كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| الإدارة

الإدارة علم وفن وتجارب متميزة، وهي ما يُطلق عليها تعبير “أفضل الممارسات”. ثقافة الشعوب والقيم السائدة تضفي على أسلوب الإدارة طابعًا خاصًا. القياس هو حجر الأساس. الجملة الشهيرة في أول درس إدارة: “ما لا يُقاس لا يُدار”. ببساطة، لا يمكن الوصول إلى نتائج واعتبار أسلوب الإدارة جيدًا وقد أتى بثماره إن لم يكن لدينا قياس للشيء الذي نديره. الرؤية والقيادة مرحلة سابقة على مرحلة الإدارة، مثل قائد السيارة، يعرف أين يريد أن يذهب. أسلوب استخدام السيارة للوصول إلى الهدف هو الإدارة. إنه ببساطة الفرق بين “ماذا تفعل” و”كيف تفعل”. مؤشرات الأداء أساسية، سواء عند الانتهاء أو المؤشرات المرحلية. يُفضل دائمًا وجود نقاط مرحلية لإعادة ضبط البوصلة وتقليل الفقد وزيادة كفاءة العملية الإدارية، للوصول إلى الهدف وتحقيقه بأقل خسائر وأقل وقت وأعلى ربحية وبالكمية المناسبة. العامل البشري هام جدًا، فالإدارة في الأغلب الأعم ستكون مرتبطة بالبشر، هذا إن لم تكن إدارة للبشر ذاتهم.

التخطيط هو حجر الزاوية في الإدارة، أضف إليه المتابعة. في اعتقادي، إن المتابعة لا تقل أهمية عن التخطيط. أعلم أن الكثيرين ينظرون إلى المتابعة على أنها جزء مكمل، لكن خبرة السنوات وما نتعرض له يوضح أن المتابعة أحيانًا تكون أكثر أهمية من التخطيط. لها أهداف وتحقق نتائج مباشرة وغير مباشرة، تضبط الأداء والسلوك التنظيمي أيضًا.

يمكن تقسيم الأنماط الإدارية إلى أربعة أنواع أساسية، النوع الأول هو ما يُطلق عليه “المبادر”. هذا النوع لا يكتفي بما هو مطلوب منه، بل إنه يقرأ ويبحث ويقترح تحسينات وإضافات للعملية والمنتجات، بل ويضيف إليها. يبقى متحمسًا ومتقد الذهن طوال الوقت. إنه النوع الأنسب لكافة المؤسسات بلا استثناء. إن وجدت 1% من العاملين معك من هذه النوعية، فأنت محظوظ ومؤسستك أو شركتك ستتقدم. إنها وصفة مجربة.

النوع الثاني يُطلق عليه “المنفذ”. هذا نوع دقيق ونشيط، يقوم بما هو مطلوب منه بالتمام والكمال في الوقت المطلوب وبالجودة المطلوبة أيضًا. لا يدخل أي تحسينات أو إضافات، وبالطبع لا يبادر بأي أفكار داخل أو خارج الصندوق. لا تقسو عليه، فهذه هي طبيعته. لا يستطيع الإضافة، ولكنه منفذ جيد لكل ما تطلبه منه، ولكن احترس، فهو لن ينفذ أي شيء إضافي تراه أساسيًا ما لم تطلبه منه صراحة.

النوع الثالث يُطلق عليه “المحدود”. هو محدود الإمكانيات والفكر والمجهود. لا ينجز المهام المطلوبة منه كما ينبغي مثل النوع الثاني، وهو بالطبع لا يبادر إطلاقًا لأنه ببساطة محدود. قد يختلط عليك الأمر بينه وبين النوع الرابع الذي سيأتي ذكره بعد قليل، ولكنه مختلف عنه تمامًا، فهو في حقيقة الأمر “محدود”. تلك إمكانياته، ولا يمكنه تحسينها إلا بقدر ضئيل جدًا لن يمكنه من القفز إلى النوع الثاني إلا فيما ندر، وبالطبع انتقاله إلى النوع الأول أشبه بالمستحيل.

النوع الرابع هو الأخطر على الإطلاق، ويمكن تسميته “المراوغ”. هذا النوع له أشكال متعددة، لكن خلاصة النتيجة النهائية هي لا شيء. لن ينجز أي شيء بالرغم من قضاء أيام وأحيانًا سنوات في العمل، ولكن النتيجة كما يقول التعبير الإنجليزي: Big Fat Zero. قد يكون أكثر ذكاء وموهبة من النوع الأول ومن النوع الثاني، ولكنه يراوغ طوال الوقت. يدخل في التفاصيل ويبحث عن الثغرات والأعذار. تكون النتيجة النهائية منعدمة تقريبًا، ولكن لا تستطيع بسهولة إثبات الخطأ أو تحميله المسؤولية.

بالطبع، توجد أنواع أخرى، وبالطبع لا توجد حدود فاصلة محددة بين الأنواع الأربعة، فقد يحمل أحدهم صفات من نوعين أو أكثر، أو يكون ميالًا أكثر إلى نوع دون الآخر.

لا أريد أن يكون ختام المقال وعظًا، ولكن مراقبة الله هي الفيصل، وهو الذي يجازي كل منا. فمهما استطاع أحد أن يتحايل على القواعد أو يستغل أو يبتز، فإن حكم الله وجزاؤه يكون دائمًا عادلًا.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى