على مدار عصور طويلة عرفت المرأة بقيادتها لمناصب عدة بداية من العصر الفرعوني حتى الحديث، أثبتت بجدارة أنها صاحبة قرار وقادرة على التحدي وإثبات جدارتها لمن يعتقد أن لا حقوق للمرأة في ممارسة الحياة المهنية، ومن بين تلك السيدات، تصطحبكم منصة “كلمتنا” فيالسطور التالية نحو المحامية “مفيدة عبد الرحمن” أول امرأة تمارس مهنة المحاماة في القاهرة.
مفيدة عبدالرحمن:
مفيدة عبد الرحمن تلك السيدة العظيمة التي فتحت أبواب تمكين المرأة أمام النساء المصريات، فهي تعد من أبرز خبراء القانون في الستينيات، كما أنها أول امرأة ترفع دعوى أمام محكمة عسكرية في مصر ومن هنا التفت الشعب المصري إليها، بالإضافة إلى كونها أول امرأة ترفع دعوى أمام المحاكم في جنوبي مصر.
في أحد شوارع حي الدرب الأحمر في القاهرة القديمة، ولدت مفيدة عبدالرحمن في 20 يناير عام 1914، وما أن بلغت الخامسة من العمر، التحقت بمدرسة داخلية للبنات، ساندها والدها في رحلتها العظيمة نحو المحاماة لأنه آمن بها وبقدراتها على تحقيق المستحيل، وكذلك زوجهاالكاتب الإسلامي محمد عبد اللطيف الذي تقدم لزواجها عام 1933.
التحقت بجامعة القاهرة التي كانت تسمى بجامعة الملك فؤاد الأول، وذلك عام 1935 من أجل بدء رحلتها نحو المحاماة ودراسة القانون، حيث اعتبرت مفيدة عبدالرحمن آنذاك أول امرأة متزوجة تلتحق بهذه الكلية، الأمر الذي كان يشكل مسئولية كبيرة بالنسبة إليها، وأيضًا من أجل أن توازن بين بيتها ودراستها.
اقرأ أيضًا: “نبت”.. أول قاضية في التاريخ ظهرت في مصر الفرعونية
الرحلة نحو المحاماة:
بعد مرور سنوات الجامعة أصبحت مفيدة عبدالرحمن أول أم تتخرج من هذه الكلية، ومن هنا بدأت مزاولة مهنة المحاماة منذ عام 1939، وبمرور السنوات وحصد الإنجازات، حققت مفيدة شهرة عظيمة بالتحديد بعد أول قضية ترافعت فيها، حيث استطاعت بذكائها وحنكتها الفوز بالقضية ومن ثم تبرئة موكلها.
عملت مفيدة عبدالرحمن في الخمسينيات محامية دفاع في محاكمات سياسية في القاهرة عن قضية اتهام مجموعة من الناس بالتآمر على الدولة آنذاك، وصولًا إلى عام 1959 حيث أصبحت بدورها عضوًا في البرلمان عن الغورية والأزبكية، وكانت أيضًا نائبة نشطة لمدة سبعة عشر عاماً حتى اشتهرت في أرجاء مصر بالكامل.
كما أصحبت بمرور الوقت عضوًا في مجلس إدارة نقابة المحامين، وكذلك مجلس الاتحادات الجامعية والمؤتمر الوطني للاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الوطني ومجلس هيئة البريد، بالإضافة إلى عملها في تأسيس جمعية “نساء الإسلام”، حيث شغلت منصب رئيسة الجمعية لعدة سنوات، لأنه ذاع صيت عملها الناجح العظيم في المحاماة وكذلك البرلمان.
ورُغم ذلك النجاح الباهر لم تقصر في عملها كأم ربت تسعة أبناء، حيث استطاعت الموازنة بين الأمرين معًا بتفوق عظيم عكس ما قد يعتقد أي شخص آخر أن المرأة لم يمكنها فعل الأمرين معًا والنجاح في كلايهما، حتى أطلق على مفيدة عبد الرحم لقب “الأم العاملة المثالية”.
لتتوج تلك المرأة العظيمة بأنها أول المحاميات في مصر، وأول محامية ترفع دعاوى أمام محكمة النقض في مصر، وكذلك أول امرأة تمارس مهنة المحاماة في القاهرة، وأول امرأة ترفع دعوى أمام محكمة عسكرية في مصر، بالإضافة إلى أنها أول امرأة ترفع دعوى أمام المحاكم في جنوب مصر، لترحل عن عالمنا عام 2002 عن عمر ناهز 88 عامًا.
اقرأ أيضًا: “هند حنفي”.. أول امرأة تتولى رئاسة جامعة مصرية