غسان كنفاني.. صوت الوطن ورمز المقاومة الأدبية
غسان كنفاني الرجل الذي عاش في ذاكرة فلسطين، هو الذي تجول مشيًا في تاريخ الأمة الفلسطينية ليعيش في قلب كل عربي، هو أيقونة النضال الفلسطيني ورمز المقاومة الأدبية، لأنه استطاع بمقولاته تعبئة جماهيره وقرائه على النضال الوطني.
“إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية.. فالأجدر بنا أن نغير القضية”.
من خلال منصة كلمتنا نتعرف أكثر على الأديب غسان كنفاني.
مولده ونشأته
ولد غسان في قرية عكا بشمال فلسطين، وكان والده المحامي له عظيم الأثر في تكوين شخصية الطفل، ليلتحق غسان بعدها بمدرسة الفرير لبعض الوقت، وكان يسكن في حي ملاصق لتل أبيب ليشاهد وهو طفل جميع المعارك والاشتباكات التي كانت تحدث هناك، وشاهد كنفاني وهو طفل نكبة 1948، لتهرب العائلة بعدها سيرًا على الأقدام لمخيمات لبنان، لينتقل بعدها لسوريا.
أظهر كنفاني نبوغًا في مادتي الرسم والأدب العربي أثناء المرحلة الثانوية، ليشجعه هذا على دراسة الأدب العربي بجامعة دمشق، ويسافر بعدها إلى الكويت ويبدأ بإظهار موهبته في الصحف الكويتية، ويصدر أول مجموعة قصصية بعنوان “كتاب القميص المسروق”.
كتابات غسان كنفاني
كانت معظم كتابات الأديب مستوحاة من قضايا وحياة الشعب الفلسطيني، وخصيصًى المرأة الفلسطينية فقد أعطاها اهتمامًا كبيرًا ومكانة عالية في الكثير من رواياته، مثل رواية “أم سعد”.
عائد إلى حيفا
تعد “عائد إلى حيفا” من أشهر أعمال كنفاني، وتدور حول زوجين غادرا حيفا خلال معركة حدثت في مدينتهم، ليتركوها ويهاجروا إلى مكان آخر.
رواية العاشق
تحتوي الرواية على ثلاث روايات غير مكتملة، ونشرت الرواية بعد اغتيال غسان كنفاني، وقد حقق هذا العمل مبيعات ضخمة في الأسواق العربية وأيضًا العالمية منذ صدوره.
رواية الشيء الآخر
تعد رواية “الشيء الآخر” مختلفة عن باقي روايات غسان كنفاني، لأنه يتحدث في معظم رواياته عن القضية الفلسطينية والاحتلال ومقاومة الشعب له، لكن في هذه الرواية اتجه فيها إلى الأحداث البوليسية بنزعة فلسفية، ويناقش من خلالها القضايا الاجتماعية، التي كان يعيشها معظم الشعب الفلسطيني.
“المرأة توجد مرة واحدة في عمر الرجل، وكذلك الرجل في عمر المرأة، ووعد بأنه ليس إلا محاولات لإنقاذه”.
زواجه
عقد مؤتمر للطلاب في يوغوسلافيا عام 1961، ومن ضمن الطلاب وفد من الدنمارك ومن بينهم فتاة تدرس للأطفال، وأثناء المؤتمر قابلت الوفد الفلسطيني لتسمع منهم أول مرة عن القضية الفلسطينية، لتتأثر بها وتقرر السفر إلى بيروت وتقابل غسان هناك ويشرح لها القضية الفلسطينية، وأظهرت الفتاة تعاطفًا كبيرًا للقضية الفلسطينية، ورفضها للظلم الواقع على هذا الشعب. لم تمض عشرة أيام إلا وغسان يطلب يدها للزواج، وبالفعل تم الزواج لينجبا ابنهما الأول عام 1962.
حبه للأطفال
كان غسان يحب الأطفال وكان يردد دائمًا “الأطفال هم مستقبلنا”، وقام بكتابة الكثير من الروايات والقصص التي كان أبطالها أطفال، ونشرت له مجموعة من القصص القصيرة في بيروت “أطفال غسان كنفاني” لتترجم إلى اللغة الإنجليزية تحت عنوان “أطفال فلسطين”، وكان غسان يعتبر الأطفال هم المستقبل والأمل لوطن جديد والوطن عنده كان يمثل الماضي والحاضر والمستقبل.
نضال كنفاني
لم يكن غسان كنفاني أديبًا فقط، بل كان مناضلًا للقضية الفلسطينية منذ صغره، وكانت جميع توجهاته وكتاباته تناقش القضية الفلسطينية، فقد كرس كل كتاباته لنقل معاناة الشعب الفلسطيني، وأن تهجير الشعب واللجوء في المخيمات ليس حلًا، كما انضم إلى حركة القوميين العرب وكتب في المجلات في دمشق والكويت، وأصبح بعد ذلك عضوًا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكان له دور سياسي هام، فقد ساهم في وضع إستراتيجية سياسية تؤكد على أهمية العمل الفدائي، وسياسة الموت من أجل الوطن، وكان لكتاباته أثر كبير في الدفاع عن القضية، فهو صاحب الدراسة الوحيدة التي كتبت عن الأدب الصهيوني، وتحليله هي الدراسة التي كتبها بعنوان “في الأدب الصهيوني”.
“سأظل أناضل لاسترجاع الوطن، لأنه حقي وماضي ومستقبلي الوحيد، لأن لي فيه شجرة ضخمة وظل وشمس تتوقد وغيوم تمطر الخصب، وجذور تستعصي على القلع”.
اغتياله
اغتيل كنفاني يوم 8 يوليو 1972 على يد العملاء الصهاينة من خلال تفخيخ سيارته التي كان يستقلها مع ابنة أخته في منطقة الحازمية في بيروت، ودفن في مقبرة الشهداء ببيروت تاركًا خلفه أعمالًا شاهدة على نضاله وفدائيته وإخلاصه لوطنه.
“ليس المهم أن يموت الإنسان قبل أن يحقق فكرته النبيلة، بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت”.
قال عنه محمود درويش:
“جميل أنت في الموت يا غسان، بلغ جمالك الذروة حين يئس الموت منك وانتحر، لقد انتحر الموت فيك وانفجر الموت فيك، لأنك تحمله منذ أكثر من عشرين سنة ولا تسمح له بالولادة”.
قال عنه الكاتب والناقد عزت العزاوي:
“في الزمان يولد غسان كنفاني كلما جاء صيف. غسان كنفاني يأتي في هجير الصيف، ينفجر في بيروت يتشظى مثل إوزيرس ويوزع الأشلاء على كل مكان في الذاكرة والضمير، ربما يأتي في هذا الوقت بالذات ليستعيد الخزان الصغير الذي مات فيه الرفاق وهم في الطريق الصحراوي على حدود الخليج، لكن ماذا تعني الاستعادة للخزان؟ ولماذا لم يبق في أذهاننا ما هو أكثر حدة من هذا الخوف الأسطوري من الموت اختناقًا؟”.
“كان غسان شعبًا في رجل، كان قضية، كان وطنًا، ولا يمكن أن نستعيده إلا إذا استعدنا الوطن”.
اقرأ أيضا: أسامة أنور عكاشة.. أبو الدراما المصرية