غرست العادات والتقاليد في عقولنا أن سفر المرأة بمفردها هو أمر ممنوع لا جدال فيه، لكن في الحقيقة ليس الوضع معقدًا وصعبًا كما صوره البعض على مدار عصور طويلة، فسفر المرأة هو بوابتها نحو الحياة، يمنحها في أيام قليلة ما لم تستطع سنوات طويلة أن تعلمها إياها ولكن ماذا يعني هذا الحديث بالتحديد؟
دعيني أخبرك يا عزيزتي في السطور التالية:
رحلة المرأة عبر سنوات طويلة:
منذ سنوات طويلة كان العالم يتعامل مع المرأة على أنها صلصال يشكل كيفما يشاء من حولها، هم من بيدهم وأدها أو بقائها على قيد الحياة، هم من يحرمونها من حقها في التعليم والحياة الطبيعية كغيرها من البشر.
احتجزت أسيرة بين جدران المنزل، لا كيان لها ولا رأي ولا حياة، حتى بدأ العالم يتطور شيئًا فشيء بعد مواكبة التكنولوجيا الحديثة، الأمر الذي أثر في عقلية شريحة كبيرة من الناس حتى تمردت المرأة على أولئك الرجعيين وناضلت من أجل إثبات كيانها والحصول على حريتها كاملة كغيرها من البشر.
فالتفت العالم تجاه المرأة بعد سنوات طويلة من المعاناة، قدرها البعض واحترم آرائها الآخر بعدما أثبتت بجدارة أنها تستحق ذلك التصفيق الحار لتأثيرها العظيم في المجتمع وأجياله، لكن رُغم ذلك هناك بعض الأمور التي ما زالت تمثل مواضيع شائكة بالنسبة للبعض رُغم أننا في القرن 21 ومن بينها “سفر المرأة“.
اقرأ أيضًا: استراحة نفسية لكِ سيدتي بعيدًا عن صخب الحياة
المرأة والسفر:
مثلما ذكرنا مسبقًا أن المرأة قديمًا كانت تتعايش داخل قوقعة مخبأة بعيدًا عن العالم، حتى بدأ الأمر يتغير شيئًا فشيء، فقد سمحت بعض العائلات لبناتهن بالسفر بين مدن البلد ذاتها بسبب طبيعة عملها أحيانًا ودراستها في لحظات أخرى أو من أجل زواجها.
حتى تطور الأمر إلى سفر بعضهن لخارج البلاد من من أجل الدراسة الجامعية الأمر الذي استصعبه البعض في بداية الأمر بشكل كبير، ولكن ما إن كانت تسمع العائلات الأخرى بسفر إحدى فتيات جارتهن بمفردها إلى الخارج، كان بعضهم ينظر إليهم نظرة استنكار باعتباره شيء غير مألوف آنذاك، حتى أصبح الأمر اعتيادي.
ولكن ترجع أسباب رفض سفر الفتاة إلى الخارج في الغالب بسبب خوف الأهل عليها في المقام الثاني بعد أزمة العادات والتقاليد، حيث بلدٍ بعيد وهي وحيدة فربما تتعرض لخطر ما يهدد حياتها، أي هو أمر فطري يفوق الخوف من نظرة المجتمع.
لكن عندما تتقين عائلتكِ أنكِ على قد كبير من تحمل المسئولية هل ستغادرين البلاد؟
الكاتبة “ميرنا الهلباوي” عندما سألها أحد المتابعين يومًا على موقع التواصل الاجتماعي “انستجرام” كيف سمحوا لكِ عائلتك بالسفر خارج البلاد بمفردك؟ أجابت قائلة: “كان أول سفر لي خارج البلاد أثناء عملي كصحفية ومن إن تيقنت والدتي أنني على قدر كاف من تحمل مسئولية السفر بمفردي انطلقت نحو الحياة“.
فأحيانًا يجب على الأهل تخطي فكرة الخوف قليلًا لأن ذلك يعيق أبنائهم على مواصلة الحياة بشكل طبيعي والاستمتاع بها واستغلال الفرص تحت مظلة “الخوف“، فمن الطبيعي أن تقلقوا إزاء أبنائكم لكن ليس من العدل أن تحتجز ابنتك أسيرة هذا الخوف، فالأمر قد يتسبب مع الأسف الشديد في فقدان أبنائكم لحظات فارقة قد لا تتكرر في الحياة إلا مرة واحدة.
فالفكرة السائدة في المجتمع أن سفر المرأة بمفردها سيعرضها لمشكلات لا حصر لها لأنها لا تجيد التصرف، فماذا لو أعدنا صياغة الجملة من جديد وكان السفر هو فرصة المرأة نحو اكتشاف حياتها وكيانها وإجادة التصرف إزاء الأزمات والمشكلات؟
اقرأ أيضًا: هل فات آوان التغيير؟.. إليكِ طريقة استعادة حب الذات
كيف يؤثر السفر على المرأة؟
إن سفر المرأة بمفردها يعود عليها بلحظات وتجارب لا تتكرر أبدًا، فهو وبدون مبالغة يعيد بناء شخصيتها من جديد، حيث إنه بوابتها نحو الحياة الحقيقة.
حيث يجعلها تكتشف مدى قوتها واعتمادها على ذاتها لأن ليس هناك من يساندها مثلما اعتادت دومًا، كما أنها تكتشف فالسفر بمفردها أشياء خفية في شخصيتها لم تكن ستتعرف عليها إن لم تخوض تلك التجربة.
كما سيمنحها السفر ميزة اتخاذ قرارات سريعة صائبة لأنها في تلك اللحظات تكون هي المتحكمة في كل شيء وصاحبة القرار الأول والأخير، كما سيجعلها السفر تتعلم كيفية تنظيم الأموال والمصروفات وكذلك إدارة الوقت بشكل جيد.
كذلك سيشعر السفر المرأة بقيمتها ويزيد من ثقتها بنفسها، الأمر الذي سيجعلها تتقبل ذاتها وتحبها، كما أن من شأنه أن يجعلها تتعلم كيفية إسعاد قلبها ولا تنتظر ذلك من أحدًا.
والأهم أيضًا أن تجربة السفر ستمنح المرأة خبرات عظيمة لم تكن ستتعلمها يومًا لولا تلك اللحظات الفريدة التي تقضيها في بلد آخر بعيدًاعن كل شيء، فالتعرض لثقافات أخرى والتعرف على أناس جديدة تحمل قلوبهم وذكرياتهم عالم آخر غير الذي اعتادت عليه المرأة، من شأنه أن يغير وجهة نظرها تجاه الحياة برمتها أو تعيد النظر في أشياء أخرى من جديد.
فمهما اعتقد أحدهم أن سفر المرأة سيؤثر عليها بشكل سلبي، فهو في الحقيقة غير مدرك للواقع أبدًا وما زالت أفكاره متعلقة بالماضي حيث العادات والتقاليد التي لا قيمة لها على الإطلاق.
أما أنتِ يا عزيزتي فعليكِ أن تحلقي في سماء الحرية، تتجولي هنا وهناك بحثًا عن ذاتك، اجعلي العالم مرآتك لتحفر كل مدينة ذكراها في قلبك مهما كانت رحلتك قصيرة، فعليكِ الاستمتاع بتلك اللحظات الفريدة في حياة لن تتكرر مرة أخرى، أصنعي لذاتك أحلام ولاحقيها بشغف عارم ولا تجعلي أي شيء يكسر أجنحتكِ أبدًا.
اقرأ أيضًا: 6 طرق للاستفادة من إجازة الصيف واكتساب مهارات للفتيات