كاتب ومقالكلمتها

بين السطور| “ليلى رستم” .. رحيل أيقونة التليفزيون المصري التي سبقت عصرها

لا يمكن بأي حال أن يمر رحيل “ليلى رستم” مرور الكرام، ويكون حظها مجرد نعي في صفحات أو مواقع؛ باختصار لأنها مثال للمرأة المصرية، فحين تعود إلى حلقاتها ستجد رقيًا لا عهد لك به في هذا الجيل إلا قليلًا، بجانب ثقافة حاضرة وذهن متقد، ينبيك عن مهارة وعلم وثقافة، كيف لا وهي سليلة بيت الفن والثقافة، فهي ابنة المهندس عبد الحميد رستم الشقيق الأصغر للفنان الكبير زكي رستم؟

تركت دراستها في مدرسة الراهبات بصمتها على هدوء ليلى رستم ولباقتها، ففي الوقت الذيرفض عمُّها زكي رستم عملَها بالتمثيل اتجهت إلى الصحافة، لتبقى علمًا من أعلام التليفزيون المصري، ويبقى اسمها علامة تاريخية، سواء في الاحتفاء بمولدها عام 1937، أو عند رحيلها فجر الخميس 9 يناير 2025 عن عمر ناهز 88 عامًا.

كانت بداية عملها الإعلامي مذيعة في البرنامج الأوروبي في الإذاعة المصرية، ثم انتقلت للعمل بالتلفزيون بعد ستة أشهر، حيث التحقت “ليلى رستم” بالتليفزيون المصري في سنواته الأولى، حيث بدأت مذيعة تليفزيونية مع ميلاد التليفزيون المصري في الـ 23 من يوليو عام 1960م، وعملت مذيعة ربط ثم قارئة للنشرة الفرنسية، واشتهرت الإعلامية الراحلة بلقب “أيقونة ماسبيرو”، و”صائدة المشاهير” حيث كانت ومن خلال أشهر برامجها “نجمك المفضل” تستضيف مشاهير مصر والعرب في كافة المجالات.

برعت في تقديم ثلاثة برامج تعد من أهم برامج التلفزيون المصري، وقدّمت أيضًا العديد من البرامج السياسية والاجتماعية والفنية منها «نافذة على العالم» ويتضمن أهم الأحداث في كل أسبوع وبرنامج «الغرفة المضيئة» وكان يعده مفيد فوزي ويتضمن أهم حدث محلي، وبرنامج «نجمك المفضل» من إعداد مفيد فوزي أيضاً وكان برنامجا أسبوعيا استمر لمدة ثلاث سنوات قدّمت خلالها 150 حلقة مع كبار الممثلين والأدباء والشعراء أمثال محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفاتن حمامة ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وعمر الشريف ومصطفى أمين وعلي أمين، كما استضافت الملاكم الأمريكي محمد علي كلاي.

واستضافت رستم في برنامجها أكثر من 150 شخصية من مشاهير الأدباء والكُتاب والصحفيين والفنانين أمثال طه حسين وعبد الحليم حافظ وتوفيق الحكيم، والفنان أحمد رمزي، والذي أُشيع أن ذلك اللقاء كان سببًا في طلاقها من زوجها معتبرًا أن عبارة “ياختي عليه” بمثابة الغزل!

حصلت “ليلى رستم على درجة الماجستير في الصحافة من جامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة الأمريكية، ما كان لها الأثر في إتقانها للغة الإنجليزية بتمكن أكبر، وكذلك الفرنسية، لتصبح قادرة على تقديم المحتوى الإعلامي بلغات ثلاث، في الستينيات، وهو الأمر الذي لم يكن غريبًا على المجتمع المصري في ذلك الوقت.

تركت “ليلى رستم” التليفزيون المصرى مرتين، الأولى عندما سافرت مع زوجها رجل الأعمال «حاتم الكردانى» إلى بيروت بعد أن عجز عن العمل بمصر عقب صدور قرار بتأميم شركاته سنة 1967، ثم عادت إلى الشاشة المصرية عام 1980 وقدمت برنامجًا آخر وهو «قمم» واستضافت من خلاله رموز المجتمع المصرى ومن بينهم الدكتور مصطفى محمود، ولكن البرنامج خضع لرقابة مشددة من قبل المسؤولين، ما جعلها تنهي مسيرتها الإعلامية وهي لم تبلغ الـ 50 من عمرها.

عملت الإعلامية الكبيرة “ليلى رستم” على مدى 20 عاماً فى جريدة «الهيرالد تريبيون»، كما عملت مراسلة لمجلة «الحوادث» فى تغطية أحداث الحرب الأهلية اللبنانية، ورغم حبها للفن إلا أن عمها زكى رستم منعها من التمثيل بعدما شاهدها تمثل فى مسرحية بالجامعة الأمريكية أثناء دراستها.

بقلم:
رضا الشويخي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى