كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| أسطورة أنوبيس والترويج للمستقبل

أثارت مقاطع الفيديو التي التقطها أحد السائحين لكلب يعتلي قمة الهرم حالة من الإثارة والجدل، والترويج وإعادة لفت الانتباه إلى مصر القديمة وحضارتها المتميزة. فبالرغم من النقاشات التي دارت عما إذا كان الأمر مفبركًا أو مصطنعًا أم أنه محض صدفة بحتة، وبالرغم من التساؤلات التي لم تجد إجابات حتى الآن مثل ما إذا كان هذا الفعل أمرًا عاديًا تقوم به الكلاب دائمًا أم إنه حدث استثنائي بالفعل، بالرغم من ذلك، وبالرغم من العديد من الصور الساخرة (Memes) التي تناولت الحدث وتخيلت كيف يمكن أن يحدث إذا استضاف الإعلام هذا الكلب ليتحدث عن تجربته وماضيه وأحلامه المستقبلية، إلا أننا لا يسعنا إلا أن نقول إنه حدث مهم بالفعل.

هذا الموقف صرف الأنظار -ولو مؤقتًا- عن التوترات الحادثة في منطقة الشرق الأوسط منذ أعوام أو تزيد، كما صرف الأنظار عن الانتخابات الأمريكية والصراع بين روسيا وأوكرانيا وغيرها من الأحداث التي يتابعها العالم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: “وماذا بعد؟”.

هل تحول الكلب إلى تريند سيخضع لنفس قواعد الترند المعروفة من أن فترة انتشاره الزمنية لن تزيد على أسبوع ثم سرعان ما يحدث أمر آخر فتتحول الأنظار إليه، وفي هذه الحالة يهبط الكلب من فوق صهوة الترند مفسحًا المجال للموضوع الجديد ليمتطي صهوته وينتشر؟ أم أن هذا الموقف يحتاج إلى حسن استغلال للترويج سياحيًا لمصر وآثارها وحضارتها التي ما تزال مثار إعجاب العالم ودهشته؟

بعد عدة أيام، بدأ البعض في تشبيه هذا الكلب بالإله “أنوبيس” الذي يتم تصويره على شكل كلب أو ابن أوى – الكلب الصغير – وأنه إله التحنيط والجبانات والعالم السفلي والدار الآخرة، وأنه حارس المقابر وحارس أسرار الفراعنة العظام، وأن هذا الكلب هو امتداد أو إعادة بعث لتلك الأسطورة الفرعونية القديمة، حتى لو على سبيل الصدفة وليس التصديق بالأسطورة.

في جميع الأحوال، يجب استغلال الأمر واستثماره بصورة جيدة. فكلنا نرى كيف تحتفي دول العالم بأي شخص أو موقف أو جماد أو نبات أو حيوان وتوظفه سياحيًا واقتصاديًا. كلب مثل هذا من الممكن أن يتم إنتاج فيلم وثائقي عنه، ويتم الربط مع الإله أنوبيس في جو أسطوري ساحر. كما يمكن توسيع النطاق ليشمل باقي المعابد والجبانات الفرعونية في كافة بقاع القطر. من الممكن أن يتحول الكلب إلى أيقونة يتم استغلالها تجاريًا في مجسمات وتماثيل، وطباعة على الملابس والأكواب، أو يتم عمل علامة تجارية لمنتج لبيع طعام الكلاب الجاف، أو يتحول الكلب نفسه إلى مزار لالتقاط الصور، وبعد أن يموت يتحول إلى متحف صغير يحكي حكايته ويطل على الماضي ثم يتطلع إلى مستقبل أكثر فاعلية وقدرة على استغلال ما لدينا من كنوز وأسرار.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى