كلام رجالة

جبران خليل جبران.. طفولة الشاعر البائس وقصة الحب العذري

في صباح 1883 بلبنان تحديدًا بمدينة “البشري” بين فقرهم وجوعهم، وسهر الأب ولعبه للقمار، من بين المهالك والظروف القاسية التي واجهت أسرته، ولد جبران أحد أهم الشعراء والكُتاب العالميين.

من الطفولة إلى المراهقة البائسة

بعد أن أعلن الأب عن إفلاسه لإدمانه القمار وتبري الأسرة منه بعد دخوله للسجن، قررت الأسرة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ارتاد جبران هناك مدرسة الفنون ولعل هذا ما كان سببًا في اكتشاف موهبة الشعر.

عاد إلى بيروت في سن الخامس عشر، وكان يقضي العطلة الصيفية في بلدته البشري، وجد عزاؤه في الطبيعة، كان صديق طفولته أستاذه في المدرسة، توفيت شقيقته “سلطانه” بالسل وهي في14 من عمرها قبل عودته لبوسطن، وفي العام التالي توفي صديقه بطرس بنفس المرض، وتوفيت أمه بالسرطان، بعد تدهور حال الأسرة اضطرت أخته مارينا أن تعمل في متجر للخياطة.

الطريق إلى الشهرة

في البداية اتجه جبران للفن، وأنشأ أول معرض فني لرسوماته في باريس وهو في سن 21 عام 1904، اتبع في لوحاته أسلوب رومانسي على الواقعية الصادقة.

التقي كع إليزابيث هاسكل واستمرت صداقتهما حتى آخر عمر جبران، ويقال أن إليزابيث قد أنفقت الكثير من أموالها لمساندة جبران، عام 1908 درس جبران الفن في باريس، وتعرف هناك على صديق عمره يوسف الحويك، وأصبحت معظم أعماله المنشورة من 1908 باللغة الإنجليزية، صدر كتابه الأول من العام نفسه تحت عنوان “المجنون” والذي يحتوي على مجموعة من الأمثال المكتوبة في خليط بين النثر والشعر.

كتاباته

اعتمد جبران اتجاهين الأول يأخذ بالقوة ويثور على عقائد الدين والثاني يحب الميول ويستمتع بالحياة، ونجد ذلك واضحًا في قصيدته ” المراكب”، كان لديه مواقف محددة وقوية تجاه القضايا لاسيما موقفه في قضية التبعية العربية للدولة العثمانية والتي حاربها في شتى كتبه ورسائله.

ترجمت مؤلفاته إلى أكثر من لغة

العربية
عرائس المروج
الأرواح المتمردة
الأجنحة المتكسرة
دمعة وابتسامة، مجموعة قصص ومواعظ وقصائد أدبية
المواكب
العواصف
البدائع والطرائف
مناجاة أرواح
آلهة الأرض وهي مجموعة حوارات بين من نصبوا أنفسهم آلهة على الأرض.

الإنجليزية
كتاب النبي
كتاب المجنون
رمل وزبد
يسوع ابن الإنسان
أرباب الأرض
الشعلة الزرقاء
التائه

علاقته العذرية ب “مي زياد”

بعد رسالة مي زيادة الأولى التي أبدت فيها إعجابها الشديد بكتب ومقالات جبران، انتظرت سنين ليجيب جبران عليها ويرد ولو على واحدة فقط من رسائلها.

وأخيرًا تلقت زيادة الرد، ونشأت علاقة صداقة قوية بينهما، كانت زيادة شديدة الحذر في كلامها معه، فأخفت حبه عنها 12 عامًا، فوضعت جبران في حيرة  هل هي خجولة أم أنها لا تحبه؟!

كان جبران دائماً متردد في حبه لمي، إلا أن توقفت مشاعرها عن الكتابة، وعندما علمت بمرض جبران زاد اعتنائها به وحرصها على إحاطته بمشاعر الأمومة والحنان والحب.

لم تنتهي قصة الحب إلا بموت زيادة نفسها، فبعد موت جبران انهالت المشاكل على زيادة وتحاملت الكثير حتى أنها مرضت نفسيًا حزنًا على رحيل صديق وحبيب العمر، حتى جاورته 1941.

إحدى رسائل مي زيادة إلى حبيبها جبران

“لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب، إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات، ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة، ويفضلون أي غربة وأي شقاء وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟ على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة

ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب. أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدري

الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كنت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلاً، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى حتى الكتابة ألوم نفسي عليها، لأني بها حرة كل هذه الحرية.. أتذكر قول القدماء من الشرقيين: إن خير للبنت أن لا تقرأ ولا تكتب

إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثراً للوراثة فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة. ما هو؟ قل لي أنت ما هو. وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق بك.. وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير إليك، وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حواليك، يحرسك ويحنو عليك.

غابت الشمس وراء الأفق، ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان حصحصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة، آلهة الحب، أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟ ربما وجد فيها بنت هي مثلي، لها جبران واحد، حلو بعيد هو القريب القريب. تكتب إليه الآن والشفق يملأ الفضاء، وتعلم أن الظلام يخلف الشفق، وأن النور يتبع الظلام، وأن الليل سيخلف النهار، والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب إليها كل وحشة الشفق، وكل وحشة الليل، فتلقي بالقلم جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد.

وفاة جبران

توفي في نيويورك 1931 عن عمر ال 48، نتيجة تليف الكبد والسل، كانت امنيته أن يدفن في لبنان، وتحققت بالفعل 1932 في صومعته القديمة ببيروت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى