلفت الأساليب والأهداف، إن الغاية واحدة وهي النجاح، فهو يحقق للمرء السعادة، حتى الطفل الصغير الذي يلهو ويلعب حين يتحقق له ما أراده تجده سعيدا، حتى وإن كان ذلك الشيء بسيطا من وجهة نظرك، كوضع قطع المكعبات بعضها فوق بعض لصنع برج عال، فحين يتحقق له ذلك دون أن يقع ذلك البرج تجده سعيدا لأنه نجح في الوصول إلى غايته.

إذن فالهدف الذي يود الإنسان تحقيقه والنجاح فيه يختلف من إنسان لآخر، وفي بعض الأحيان تتشابه، فتخلق روح المنافسة، حتى الطلاب في المدارس والجامعات تجد هدفهم النجاح، ولكن هذا النجاح يختلف حين تجد أحدهم مفهوم النجاح لديه هو عدم الرسوب في أي مادة دراسية، بينما تجد طالب آخر بالنسبة له مفهوم النجاح هو الحصول على أعلى الدرجات، أما التنافس للوصول إلى المركز الأول فهو تشابه الهدف بين طالبين أو أكثر، وهنا يكون الحاصل على المركز الأول هو من حقق النجاح، وذلك هو الحال نفسه في الألعاب الرياضية، فالفائز بالمركز الأول يكون فرد واحد فقط، أو فريق واحد فقط.

ولكن ماذا عن أحلامك التي تود الوصول إليها ليتحقق لديك النجاح دون خوض المنافسات مع الآخرين؟! فإذا أردت أن تكون رساما ناجحا فعليك بالدراسة والتدريب، ورسم العديد من اللوحات حتى تصقل موهبتك وتحقق النجاح، أو كاتبا ناجحا، فعليك بإتقان اللغة، وكثرة القراءة لإثراء خيالك الخصب لتحقق النجاح، وهنا سيكون منافسك الوحيد هو نفسك.

فإن نفسك في الماضي سوف تنافس نفسك في الحاضر، وإن كان الحاضر هو الفائز فهذا يعني أنك تسير في الطريق الصحيح نحو النجاح، ولكن ما هو النجاح الذي ترنو إليه؟! فالبعض يرى أن الشهرة هي النجاح الذي يتمناه، بينما غيرهم يرى النجاح في المال الذي يجنيه من بيع إنتاجه الفني أو الأدبي، وآخرون يرون النجاح في الثناء، والإطراء، ومعسول الكلام، وجمع يرى النجاح في التغيير، تغيير سلوك خاطيء، أو قوانين مجحفة، أو فِكر بالٍ، أو تغيير الحالة النفسية من سيئة إلى جيدة وذلك أضعف الإيمان.

مقياس النجاح يختلف من شخص لآخر باختلاف الهدف والغاية، فهذا يريد النجاح كي يكافأ من والديه، وذاك يرى النجاح ليرفع رأس بلده عاليا، هذا ينتظر النجاح من أجل أن تتغير نظرة الناس له، وذاك يرى في النجاح احتراما لذاته.

وهنا يطرح هذا السؤال نفسه، هل نجاحك يؤثر في نجاح الآخرين؟! من وجهة نظري فالإجابة لا، لأن النجاح ليس ثوب واحد يرتديه فرد واحد ويبقى الجميع ينظر إليه ما بين حاقد وحاسد، ومتودد لأهداف تخصه، والجميع ينتظر أن يخلع ذاك الثوب، وتمتد الأيادي لتناله اليد الأطول، بل هو ساحة واسعة لكل نزيه وشريف، أجل! كل نزيه وشريف، فساحة النجاح لا تتسع لأصحاب الطرق الملتوية التي يسلكونها من أجله، فمن يحقق النجاح بأساليب غير شريفة فهذا لا يسمى نجاح وإن استحسنه الجميع.

فيا أيها المعلم إذا وجدت في تلميذك النبوغ والذكاء فدعه ينجح ولا تحبطه، فنجاحه لن يضيع نجاحك، بل بالعكس سوف يقويه، ويا أيها الطبيب الذي مارست مهنة الطب سنوات وعقود، لا تتهم ذلك الطبيب الذي في بداية طريقه بالجهل لتمنعه من تأدية واجبه بجد واجتهاد، خوفا من أن يتفوق عليك، بل دعه ينجح، فنجاحه لن يسلبك رزقك.

والآن في رأيك عزيزي القارئ هل تحقق النجاح مقرونا بتأييد عدد كبير من الناس لذلك الفعل الذي أردت أن تحقق فيه النجاح؟ في رأيي لا لأن النجاح لابد أن يتحقق لهدف سامي، وليس كل ما يلقى تأييد الكثيرين ساميا، وأن قمة النجاح هو أن تحقق نفعا تجني ثماره في الآخرة، حتى لو لم يؤيدك إلا قلة قليلة على هذه الأرض، ولكن يشهده أهل السماء.

بقلم: ريم السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى