هل ننتصر حقًا عندما نغش؟ قصة الليزر في الملاعب

كرة القدم هي أفضل وأجمل بيئة يمكنك أن تعبر فيها عن ذاتك بكل حرية، تستطيع أن تشجع وأن تعترض وأن تحلل وأن توجه، لذلك فإنني أحسد المشجعين الذين يمارسون حياتهم بمنتهى الانطلاق ويعلو سقف حريتهم لمدى كبير.
ولكن،
في إحدى الأعوام تم ابتكار جهاز صغير يرسل أشعة ليزر أو إضاءة لمسافات بعيدة جدا بحيث أنك تستطيع إزعاج شخص ما بمجرد تسليطه على عينه، فكرة رائعة كنا نعبث بها مع الأصدقاء، لكن مشجعو الكرة أخذوا الفكرة ليستخدموها أثناء المباريات ويوجهون هذه الأشعة للاعبي الفريق المنافس والحكم وكل من لا يعجبهم، لتشاهد المباراة وأنت تعيش في عالم من الانعكاسات الخضراء لهذا الجهاز العجيب.
السؤال هو، هل يرضى هؤلاء المشجعون بالفوز عن طريق هذه الحيل؟ هل يقبلون الفوز بدون عدالة؟ هل تشتيت المنافسين هو الوسيلة المناسبة لإثبات تفوقك؟
في الواقع الكثير من المشجعين براجماتيين بشكل مرضي ولا يهمهم إلا الفوز مهما كانت الوسيلة، فاستخدام الليزر لا يؤنب ضميرهم والفوز يشعرهم بالقوة والسيطرة وأيضا بأنهم استطاعوا خداع الفريق الآخر.
الغريب في الأمر أن هناك حالة تواطؤ مريبة في هذا الموضوع فاتحاد الكرة وإدارات الأندية العريقة والصحافة الرياضية والمذيعين في كل القنوات، وجميع من يتحدث عن المباراة لا يذكر هذا الموضوع على الإطلاق ولو بملحوظة عابرة.
لقد تفهمت على مضض كيف تقوم بعض الجماهير بذلك، وأتفهم أنهم يخرجون من المباراة دون أن يعترفوا حتى لأنفسهم بهذه الحيلة الرخيصة، لكن ما بالكم أيها العاملون في الوسط الرياضي من محللين ونجوم، ومذيعين، ولاعبين، ومدربين.. الخ، لماذا لا تتحدثون عن الموضوع؟ لماذا لا توجهون الانتقادات لهذه الفئة من الجماهير؟ لماذا لا تطالبونهم بكل صراحة ووضوح بعدم استخدام الليزر؟ لماذا لا تطالبون الأمن بالقبض فورا على كل من يفعل ذلك؟
الحقيقة ما نشاهده من انفعال ومشاكل في الوسط الرياضي نفسه تجعلنا نعرف لماذا لا يتحدثون.
لا أعرف من اخترع فكرة استخدام الليزر في ملاعب الكرة، لكن أقول للجماهير المتحمسة إن هذه الموضة التي يبدو أننا من اخترعها ثم انتشرت في العديد من البلاد قد أصبحت موضة قديمة، وكافة الدول استهجنتها ورفضتها إلا أنتم لا زلتم مصرين على هذه العادة السخيفة.
يذكرني ذلك ب “الحيل ال 36 ” وهي مجموعة من الحيل أو التكتيكات من التراث الصيني تنسب إلى الجنرال الصيني تان داوجي وضعها لاستعمالها في السياسة أو في الحياة اليومية وتعتبر من التراث الصيني العام وتدرس حتى في المدارس كما يتم الاقتباس منها أو طباعتها في شكل كتيبات مصورة ومنها:
هذه الحيل الشريرة هي نموذج للمكاسب غير المستحقة التي يحاول الناس أن يحققوها من أجل الفوز بأي طريقة ممكنة.
لا شك أن الوسط الرياضي يحتاج إلى منهج جديد لضبط التشجيع وضبط الانفعالات، ولا شك أننا نريد ميثاق شرف يقول بكل وضوح أننا لا نرغب بالخداع والحيلة من أجل الفوز.
إن الهزيمة النزيهة أفضل ألف مرة من الانتصار المخادع.