خروجتنا

إبداع ديني وثقافي.. كيف أبرزت متاحف مصر تراثها وأمجادها؟

تمتلك مصر رصيدًا عالميًا من الآثار التي تجسد تعانق الحضارات على أرضها، ما بين الإسلامي والقبطي واليوناني والروماني وغيرهم، تجد العشرات من المتاحف والمعابد في أنحاء المعمورة، ولذلك باتت المتاحق تختار قطعًا متميزة لعرضها كل شهر بصورة أكثر تميزًا لرواد هذه المتاحف، حيث أعلنت وزارة السياحة والآثار اختيار عدد من القطع، في كل متحف.

وضمن التقليد الشهري لمتاحف الآثار على مستوى الجمهورية، تم اختيار قطع شهر يونيو، وذلك عبر استفتاء الجمهور من خلال صفحات الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لرفع الوعي السياحي والأثري لدى جميع فئات المجتمع، وتسليط الضوء على العديد من المناسبات التي يشهدها هذا الشهر، من أبرزها ذكرى دخول العائلة المقدسة مصر، والذي يوافق الأول من شهر يونيو، حيث اختار متاحف كل من القبطي، وكفر الشيخ، والأقصر للفن المصري القديم، عرض بعض المقتنيات التي تحكي رحلة العائلة المقدسة في مصر.

كما تعرض مجموعة من المتاحف مجموعة من الصور الأرشيفية المميزة الموجودة بالمتاحف المصرية، وذلك بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للأرشيف، بهدف إبراز دور المتاحف في حفظ وحماية ذاكرة الأمة وحضاراتها. كما لم تغفل وزارة الآثار تميز الحضارة المصرية في الموسيقى وفنونها، فجاء عرض أبرز الآلات الموسيقية في مصر على مر العصور تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للموسيقى ، الذي يوافق الـ ٢١ يونيو من كل عام، ويبرز أهمية ومكانة الموسيقى في المجتمع والحياة المصرية القديمة سواء اليومية أو الاجتماعية في بيوت وقصور الأشراف والنبلاء، وفي متحف قصر المنيل، عُرض بيانو من الخشب المطعم بالنحاس وله حليات وتطعيم من حجارة اللازورد ورخامة البيانو من أهم مقتنيات قاعة الاوبيسون سرايا العرش.

ولم يكن المصريون في عصرهم الحديث بعيدين عن الإنجاز وتحدي الصعاب، كما كان يفعل أجدادنا من القدماء، فجاء متحف النوبة بأسوان ليعرض صورة أرشيفية لمعبد فيلة قبل وبعد الإنقاذ، فيما أبرز متحف مطار القاهر الدولي، منحوتة للمعبودة حتحور من البرونز، وتمثل وجه المعبوده حتحور بهيئة سيده ترتدي باروكه شعر وقلادة عريضة، وعلى جانبي الرأس حية الكوبرا تحمل فوق رأسها الكورنيش المصري.

كما عرض متحف المركبات الملكية ببولاق، صندوق موسيقى من الخشب من مقتنيات الأميرة فوزية، به ٦ سلندرات لكل منها لحن خاص به مطبوع على الصندوق من الداخل، وهو على منضدة أخرى من الخشب، بها درج لحفظ السلندرات.

وأبرز متحف جاير أندرسون بالسيدة زينب، ضمن معروضاته “طبلة” ذات رق من الخشب المطعم بالخشب والأبنوس والسن. وتَزين متحف ركن فاروق بحلوان، بعرض رائع لـ جراما فون من الخشب على هيئة واجهه معبد يتخللها شكل الأعمدة ويتوسطها خرطوش ملكي داخله اسم الملك فاروق بالخط الهيروغليفي، أما غطاء الجرامافون فنقش علية منظر لعازفين وراقصات، وله درج جانبي لوضع الأسطوانات. وفي متحف ايمحتب بسقارة، عُرض جزء من آلة الهارب الموسيقية، ونجد عمود به صف رأسي من الثقوب يثبت فيها قطع خشبية أسطوانية صغيرة، والتي يثبت عن طريقها أوتار الهارب للعزف عليها.

وفي متحف تل بسطة بالزقازيق، التي شهدت مسار العائلة المقدسة إلى مصر، عرض تمثال للآلهة باستت تحمل فى يدها الصلاصل وهو رابط واضح مع حتحور التى عادة ماتحمل هذه الآلة الموسيقية، وهو مصنوع من البرونز، من الدولة الحديثة، بينما عرض متحف السويس القومي آلة (الناي) به 5 ثقوب للأصابع.

ولم تقف إبداعات المصريين الموسيقية عند ذلك، من اكتشاف وتمكن من العديد من الآلات الموسيقية الشهيرة حاليًا، فجاء متحف الإسكندرية القومي ليعرض مجموعة من تماثيل التناجرا من الفخار، والتي عثر عليها في جبانات الإسكندرية ومنهم تمثال لسيدة تعزف على القيثارة، بينما عرض متحف الغردقة نماذج لآلة (الربابة) من الخشب على شكل جذع شجرة.

وفي السياق ذاته، عرض المتحف القبطي بمصر القديمة مبخرة من البرونز عليها نقوش تمثل موضوعات من حياة السيد المسيح منها المجيء إلى مصر، وعرض متحف مطار القاهرة الدولي صليبًا من النحاس والزنك، وأبرز متحف كفر الشيخ قطعة من الصوف والكتان، تمثل رحلة العائلة المقدسة إلي مصر، فيما عرض متحف الأقصر للفن المصري القديم الجزء العلوي من محراب من الحجر الجيري من العصر القبطي،عثر عليه عام 1958 في الفناء الأول لمعبد الأقصر. كما خصص متحف الفن الإسلامي بباب الخلق صورة من أرشيف المتحف لاحتفالات المحمل

ولم تكن باقي المتاحف بعيدة عن هذا الحدث التاريخي وغيره من الأحداث الوطنية،حيث سلط متحف الشرطة القومي بالقلعة الضوء على صورة أرشيفية لتناول الإعلام المصري لدور الشرطة المصرية في الدفاع عن الوطن، وعرض متحف الإسماعيلية السجل الخاص بعالم الأثار الفرنسي چان كليدا بخط اليد لتسجيل الآثار الخاصة بمتحف الإسماعيلية، وأبرز متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية صورًا أرشيفية من الألبوم الشخصي للنبيلة فاطمة حيدر (صاحبة القصر) والتي تصور ابنتها وهي واقفة بحديقة القصر.

وتزين متحف مطروح بعرض لوحة من الحجر الجيري عليها المعبود بس معبود المرح والموسيقى يمسك بيده اليمنى السيف في وضع راقص وبجواره سيدة تمسك بيدها اليمنى الشخشيخة وبيدها اليسرى الدف، وحرص متحف ملوي بالمنيا على إبراز تمثال من الفخار يمثل النصف العلوي لشخص بجانبه آلة موسيقية وترية يضع أصابعه عليها من العصر اليوناني الروماني.

إنها أمجادنا التي لا يمكن لجاهل أن يطمسها، ولا لكتاب التاريخ أن يغضوا الطرف عنها، فمصر التي استقبلت رحلة العائلة المقدسة بحفاوة، هي مصر التي فتحت ذراعها للفتح الإسلامي، مصر التي كتبت أول حرف في كتاب التاريخ فأبدعت في الموسيقى والنحت والبناء والهندسة والطب والفلك وغيرها هي مصر التي تقود رحلة البناء والتنمية في محيطنا التاريخي المتأجج.. إنها أمجادنا التي سيصونها التاريخ إلى قيام الساعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى