كلمتها

من هي «فلورنس نايتنجيل» التي نحتفل باليوم العالمي للتمريض من أجلها؟

«سيدة المصباح» أو «السيدة حاملة المصباح»، هي امرأة كرست حياتها لخدمة المرضى والمصابين، والإشارة إلى أهمية دور الممرضين على مستوى العالم، فوضعت قواعد التمريض واعتبرت مؤسِسة التمريض الحديث، وفضًلا عن ذلك كانت كاتبة عظيمة، ألفت كتبًا عديدة، وكتبت تقاريرًا مختلفة حول القضايا المتعلقة بالصحة.

وتكريمًا لها ولدورها العظيم في تغيير مسار مهنة التمريض والارتقاء بها تم اختيار يوم 12 مايو من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للتمريض الذي يوافق الذكرى السنوية لميلادها، إنها الممرضة البريطانية «فلورنس نايتنجيل».

الممرضة «فلورنس نايتنجيل»:

ولدت فلورنس في بلدة فلورنسا بإيطاليا عام 1820، وسميت كذلك نسبة للمدينة التي ولدت فيها، كانت نايتنجيل من عائلة بريطانية ثرية تؤمن بتعليم المرأة، فتلقت تعليمها على يد والدها، وعندما اتيحت لها الفرصة للزواج، رفضت تلك الفكرة تمامًا لاعتقادها بأن الزواج سيقيدها بالمسؤوليات المنزلية

ولأنها كانت تؤمن بشكل أو بآخر أنها تلقت إشارة من الله لتساعد الفقراء والمرضى، فازاد ذلك من شغفها ورغبتها لأن تصبح ممرضة، لكنها صُدمت باعتراض والدها، نظرًا لأن تلك المهنة لم تكن ذو مكانة مشرفة في ذلك الوقت، لكنها مضت قدمًا في طريقها لتعلم التمريض والسعي وراء دعوتها.

“بدلًا من ذلك، تموت عشر مرات في الأمواج، لتبشر بالطريق إلى عالم جديد، بدلًا من الوقوف مكتوفي الأيدي على الشاطئ.”

فلورنس نايتنجيل

نايتنجيل في ألمانيا:

نظرًا للحياة الارستقراطية، ونشأة فلورنس في عائلة تؤمن بأهمية المرأة ودورها، فآمنت بما في قلبها من رحمةٍ، بدورها في انقاذ المرضى ومداواة الجرحى والمصابين ومساعدة المحتاجين، والتحقت عام 1851 بمعهد الشماس البروتستانتي في ألمانيا، حيث تعلمت مهارات التمريض الأساسية، والتنظيم الجيد للمستشفى والاهتمام بالتعقيم والنظافة من أجل صحة المرضى.

ثم حصلت على وظيفة في إحدى مستشفيات لندن، لرعاية المرضى في المدينة وأيضًا كمسؤول عن إدارة وتنظيم المستشفى، لذلك حرصت على وضع القواعد العامة للتمريض الحديث، وأسس تعليم مهنة التمريض، كما وضعت مستويات للخدمات التمريضية والخدمات الإدارية في المستشفيات.

العودة إلى انجلترا:

عادت فلورنس إلى انجلترا، وكرست مجهوداتها لإنشاء أول معهد تمريض في بلادها، وبعد عناء طويل وأمل لم ينقطع، تحققت أمنيتها وانشئ المعهد عام 1853 وأطلقت عليه معهد السيدات النبيلات للعناية بالمرضى وأسندت إليها مهمة إدارته.

من حلم إلى حقيقة:

تحول معهد فلورنس فيما بعد من بيت صغير يحمل عدد قليل من سيداتٍ جمعهما حلم واحد، إلى مبنى أكبر وأضخم، ليصبح قادرًا على استيعاب الأعداد المتزايدة من الممرضات اللواتي اقبلن على الالتحاق به.

فبدأت فلورنس بتطبيق نظرياتها العلمية في المعهد لعلاج المرضى، والإصرار التام على النظافة والتطهير وعلاج المرضى بالشمس والهواء، فاذاع صيتها بعدما طورت نظام التمريض وأساليبه، حتى اسند إليه منصب مديرة الممرضات في مستشفى كلية الملك، ولكن لعب القدر دوره وتسلل إليها لتحقيق دعوتها التي آمنت بها دومًا.

 حرب القرم:

اندلعت حرب القرم في أكتوبر 1853 بين الامبراطورية الروسية والدولة العثمانية مدعومة من دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا، فازداد عدد الجرحى والمصابين، ونقصت الامدادات الطبية والاسعافات الأولية، حتى بدأت الصحف في الابلاغ عن الحالة المزرية التي وصلت إليها الرعاية الصحية بين صفوف الجيش وطلب الإغاثة العاجلة.

فكتبت وزيرة الحرب إلى نايتنجيل وطلبت منها قيادة مجموعة من الممرضات والحضور إلى تركيا لمعالجة الجرحى، وانطلقت فلورنس برفقة فريقها لإدارة معسكر التمريض رُغم أنها لم تكن اكملت عامها الرابع والثلاثون بعد، إلا أنها كانت سببًا في خفض معدل الوفيات بشكل كبير ومعالجة الجرحى، فعملت برحمة ومهارة حتى نهاية الصراع عام 1856.

سيدة المصباح:

حصلت آنذاك على لقب «سيدة المصباح»، حيث كانت تخرج ليلًا إلى ميادين القتال وهي تحمل مصباحًا بيدها للبحث عن المصابين لإسعافهم، حتى أن المرضى كانوا يلثمون ظلها حتى تمر بجوارهم، لكنها رُغم ذلك تلقت معاملات سيئة من العسكريين.

ولكن بعد عودتها إلى انجلترا قامت «الملكة فيكتوريا» ملكة بريطانيا بإرسال تحية خاصة لها من القصر الملكي على سبيل التكريم، كما قدم لها الشعب البريطاني هدية مالية تقديرًا للخدمات التي ادتها خلال الحرب.

فتسلمت هديتها لتقدمها لبناء «بيت نايتنجيل» لتدريب الممرضات وهو البيت الذي مازال قائمًا يحمل اسمها حتى هذه اللحظة، كما ساهمت حرب القرم في ميلاد “منظمة الصليب الأحمر الدولي” لما قامت به الممرضة الانجليزية فلورنس نايتنجيل من أعمال إنسانية خلال الحرب.

اقرأ أيضًا: تعرف على أكثر الشخصيات النسائية المؤثرة عالميًا

فلورنس على أرض مصر:

قامت فلورنس نايتنجيل بزيارة مصر، وأثناء زيارتها التقت ببعض الراهبات اللواتي يعملن في المستشفيات لمساعدة الفقراء والمرضى، حيث كتبت رسالة من الإسكندرية تشيد فيها بدورهم العظيم، والجدير بالذكر أن عددهم كان 19 ممرضة ولكن يقمن بعمل 90 ممرضة، يقمن بتضميد الجروح وإسعاف المرضى ويحضر لهن العرب بالمئات، كما تعلمت نايتنجيل في الإسكندرية أهمية النظام وأثره في إدارة المستشفيات، وهو ما حاولت تطبيقه دومًا.

كتاب «رسائل من مصر»:

حمل كتاب نايتنجيل «رسائل من مصر» التي قامت شقيقتها بنشره، معلومات غزيرة عن تاريخ مصر القديمة، وشغفها به وإعجابها الشديد بمعبد “فيلة” في أسوان، فقالت: “أنه لم يسبق لي أن أحببت مكانًا بمثل هذا المكان الذي تشعر فيه بالدفء الأسري.. أشكر الله الذي وضع فيّ هذه المشاعر والأفكار، إنني لا استطيع وصف مشاعري وأنا بداخل معبد فيلة، فبعد الصلوات الصباحية في يوم الأحد ذهبت وجلست في المعبد، فأحسست برهبة المكان وقدسيته.”

في 13 أغسطس عام 1910 رحلت فلورنس نايتنجيل عن عمر يناهز 90 عامًا، تركت أثر ونموذج لا ينسى عن الانسانية والرحمة، والمضي قدمًا نحو شغفك والتشبت بالأمل ما دمت حيًا، وكنوع من التقدير لهذه الرائدة النبيلة في التمريض، شيد لها تمثال بقصر ووترلو في لندن، حتى يدوم أثر سيدة المصباح، واختير ميلادها ليكون اليوم العالمي للتمريض.

اقرأ أيضًا: “صبيحة كوجكن”.. أول امرأة تقاتل محلقة في سماء تركيا والعالم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى