من الاحتباس الحراري إلى التطرف المناخي.. هل أصبح الإنسان عدوًا للبيئة؟
من الغريب أن الإنسان يتذمر ويعترض على كوارث هو السبب في حدوثها بكل بساطة؛ ففي السنوات الأخيرة، شهد العالم تطرفًا مناخيًا غيرمسبوق من فيضانات واحتراق غابات وارتفاعًا قاسيًا في درجات الحرارة، الأمر الذي خلف وراءه ملايين الإصابات الوفيات، بسبب سلوك البشرية غير المتوازن، فهل يعقل أن يعاني الإنسان من شيء ما زال هو السبب في حدوثه بل وتضاعف نتائجه؟
كيف يمكن أن يكون الإنسان هو السبب في التطرف المناخي؟
في وسط جهود الأمم المتحدة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، يحتل المناخ الهدف رقم 13 من أهدافها، وفي ظل تنمية المجتمعات والجهود العالمية المبذولة للقضاء على الفقر والجوع وتحسين المناخ وغيرها من الأهداف، لا زال الإنسان لا يعي لضرورة تحقيق تلك الإنجازات من أجل عالم أفضل، وما زال يتراجع باستمرار إلى الخطوة الصفر.
يترأس النشاط البشري قائمة أسباب التطرف المناخي الذي يحدث بسبب الاحتباس الحراري، فحسب إحصاءات الأمم المتحدة، تزداد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل ملحوظ، فهي اليوم أعلى بنسبة 50% من مستوياتها في عام 1990.
فببساطة يساهم الإنسان في تسرب غازات تضر الغلاف الجوي يطلق عليها اسم “الغازات الدفيئة“، التي من بينها غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان، فتلك الغازات تتسرب من النقل، البناء، إزالة الغابات، وحرق الوقود الأحفوري، وغيرها من النشاطات.
الأمر الذي يؤثر بدوره على المسطحات المائية والتربة وأيضًا الهواء الذي تستنشقه، وبالتالي التأثير على صحتك، ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد، فتلك الكوارث التي تشاهدها يوميًا في الأخبار العاجلة، من حرائق غابات لا تنتهي، أمطار غزيرة وفيضانات، بالإضافة إلى درجات الحرارة القاسية الحارقة، التي قد تسبب جفاف وغيرها من الظواهر، فكل ذلك يندرج تحت مسمى “التطرف المناخي“.
فتلك الكوارث التي تحدث تسبب خسائر بشرية واقتصادية مأساوية، حيث يصاب ملايين الأشخاص حول العالم، وآخرين يغادرون الحياة وأعداد لا بأس بها ما زالت في عداد المفقودين، جراء أحداث التطرف المناخي، كما تخسر دول العالم مليارات الأموال بسبب تلك الكوارث وما تخلفه ورائها.
لكن إذا اقتصر الأمر على الجانب المادي فمن الممكن أن يتم التغاضي عنه، ولكن ماذا إذا وصل الأمر إلى الجفاف وبالأخص في التربة؟ هل سيعاني العالم من الجوع والفقر من جديد بعد جهود العالم أجمع لتطبيق خطة التنمية المستدامة 2030؟
اقرأ أيضًا: هل عاصرت أحدهم؟.. تعرف على أسوأ الفيضانات التي ضربت دول العالم
تأثير المناخ على القطاع الزراعي:
إن العالم متصل ببعضه بشكل أو بآخر، فمن المحيطات إلى التربة والزراعة وصولًا إلى صحة الإنسان، تتوقف جميعها على “التطرف المناخي“، الأمر الذي لم يأخذه الكثير على محمل الجد لأنه في الواقع لم يدرك جحم خطورته بعد، وذلك هو السبب وراء تفاقم المشكلة إلى هذا الحد الأمر الذي يسبب كوارث لا حصر لها في العالم.
فإذا تحدثنا عن سبيل الإنسان للحياة وهو “الزراعة“، سنجد أن القطاع الزراعي يتعرض لضرر كارثي يهدد حياة البشر دون استثناء، فالإنتاج الزراعي والاقتصاد يمثلان مصدر حياة أي دولة على مستوى العالم، فماذا إذا انهار هرم الغذاء دون نجاة؟
فبسبب “التطرف المناخي” الذي يتمثل في تغير درجات الحرارة التي قد تسبب جفاف، وهطول الأمطار بغزارة والفيضانات، بالإضافة إلى زيادة الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى زيادة أعداد الآفات الحشرية، التي بدورها تضر بنتاج المحاصيل الأساسية، كل تلك المخاطرالسابقة متصلة بالتربة والزراعة، الأمر الذي سيجعل العالم في السنوات القادمة يواجه واحدة من أكبر المشكلات في التاريخ.
فخلال الأعوام القادمة، سيشهد العالم تزايدًا مهولًا في عدد السكان، الأمر الذي سيجعل إمكانية توفير غذاء كافٍ في ظل ظروف التطرف المناخي قد تكون مستحيلة، بالإضافة إلى المزارعين الذي ينهار مصدر رزقهم عامًا تلو الآخر، دون اتخاذ قرار حازم وصارم تجاه مشكلات المناخ الأزلية، الأمر الذي سيؤدي إلى انتشار الفقر والجوع في العالم أجمع.
فحسب إحصاءات الأمم المتحدة سينخفض الإنتاج الزراعي بنسبة 20% بحلول عام 2080، ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى خفض المياه المتجددة بنسبة 20% بحلول عام 2030.
اقرأ أيضًا: في اليوم العالمي للنمور.. هل الانقراض يهدد تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
هل هناك حلول لمواجهة التطرف المناخي؟
على العالم أن يكرس جهوده للقضاء على ذلك الخطر الذي يهدد حياة الإنسان، حتى لا نستيقظ ذات يوم وقد تدهور الأمر إلى لدرجة الاحتراق من الحرارة العالية، أو أن المجاعات تجتاح دول العالم.
ولأنك جزء من هذا العالم، فماذا لو بدأت خطوة التغيير منك أنت، من داخل قلبك نحو إنقاذ حياة البشر، فالإيجابية دوما تنتصر رغم البلاد والمسافات، فما هي إذًا وسائل مواجهة التطرف المناخي؟
أولًا: يمكنك التقليل من تناول اللحوم، لأن تناولها يزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما عليك الحرص على شراء المنتجات البلاستيكية المعاد تدويرها أو غيرها من البدائل الصديقة للبيئة، لأن البلاستيك يساهم في انبعاث غاز الاحتباس الحراري.
ثانيًا: عليك زراعة الأشجار بكثافة، لما لها قدرة هائلة على مواجهة أزمة التطرف المناخي بشكل كبير.
ثالثًا: عليك محاولة تقليل استهلاك المياه، بسبب ندرتها في الوقت الحالي، الأمر الذي يعاني منه بلاد كثيرة حول العالم.
رابعًا: يمكنك المساهمة في توفير الكهرباء قدر الإمكان وأيضًا تقليل استخدام الأجهزة التي تساهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
اقرأ أيضًا: لماذا علينا جميعًا المشاركة في مبادرة “اتحضر للأخضر”؟.. تعرف على التفاصيل