الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض دور الترجمة في تعزيز القيم الإنسانية ودعم الحوار الحضاري
ضمن مشروعه “ترجمات”، وبرؤية معاصرة استعرض الأرشيف والمكتبة الوطنية دور الترجمة في تعزيز القيم الإنسانية ودعم الحوار الحضاري، منذ بدايات اهتمام العرب بحركة الترجمة في العصر العباسي، وإسهاماتها في تأصيل منظومة القيم الإنسانية وتعزيز ثقافة حوار الحضارات بين الغرب والشرق، وكشف عن تغلغل القيم الإنسانية الغربية التي تمخضت عنها عمليات الترجمة والنقل داخل نسيج الأدب العربي.
وأكد البروفيسور صديق جوهر خبير الترجمة في الأرشيف والمكتبة الوطنية الذي أمعن في تاريخ الترجمة وواقعها الحالي أن دولة الإمارات العربية المتحدة تبذل جهوداً جبارة على صعيد مدّ جسور التواصل الثقافي والحضاري والإنساني بين الشعوب والحضارات معتمدة على أقوى هذه الجسور وهي الترجمة لما لها من دور في إثراء الحوار الحضاري بين الشرق والغرب.
وأشار في المحاضرة -التي نظمها الأرشيف والمكتبة الوطنية بعنوان: ” دور الترجمة في تعزيز القيم الإنسانية والحضارية: رؤية معاصرة”- إلى دور الأرشيف والمكتبة الوطنية على هذا الصعيد وعبر ما يقدمه في مؤتمر الترجمة الذي ينظمه سنوياً، وفي الإصدارات والبحوث المتخصصة التي يترجمها ويثري به مجتمعات المعرفة وهذا يأتي في إطار رسالة الأرشيف والمكتبة الوطنية في هذه المرحلة.
وأكدت المحاضرة أن حركة الترجمة قد شكلت رافداً من روافد الفكر الإنساني العابر للثقافات والحدود، وهي تشكل رسالة مثاقفة وحوار وبناء جسور بين الحضارات والثقافات؛ فالترجمة لم تعد مجرد مسألة أسلوبية ولغوية وإنما صارت مسألة حضارية وثقافية لا يمكن بدونها الانفتاح على الآخر.
واستعرضت المحاضرة -التي أقيمت في قاعة الشيخ محمد بن زايد في الأرشيف والمكتبة الوطنية- أهمية الترجمة في التاريخ العربي الإسلامي؛ مشيرة إلى أن الترجمة في العالم العربي ليست ظاهرة حديثة ولكنها متجذرة بعمق في الثقافة والتاريخ، فقد سبق للجاحظ أن تحدث عن أساسيات الترجمة، وسمات المترجم البارع مؤكداً أهمية إلمام المترجم باللغتين المنقول منها والمنقول إليها.
وسلط البروفيسور جوهر الضوء على أهمية الترجمة في حوار الحضارات، وعندما جاء المستعمر الغربي إلى بلاد الشرق كانت النظرة مزدوجة إلى الغرب المستعمر بين كراهية جبروته العسكري والإعجاب بمنجزاته الحضارية، ولذلك كان هناك حواراً حضارياً؛ إذ تأثر أدب الحداثة العربي بترجمة الآداب الأوربية إلى العربية، ولذلك فقد تلاشى العداء للغرب، وتم استبدالها بالميل للمشاركة في المشروع الثقافي الغربي وذلك بفضل الترجمة، وبفضلها أيضاً تمكن شعراء الحداثة العرب من الاطلاع على التراث الأدبي الأوروبي الذي انعكس على أشعار بدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، وصلاح عبد الصبور، ومحمد الماغوط، وأدونيس، ومحمد مصطفى بدوي وغيرهم، وعلى سبيل المثال فقد شكلت ملحمة “الأرض الخراب” للشاعر تي إس إليوت رافداً إبداعياً للإلهام.
واختتمت المحاضرة بتأكيد على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقود في هذه المرحلة أكبر حركة ترجمة معرفية تبتغي منها النهوض بالعمل الثقافي وتعزيز الانفتاح على ثقافات الشعوب، وهذا ما يسفر عن تأصيل منظومة القيم الإنسانية وتعزيز ثقافة حوار الحضارات.