كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| البطاريات المدمجة.. نعمة ونقمة

لست خبيرًا في صناعة الهواتف الذكية ولا أدّعي ذلك، لكن منذ فترة لاحظت شيئًا بسيطًا لكنه أثار عندي الكثير من الأسئلة: معظم الهواتف الحديثة تأتي الآن ببطارية مدمجة، غير قابلة للخلع، على عكس ما كنا نراه في الهواتف القديمة حيث كان من السهل إزالة البطارية وتغييرها في دقائق.

وقفت أمام هذه المعلومة التي أصبحت الآن من المسلّمات، وبدأت أتساءل: لماذا أصبح من الصعب خلع البطارية؟ وهل نحن بالفعل بحاجة لهذا التعقيد أم أن الأمر له أبعاد أخرى تتجاوز الشكل والتصميم؟

لو نظرنا إلى مميزات البطاريات المدمجة سنجد أن الشركات تروج لها باعتبارها جزءًا من التصميم العصري: أجهزة أنحف، مقاومة للماء والغبار بدرجة أعلى، وقوة هيكل تجعل الهاتف أكثر صلابة. البطارية المدمجة تتيح أيضًا استخدام بطاريات ذات سعة أكبر بأشكال تناسب التصميم الداخلي للجهاز، مما يسمح بعمر أطول لكل شحنة.

لكن مع كل هذه الإيجابيات، هناك جانب آخر لا يتحدث عنه الكثيرون: البطارية المدمجة تعني أنك لن تستطيع تغييرها بنفسك بسهولة، وإذا بدأت البطارية في التدهور -كما هو طبيعي مع مرور الوقت- ستُجبر على الذهاب إلى مراكز صيانة متخصصة، وربما تفكر في تغيير الهاتف بالكامل، وهذا بالطبع يخدم شركات الهواتف التي تسعى لبيع أجهزة جديدة باستمرار.

من الناحية الأمنية، في الهواتف ذات البطاريات القابلة للخلع، كان بإمكانك ببساطة نزع البطارية إذا شعرت أن هاتفك قد يتعرض للاختراق أو التتبع، أما الآن، فأغلب الأجهزة تظل متصلة حتى وهي مغلقة، ومن الناحية النظرية يمكن التحكم بها أو تتبعها حتى في وضع الإيقاف. الأمر أصبح يتطلب خطوات أعقد لمن يريد أن “يعزل” هاتفه تمامًا.

قد يقول البعض إن هذا تطور طبيعي مع تقدم التكنولوجيا، لكن المسألة تبدو أعمق: البطاريات غير القابلة للخلع جعلتنا أسرى دورات الشحن المحدودة، وأعطت الشركات تحكمًا أكبر في مدة بقاء أجهزتنا قابلة للاستخدام.

ربما تكون هذه هي ضريبة التطور: نحن نحصل على أجهزة أكثر أناقة لكن أقل قابلية للتحكم الذاتي. صرنا نشتري أجهزة مغلقة بإحكام، تشبه الصناديق التي يصعب علينا فتحها أو تغيير مكوناتها.

مثلها مثل بعض الأفكار التي نتبناها بدون نقاش، نتمسك بها سنوات دون أن نجرؤ على “خلعها” أو استبدالها، رغم أنها قد تكون استهلكت صلاحيتها منذ زمن.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى