كيف كانت الشفرة النوبية سبباً في انتصار العاشر من رمضان؟
انتصار العاشر من رمضان وحرب أكتوبر انتصار عظيم حققته الدولة المصرية ما زال يتحدث عنه العالم كله حتى الآن، وما زالت تلك الحرب مليئة بالعديد من الأسرار والحكايات التي تستحق تسليط الضوء عليها واستعادة ذكرياتها.
«ساع آوي وأوشريا» كلمات من يراها ربما لا يعلم القصة وراءها أو يظن أنها مجرد كلمات ليس لها معنى، لا يعلمون أن تلك الكلمات وراءها قصة انتصار عظيمة لا يعرفها الكثير، فبعض الشباب يعرف أن انتصار العاشر من رمضان كان بهدم خط بارليف.
ولكن كان هناك جندي مجهول آخر وراء هذا الانتصار أثار اهتمام ودهشة الكثير، وكان من أبرز أسرار حرب أكتوبر فلقد تم استخدام لهجة من لهجات اللغة النوبية فيها كشفرة حرب حيرت اليهود وأصابتهم بالجنون نظراً لصعوبة فكها، ولكن كيف تم إقناع القيادة السياسية باستخدام اللغة النوبية؟ ذلك ما ستوضحه منصة «كلمتنا» في السطور التالية..
لحظات فارقة:
كانت الشفرات أول ما يفكر فيه العدو وكانوا يتلصصون عليها لفكها، لذلك أثارت فكرة غريبة اهتمام قادة الجيش المصري عندما تم عرضها من قبل أحد الجنود، وعلى الرغم من أنها كانت فكرة بسيطة للغاية ولكنها كانت عجيبة بالنسبة لهم، وكانت لحظات فارقة في تاريخ مصر والمنطقة العربية.
تلك الفكرة التي كان بطلها الجندي المصري النوبي أحمد إدريس الذي تطوع في الجيش لحماسه وآماله العريضة، وانضم بعد تدريبه بفترة لقوات حرس الحدود، وأثناء ذلك كانت الصدفة هي التي جعلته ضمن مناقشة طويلة بين عدة ظباط عن معضلة الوصول إلى شفرة لاستخدامها في التواصل وفي نفس الوقت يصعب على العدو فكها.
بعبارة بسيطة تدخل الجندي الشاب أحمد إدريس قائلاً: إن اللغة النوبية هي الحل لتصبح لغة الإرسال وعندما يحاول العدو فك شفرتها لا يجد أمامه إلا كلمات غير مفهومة لغة بلا أبجدية موثقة، وعندما استمع قائده لتلك الفكرة البسيطة رغم غرابتها أبلغها لقادته الذين أبلغوه فوراً باستدعاء ذلك الجندي صاحب الفكرة ليشرحها أمامهم، وبالفعل أبلغوها للرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي أمر بالتكتم على تلك الفكرة وعدم التحدث عنها نهائياً.
غير موثقة كتابياً:
لكن كانت كلها ساعات قليلة ليجد الجندي نفسه مقيداً بالكلبشات الحديدية من قبل بعض الظباط، ليذهبوا إلى مكان لا يعرفه ذلك الأمر الذي جعله يقلق ويخاف، ولكن بعد ساعات وجد نفسه أمام بيت الرئيس السادات ليخبروه أنه سيأتي لمقابلته بعد الانتهاء من اجتماعه مع قادة الجيش.
ومر عليه ساعة ونص في قلق وكأنها فترة طويلة، حتى انتفض عند رؤيته الرئيس وألقى عليه التحية العسكرية فربت على كتفه مطمئناً إياه وظل يتحدث معه عن أحواله، ثم فجأة سأله عن حكاية اللغة النوبية ليشرح له إدريس فكرته التي ما انتهى منها حتى وجد الرئيس السادات دخل في موجة من الضحك الهستيري التي جعلته يقلق مرة أخرى ويسأله إن قال شيئاً سيئاً، لينفي الرئيس قائلاً إنه يضحك لسبب في نفس يعقوب، لتمر عدة أيام ويبدأ اكتشاف نفس يعقوب وعن مفاجأة كبيرة.
وتم جمع 344 جندياً مصرياً نوبياً يعلمون كل شيء عن اللغة النوبية، لتصبح كلمة السر تلك اللغة غير الموثقة كتابياً، وتعتمد على قولها فقط على مر السنين ولا يوجد لها أي مرجعية يستطيع أحد الفهم منها، وبالفعل تم اعتمادها من قبل الجيش المصري كسراً لشفرة في الحرب، خاصةً أنها فكرة غريبة لم يلجأ لها الجيش من قبل على عكس تلك الشفرات المعقدة، وبالفعل بدأ تدريب 344 جندياً نوبياً على أجهزة اللاسلكي الصغيرة، وتحديد الكلمات النوبية التي سيتم إطلاقها على الجنود والدبابات ومختلف الأوضاع.
«أوشريا وساع أوي»:
كان من تلك الكلمات التي تم استخدامها 20 «أولوم» والتي تعني تمساح باللغة النوبية ويقصد بها الدبابة، و30 «أسلانغي» والتي تعني ثعبان ويقصد بها عربة مجنزرة، كما أنه تم تزويد الجند النوبيين بـ 20 محطة لاسلكية ليطلقوا عليها اسم «أوندي» والتي تعني ذكر ليتم تعريفها بذلك الاسم.
وفي يوم العاشر من رمضان كان كل قائد لديه خطاب مغلق يتم فتحه الساعة الثانية إلا عشر دقائق، وفي الوقت المنصوص عليه تم فتح الخطابات ليجدوا فيها أشهر كلمتين كانوا سبباً من أسباب النصر وهما «أوشريا» والتي تعني اضرب ويقصد بها إصدار الأمر لكل الوحدات لبدأ إطلاق النيران، و«ساع أوي» ومعناها الساعة الثانية ظهراً ويقصد بها ساعة الصفر وموعد الضربة.
لتساهم بذلك الشفرة النوبية و صاحب فكرتها الجندي أحمد إدريس بقدر كبير في نصر حرب العاشر من رمضان، وذلك لأن استخدام الشفرة النوبية أدهش العدو طوال الحرب؛ بسبب عدم فهمهم تلك اللغة أو معرفة أصلها حتى أنهم ظنوا أن المصريين اخترعوا لغة جديدة.