حكاية شارع| السلطانة شجر الدر أنقذت مصر خلال الحملة الصليبية وأطلق اسمها على أحد شوارع الزمالك
تتميز القاهرة بشوارعها وميادينها العريقة التي يرجع تاريخها إلى العصور الماضية، ويقع حي الزمالك على النيل، وأطلق الأترك كلمة الزمالك على المكان وتعنى “العشش” بالتركية لانتشار العشش والأكواخ الخشبية التي كان يستخدمها الصيادون، بالإضافة إلى امتلائها بالثعالب، وفي التقرير التالي تقدم لكم منصة كلمتنا قصة حياة سلطانة مصر شجر الدر والتي أطلق أسمها على أحد شوارع حي الزمالك العريق.
ولدت شجر الدر في أسرة مسيحية في جبال أرمينية، وقد تم اختطافها وبيعت في أسواق النخاسة مع غيرها من الجواري والغلمان، وكباقي الجواري اعتنقت الإسلام، ولم يعد لها أي صلة بعقيدتها القديمة، ثم أصبحت جارية لزوجة السلطان “الصالح نجم الدين أيوب” أم “توران شاه”.
كانت شجر الدر تتمتع بالجمال والذكاء الحاد، وساعدها ذلك على الظفر بحب السلطان، فوقع في حبها وأعتقها وتزوجها، وبعد وفاة أم توران شاه استحوذت شجر الدر على قلب السلطان، وصممت على ألا يكون لها منافسة خاصة بعد أن أنجبت ابنها خليل.
تعرضت مصر للعديد من الحملات الصليبية كان آخرها الحملة الصليبية السابعة بقيادة ملك فرنسا “لويس التاسع عشر”، وشاء القدر أن يمرض السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وكان ذلك في 4 مايو 1249م، وأصبح الموقف خطيرًا جدًا خاصة بعد وفاة السلطان الصالح أيوب، واجتمع حلفاء شجر الدر معها، وأقسموا على أن يحتفظوا لأنفسهم بسر موت السلطان حتى لا يقلل ذلك من عزيمة الجنود، وأعدوا أمرًا سلطانيًا وختموه بالخاتم السلطاني، وكانت المشكلة أمام شجر الدر كيفية دفن جثمان السلطان، وانتهى الأمر بتغسيله وتكفينه ووضعه في صندوق، ووضع الصندوق بمركب في النيل وركبت بجانبه، وتم دفن الجثة وعادت شجر الدر مرة أخرى إلى مركز القيادة.
واستدعت شجر الدر توران شاه ابن الصالح نجم الدين أيوب، وسلمت له الأمانة، ورغم عيوبه إلا أنه كان قائدًا قديرًا وأثناء عبور الصليبيين في النيل فوجئوا بالجسر الذي يعترض مجرى النيل، وفي النهاية انهزم الصليبيون وأسر الملك لويس التاسع عشر حتى تم فداؤه.
تطورت الأحداث بعد ذلك وحدثت أمور وأفعال من توران شاه أدت إلى غضب مماليك أبيه عليه، وانتهى الأمر إلى تدبيرهم أمر قتله وبعد مقتله تولت شجر الدر الحكم، وأصبحت سلطان مصر، وحكمت مصر منفردة لمدة ستة شهور، إلا أن الأمور لم تدم لها على هذا الحال، فقد رفض الخليفة العباسي أن تتولى الحكم امرأة، لذلك بحثت شجر الدر عن حيلة تخرجها من هذا المأزق، وهى أن تتزوج بأحد المماليك ضعاف الشخصية التي تستطيع من خلاله أن تسيطر على الأمور، وترضي الخليفة العباسي فتزوجت من “عز الدين أيبك” وهو قائد المماليك البحرية.
عندما بلغت شجر الدر الخمسين من عمرها ازداد أيبك طموحًا وأخذ يخطط لمستقبله ومن سيتولى العرش من بعده خاصةً أن شجر الدر لن تستطيع الإنجاب لكبر سنها، فقرر أن يتزوج من ابنة “بدر الدين لؤلؤ” حاكم الموصل، وعندها ساءت علاقته بشجرة الدر وغضبت منه بعد أن علمت أنه ينوي الزواج وصممت على قتله، وأعدت غلمانها لقتله وهو في الحمام، وحاولت شجر الدر بعد ذلك أن تنقل خبر وفاته إلى الأمراء بأنه مات ميتة طبيعية، ولكن أصدقاء أيبك لم يصدقوا ووقفوا على الحقيقة من غلمانها.
تأكدت شجر الدر أنها لن تخرج من القصر وهي على قيد الحياة، ولهذا سحقت كل جواهرها ولآلئها الثمينة إلى ذرات، حتى لا يستفيد منها أحد بعد موتها.
وكانت لحظة سقوطها هي اللحظة التي تنتظرها مطلقة أيبك، فأرسلت جواريها إلى البرج ليحضرنها إلى المكان الذي كانت فيه، وهناك قتلنها بالقباقيب الخشبية في 3 مايو 1257م.
وهكذا كانت النهاية المأساوية لشجر الدر، ولكن ظلت شهرتها وسيرتها وأطلق أسمها على أحد شوارع حي الزمالك ودفنت في مقبرتها بين مقابر المماليك تحت القلعة.
اقرأ ايضاً: حكاية شارع| محمد عبد الوهاب.. شارع يحكي أسرار علاقته بأحمد شوقي