حكاية شارع| المعز لدين الله.. أتقن هذه اللغات وبنى أشهر مساجد القاهرة
تتعدد الأماكن الأثرية والتاريخية في مدينة القاهرة، والتي يبلغ عمر البعض منها أكثر من 600 آلاف عام، ويعد شارع المعز من أشهر هذه الأماكن على الإطلاق بموقعه المميز في منطقة الأزهر بوسط القاهرة، ويعتبر شارع المعز لدين الله مزارًا أثريًا وسياحيًا وسوقًا تجاريًا يتردد عليه مئات الآلاف يوميًا، ويعود أصل تسمية شارع المعز نسبة إلى الخليفة الفاطمي المعز لدين الله والذي ضم مصر للحكم الفاطمي، وتقدم لكم اليوم منصة كلمتنا في سلسلة حكاية شارع قصة شارع المعز والذي يعد من أقدم الأماكن ذات الطابع المعماري الإسلامي في العالم.
ميلاد ونشأة المعز
هو المعز لدين الله أبو تميم معد بن المنصور، ولد بمدينة المهدية بالمغرب عام 932م، وهو رابع الخلفاء الفاطميين في إفريقيا (تونس حاليا) وأول الخلفاء الفاطميين في مصر، وهو الإمام الرابع عشر من أئمة الإسماعيلية حكم من (953 حتى 975).
خلافة الدولة الفاطمية
ولي المعز لدين الله الخلافة الفاطمية خلفًا لأبيه المنصور أبي طاهر إسماعيل، وكان المعز رجلاً مثقفاً يجيد عدة لغات، وكان مولعاً بالعلوم والآداب ومتمرساً بإدارة شئون الدولة وتصريف أمورها، وكان معروفاً بالفطنة ورجاحة العقل ولذا حظي باحترام رجال الدولة وتقديرهم.
وانتهج المعز سياسة رشيدة، فأصلح ما أفسدته ثورات الخارجين على الدولة، ونجح في بناء جيش قوي، واصطناع القادة والفاتحين وتوحيد بلاد المغرب تحت رايته وسلطانه ومد نفوذه إلى جنوب إيطاليا.
ولم تغفل عينا المعز لدين الله عن مصر، فكان يتابع أخبارها وينتظر الفرصة السانحة لكي يبسط نفوذه عليها، متذرعاً بالصبر وحسن الإعداد، حتى يتهيأ له النجاح والظفر.
سيطرة الفاطميين على مصر
عهد المعز لدين الله إلى قائده جوهر الصقلي بقيادة الحملة التي أعدها للاستيلاء على مصر، وضمها للدولة الفاطمية، وحينما وصل جيش المعز إلى مصر لم يجد مشقة في مهمته ودخل عاصمة البلاد في 6 يوليو عام 969م دون مقاومة تذكر وبعد أن أعطى الأمان للمصريين.
وقد أسس جوهر مدينة القاهرة عام 969م، وأقام بها قصرًا كبيرًا لإقامة المعز، وعرف هذا القصر باسم القصر الشرقي الكبير، كما أنشأ الجامع الأزهر.
وكانت القاهرة وقت إنشائها تحد من الشمال بموقع باب النصر، ومن الجنوب بموقع باب زويلة وما يليه، وتحد شرقاً بموقع باب البرقية وباب المحروق المشرفين على المقطم، وتحد غرباً بباب سعادة وما يليه حتى شاطيء النيل.
انتقال المعز إلى القاهرة
وصل المعز إلى القاهرة في 11 يونيو عام 972م، وأقام في القصر الذي بناه جوهر، وفي اليوم الثاني خرج لاستقبال مهنئيه وأصبحت القاهرة منذ ذلك الحين مقرًا للخلافة الفاطمية، وانقطعت تبعيتها للخلافة العباسية.
وقضى المعز الجزء الأكبر من خلافته في المغرب، ولم يقض في مصر إلا حوالي 3 سنوات فقط، ولكنها كانت ذات تأثير في حياة دولته، فقد نجح في نقل مركز دولته إلى القاهرة، وأقام حكومة قوية أحدثت انقلاباً في المظاهر الدينية والثقافية والاجتماعية في مصر، ولا تزال بعض آثاره تطل علينا حتى الآن، وجعل من مصر قلبا للعالم الإسلامي، كما كان أول خليفة فاطمي يحكم دولته من القاهرة.
وقد حارب المعز القرامطة وجرد لهم الجيوش إلى أن استطاع إبعادهم إلى شرق الجزيرة العربية بعيداً عن مكة وجوارها.
وفاة المعز
توفي المعز لدين الله في القاهرة في 23 ديسمبر عام 975م.
اقرأ ايضاً: حكاية شارع| خان الخليلي وتجارة الأمير جهاركس نابش القبور