كاتب ومقال

دار في خاطري| أنا لست غيري

بقلم: ريم السباعي

ريم السباعي

هل تعلم ما هي مميزاتك؟ هل تعلم ما هو أكثر شيء يميزك؟ هل تعلم ما هي عيوبك؟ هل تعلم ما هو أسوأ عيب لديك؟ هل تشعر بأنك أفضل من غيرك أم أقل منه؟ هل وجدت نفسك يوما في مقارنة مع غيرك؟ هل رأيت شخصا ما يقارن بينك وبين غيرك؟ بل هل قارنت أنت نفسك بغيرك؟.

طالما وجدت نفسك في مقارنة مع الأخرين، فمثلا عندما كنت صغيرا وتحصل على درجات الامتحان تجد والديك يسألان وفلان على كم درجة حصل؟ أو لماذا فلان أعلى منك؟ أو أنت أفضل من فلان فلقد حصلت على درجات أعلى منه، أو يقول معلمك أنت طالب متفوق لأنك وحدك من حصل على أعلى الدرجات، أو تجد جيرانك وأقرباءك يوبخون أبناءهم لأنهم لم يتفوقوا مثلك، أو يمدحونهم لأنهم تفوقوا عليك.

تمر السنين وتصل المقارنة إلى أنك التحقت بكلية الزراعة مثلا وصديقك التحق بكلية الصيدلة، وتتزاحم التساؤلات في رأسك، وتنهمر عليك ممن حولك لماذا لم تلتحق أنت أيضا بكلية الصيدلة؟ على اعتبار خاطئ بأنها الأفضل لأن طلابها جميعهم من الحاصلين على أعلى الدرجات، بغض النظر عن السبب الأساسي في ارتفاع أو انخفاض الدرجات لدى كل كلية وهو إحتياج الكلية، وقدرة استيعابها.

ثم تتوالى المقارنات وتتسارع التساؤلات فلماذا راتبك أقل من راتب هذا؟ ومركزك أقل من مركز ذاك؟ لماذا يمتلك صديقك سيارة؟ ولماذا يسافر جارك كل عام إلى أوروبا؟ بينما حالك باق على ما هو عليه؟ كل هذه التساؤلات والمقارنات لن تجلب إلا المتاعب، ومن ثم يتولد منها البغض الذي يؤدي إلى الكره، فإذا سألت نفسك سؤالا وهو لماذا تقارن نفسك بغير؟ بماذا تجيب؟ هناك من يقارن لشعوره بأنه أقل في القدرات والخبرات، وهناك من يجد نفسه الأفضل على الإطلاق ولا أحد يستحق شيئا غيره، وهذا يقارن ليظهر كيف أنه مظلوم، وذلك يقارن ليبرز مزاياه .. وهكذا.

ولكن قبل أن تقارن نفسك بشخص غيرك فلابد من توافر عدة شروط حتى تكون المقارنة صحيحة وهي أن تقارن نفسك بشخص في نفس عمرك، يعيش في نفس المكان الذي تعيش فيه، أي يحيا كما تحيا، يأكل ويلبس كما تأكل وتلبس، وأيضا درس كما درست، يعمل في نفس مكان عملك ومجاله، يحب ما تحب، ويكره ما تكره، طباعه مثل طباعك، هواياته هي هواياتك، وهنا لن تجد هذه الشروط تنطبق إلا على شخص واحد فقط، ذلك الشخص هو أنت.

نعم! فإذا أردت مقارنة نفسك بشخص آخر فلن تجد أفضل من نفسك لتقارنها بك، فهذا النوع من المقارنة لن يولد إلا المنافسة، والمثابرة، والجد، والاجتهاد، قارن نفسك اليوم بنفسك أمس، ستجد الأفضل فتسعى للاستمرار، وإذا وجدت الأسوأ، فستسعى إلى الإصلاح، فإذا تحقق ذلك الأمر سوف ينشغل كل فرد بإصلاح ذاته حتى لا يجد أمامه الوقت الكافي للمقارنة مع الأخرين.

فلابد أن يتم زرع ذلك النوع من المقارنة منذ البداية لدى الأطفال حتى يدركوا أن الفرد لا يقارن نفسه إلا بنفسه لا بغيره، لأن الأحوال، وطرق المعيشة، والقدرات، والهوايات، والظروف الصحية، والنفسية تختلف بين الأشخاص، ولأن كل إنسان هو نفسه لا غيره.

 

نبذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى