ما السر وراء احتكار الرجال مهنة التلحين؟
دائمًا ما نلاحظ أن تأليف كلمات الأغاني وتلحينها وتوزيعها مجالات احتكرها الرجال وغابت عنها المرأة، وبالرغم من أن المرأة أصبحت لديها بصمة في جميع المجالات إلا أنه لم نسمع يومًا أن هناك ملحنة متميزة، لتصبح مهنة التلحين حكرًا على الرجال، فلماذا اقتصرت مهنة التلحين على الرجال فقط وعزفت المرأة عن هذا المجال؟، في السطور التالية تقدم لك منصة “كلمتنا” أسباب ذلك، بالإضافة إلى التعرف إلى أشهر الملحنين الرجال.
أسباب احتكار الرجال مهنة التلحين:
يرى العديد من النقاد والباحثين الموسيقيين أن التلحين يقتصر على الرجال فقط بسبب عزوف المرأة عن ذلك المجال واقتصارها على الساحة الغنائية خاصًة أن المرأة لا تفضل العمل خلف الكواليس، بالإضافة إلى أن العديد من النساء يقيدن بالعادات والتقاليد في المجتمع الشرقي فمهنة التلحين تعتمد على التفرغ الكامل للتلحين وتأخر الوقت وأكثر العمل يكون ليلًا والتنقل والسفر كثيرًا وكذلك الملحن يتطلب عمله التعامل مع المطربين والموسيقيين بكثرة، ذلك الأمر الذي يمنع الكثير من النساء من الدخول إلى مهنة التلحين بسبب طبيعة وثقافة المجتمع.
وبالرغم من أن المرأة أكثر رومانسية وشاعرية عن الرجل إلا أنها غابت تمامًا عن التلحين بسبب عدم تقديم أعمالًا تلحينية تعطي قيمة فنية وتفرض نفسها على الساحة، إلى جانب أن الرجل دائمًا هو الذي يكتب ويلحن للمرأة وليس العكس، كما أن مهنة التلحين تحتاج إلى الموهبة والدراسة التفصيلية في المقامات وفروعها والإلمام بجميع الإيقاعات، ولكن المرأة نادرًا ما تتجه إلى دراسة ذلك وتكتفي أن تكون مطربة.
ولكن لا يجب أن نغفل أنه بالرغم من اقتصار مهنة التلحين على الرجال إلا المرأة لها بصمة أيضًا في ذلك المجال حتى لو كانت طفيفة، فهناك مؤلفات تواجدن على الساحة ولكن ليس بكثرة أبرزهن كوثر مصطفى، عايدة الأيوبي، لور دكاش، نادرة أمين، بهيجة حافظ، عواطف عبد الكريم، وأم كلثوم التي كانت لديها تجارب نادرة في التلحين.
اقرأ أيضًا: ترغب في دراسة الموسيقى .. إليك كل ما تحتاج معرفته عن “الكونسرفاتوار”
أما عن أشهر الملحنين الرجال فهم:
محمد عبد الوهاب:
موسيقار الأجيال العربية الذي لحن لأكبر مطربي عصره، وكانت له العديد من الأغاني التي ما زالت خالدة في تاريخ الموسيقى العربية، هو الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي بدأ الغناء والتلحين في سن مبكر وسجل أولى تسجيلاته عندما كان يبلغ من العمر 13 عامًا، بالإضافة إلى أنه درس العود والموسيقى العربية التقليدية في معهد القاهرة للموسيقى العربية، وكذلك التأليف الغربي في مدرسة برجوان.
ونظرًا لصوته الجميل وقدرته المذهلة في الارتجال على العود ازدادت شهرة عبد الوهاب سريعًا، حتى أنه أصبح فنانًا مشهورًا في حفلات الطبقة العليا، كما كانت ألحانه لها شعبية كبيرة للغاية بين مختلف فئات المجتمع، ويعد عبد الوهاب أحد الأركان الأساسية في الموسيقى العربية الحديثة، وقد ارتبط دائمًا بأمير الشعراء أحمد شوقي ولحن له أغاني عديدة.
كما قام عبد الوهاب بالتلحين للعديد من أشهر مطربي الزمن الجميل أبرزهم أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، فيروز، ليلى مراد، نجاة الصغيرة، صباح، وردة الجزائرية، أسمهان، فايزة أحمد، وطلال مداح، ولم يقتصر عبد الوهاب على التلحين فقط بل أنه انتقل إلى السينما المصرية وأدى أدوارًا غنائية كثيرة.
رياض السنباطي:
يعد أحد رواد الموسيقى العربية، اشتهر بتفرده في تلحين القصيدة العربية، وهو الموسيقي العربى الوحيد الذي نال جائزة اليونسكو العالمية عام 1977، إنه فيلسوف الموسيقى العربية رياض السنباطي، الذي بدأ حياته الفنية من خلال فرقة والده في الأفراح والموالد، ليستطيع إثبات براعته مع الوقت ويتنقل إلى القاهرة للدراسة في معهد الموسيقى العربي ولكن كانت المفاجأة عندما يتم تعيينه في المعهد أستاذًا لآلة العود والأداء بدلًا من أن يكون طالبًا وذلك بفضل موهبته.
ومع مرور الوقت بدأت شهرة رياض السنباطي تتوسع وأصبح اسمه معروفًا في العديد من ندوات وحفلات معهد الموسيقى العربية، ولكن بعد مرور ثلاثة سنوات استقال من المعهد متخذًا القرار بدخوله عالم التلحين من خلال شركة أوديون التي قدمته ملحنًا لكبار مطربي ومطربات الشركة، وتعاون السنباطي مع العديد من مطربي الوطن العربي، ولكن جمعته علاقة وطيدة بأم كلثوم كوكب الشرق، فكان بينهما رحلة طويلة مبهرة تعد أعظم شراكة موسيقية عربية حدثت على الإطلاق.
اقرأ أيضًا: حكايات في حياة “رياض السنباطي” .. فيلسوف الموسيقى العربية
وغنى من تلحينه العديد من مطربي الوطن العربي أبرزهم: “أم كلثوم، أسمهان، صالح عبد الحي، هدى سلطان، منيرة المهدية، وردة، فايزة أحمد، عبد الغني السيد، فتحية أحمد، ميادة الحناوي، محمد عبد المطلب، سعاد محمد، نجاة، طلال مداح، سميرة سعيد، عزيزة جلال، وابتسام لطفي”.
محمد القصبجي:
خاض القصبجي مشوارًا فنيًا مليئًا بالإنجازات الفنية واستطاع من خلال ألحانه التي تغنى بها كبار المطربين أن ينال إعجاب الجميع ويجذب عقولهم، كما كان من أكثر الملحنين في مجال التلحين إنتاجًا طوال 50 عامًا، فقد كان مبدعًا له لون مختلف في الألحان والإيقاعات الجديدة، واعتبره الكثير من الملحنين الأكثر تفوقًا، ذلك الأمر الذي جعل الكثير من المطربات ينجذبن إلى ألحانه، وقد كانت لأم كلثوم النصيب الأكبر من ألحانه، كما أنه لحن أيضًا لأسمهان وميزة المهدية وليلى مراد.
فريد الأطرش:
موسيقي ومطرب ترك بصمة واضحة في الموسيقى العربية بفضل موهبته الموسيقية النادرة هو الفنان فريد الأطرش الملقب بـ “ملك العود”، والذي أبدع في الغناء والتمثيل والتلحين، وكان له فلسفة خاصة في التلحين كانت تقوم على أن الألحان هي ترجمة مطابقة للكلمات، ولحن الأطرش لنفسه ولآخرين وكان له لون خاص في الغناء والتلحين اجتذب جمهورًا خاصًا في العالم العربى.
لحن فريد الأطرش للعديد من الفنانين والفنانات العرب أبرزهم: “أسمهان، تحية كاريوكا، فايزة أحمد، شادية، صباح، وديع الصافي، وردة الجزائرية، نادية جمال، وعصام رجي”.
عمر خيرت:
يعد عمر خيرت من أشهر الموسيقيين المصريين في الوقت الحالي، فهو مؤلف موسيقي ولمحن وموزع، تميزت مقطوعاته الموسيقية بلونها المميز، فقد استطاع من خلال مقطوعاته المزج بين الموسيقى الكلاسيكية والموسيقى المصرية والشعبية الشرقية، ذلك الأمر الذي جعله يبدع في تلحين روائع موسيقية طوال مشواره الفني، وترتبط أعماله بمئات الأفلام والمسلسلات والأغاني التي أثرت في وجدان العديد من عشاق الموسيقى.
ومن أشهر ألحانه “فيها حاجة حلوة، تعرف تتكلم بلدي، الممر، ضمير أبلة حكمت، عسل أسود، وسكوت حنصور” وغيرها من الألحان الكثيرة.
اقرأ أيضًا: المايسترو سليم سحاب .. فلسطيني رواه النيل بسحر الموسيقى