في الآونة الأخيرة وفي ظل تعلق العالم بالتكنولوجيا بكافة أشكالها، ازدادت صعوبة تربية الأطفال، فهذا الجيل الحديث منساق تمامًا وراء وسائل التواصل الاجتماعي التي يقضي ليله ونهاره يتنقل بين أروقتها يتنقل من وسيلة لأخرى، الأمر الذي قد يفقد الصغير تعلم أهم القيم التي ستؤثر على حياته بأكملها.
في ظل فقدان المجتمع لأهم قيم الإنسانية، فإن غرس مهارات “التعاون” داخل طفلك سيؤثر جذريًا على تفكيره بشكل إيجابي وكذلك سيساهم في بناء شخصيته، الأمر الذي بدوره سيؤثر على حياته وقرارته نحو الأفضل، ولكن يا عزيزتي كيف يمكنكِ فعل ذلك في ظل العالم الافتراضي الذي يعيش صغيرك داخله.
في السطور التالية تقدم لكِ منصة “كلمتنا” كيف يمكنكِ تعلم طفلكِ مهارات التعاون لغرس صفة العطاء فيه.
كيف تؤثر مهارة التعاون على الطفل؟
لطالما كانت نشأة الطفل هي من تؤثر على حياته وتصرفاته، فلابد من بذل قصاري جهدكِ يا عزيزتي على وجه التحديد في السنوات الأولى من حياة الطفل عندما يبلغ عامين بالأخص، من أجل تربية سليمة سوية في ظل انعدامها في الآونة الأخيرة نظرًا لانشغال بعض العائلات في أعمالهم وكذلك احتكار التكنولوجيا عالم الصغير، الأمر الذي قد يعتقد البعض أنه يعود عليه بمنافع عدة لكنكِ في الحقيقة مخطئة يا عزيزتي فهي سبيله نحو الانطواء والأنانية وانعدام روح التعاون والمشاركة.
فعندما يدرك صغيرك ما يعنيه مفهوم التعاون سيؤثر ذلك في بناء وتنمية شخصيته بشكل كبير، كما سيعزز مفهوم العطاء داخله، فالتعاون مع الآخرين يغير مفهومه نحو الآخر، ويساعده على تقبله كما سيقلل شعور الأنانية الذي يتولد لدى البعض.
كذلك يجعل من طفلك شخص اجتماعي لأنه سيساعده على تكوين الصداقات، الأمر الذي سيكسب الصغير ثقته بنفسه وحب ذاته وتقديرها،لأنه سيشعر أنه ممتن لما يفعله مما سيشعره بالإيجابية، كما سيتعلم الطفل الاعتماد على نفسه منذ صغره، الأمر الذي سيعمل على تنمية مهارات الطفل الأخرى.
اقرأ أيضًا: يختبيء صغيرك من العالم الخارجي؟.. إليكِ كيفية تعزيز ثقة الطفل بنفسه
أما من الناحية الروحية فإن التعاون من شأنه أن يعزز صفة العطاء داخل الطفل، وهو ما سيجعله رحيم لين القلب يشعر بالغير، وهو ما افتقده عدد كبير من الأجيال في الآونة الأخيرة، فعلى سبيل المثال سيشعر طفلك بالفقير والمسكين الأمر الذي سيجعل منه إنسان عطاء يحب الخير ويبحث عنه دومًا.
كذلك سيجعله التعاون والعطاء يساند عائلته وأصدقائه وزوجته في الأزمات والمشاكل لأنه تعلم بالفعل ألا يكون أناني بل أن يعطي من قلبه ويشارك، ومن ثم سيجعله ذلك على قدر كبير من تحمل المسئولية، لذا يا عزيزتي فالأمر عبارة عن حلقة متصلة بشكل أو بآخر.
اقرأ أيضًا: هل يمتلك طفلك صديقًا خياليًا؟.. انصت إليه وتصرف بعناية
كيفية غرس روح التعاون داخل طفلك:
دعينا نبدأ الخطوة الأولى وهي إدراك الطفل لمفهوم التعاون، حيث يمكنك عن طريق قصص مشوقة ومبسطة أن توضحي لطفلك معنىالتعاون، وكذلك مشاركة الآخرين والتواصل مهم وكيف عاد ذلك بالمنفعة على بطل الحكاية من أجل تثبيت الصورة الذهنية للطفل عن أهمية التعاون والعطاء.
اقرأ أيضًا: خبير اجتماعي يفسر لـ “كلمتنا” سبب معاناة الطفل العربي من كبت المشاعر
في المرحلة التالية عليكِ بدء تعليمه كيفية تطبيق ذلك التعاون والمشاركة في المنزل وبين أفراد الأسرة قبل الانتقال إلى مرحلة تطبيقه خارجيًا، فابدأي يا عزيزتي بتعريف طفلكِ بالمهمات الذي عليه فعلها في المنزل حسب عمره بالتأكيد.
فعلى سبيل المثال يمكنكِ البدء بتعليمه كيفية تعديل سريره عقب الاستيقاظ من النوم أو بعد الانتهاء من اللعب كيف يمكنه جمع ألعابه في صندوق مخصص له، بالإضافة إلى تعريفه أيضًا بأدوار الآخرين في المنزل ويمكنك منحه الإشارة الخضراء لمشاركة أحدهم في القيام بدوره.
من حين لآخر أيضًا عليكِ ألا تنسي طرح أسئلة على طفلكِ تساعده على تعزيز مفهوم التعاون لديه حتى تأكدي على الخطى الصحيح، فمثلًا يمكنكِ سؤاله عن كيف يمكننا مساعدة محتاج أو مريض؟ كيف يمكن أن نتشارك في إسعاد من يشعر بالحزن؟، ما رأيك أن نعطي ملابسك القديمة لشخص بحاجة إليها من أجل مساعدته؟ فتلك الأسئلة توضح لكِ كيف يفكر طفلك وهل هو مستعد لذلك العطاء أم لا.
اقرأ أيضًا: كيف تتعامل مع طفل ال ADHD؟
الخطوة التالية التي عليكِ تطبيقيها هل تحفيز طفلك على الاندماج بآخرين تقترب أعمارهم إلى حد كبير، من أجل بناء شخص اجتماعي باستطاعته يشارك ويتعاون مع أطفال آخرين، كما يمكنكِ الاشتراك لعبة رياضة جماعية ما أجل أن تدعم داخل الطفل مهارة التعاون.
من ناحية أخرى يمكنكِ الالتحاق بالفاعليات أو المبادرات التي تحث على التعاون والعمل الجماعي التي يشارك فيها الأطفال مثل تنظيف الشواطيء أو الأعمال التطوعية والخيرية من أجل تعزيز روح التعاون داخل الطفل مع إضفاء بعض الفرح على الأمر حتى يتعلق الطفل بالأمر بشكل إيجابي.
وأخيرًا يا عزيزتي عليك تحديد يوم من فترة لأخرى يساعدك فيه طفلك على تجميع كل المقتنيات القديمة والملابس، واصطحابه لتوزيعها على الفقراء والمساكين من أجل تنمية صفة العطاء داخل الطفل وحثه على التفكير بالغير دومًا والشعور بهم والعمل على مساعدتهم.
كما يمكنكِ أيضًا شراء بعض الألعاب الصغيرة والحلوى وإعطائها لطفلك من أجل توزيعها على الصغار وإضفاء السعادة على قلوبهم بالأخص في الأعياد والمناسبات، لكن عليكِ يا عزيزتي التحلي بالصبر والابتعاد عن التعصب على الصغير بالأخص في تلك الأمور حتى لا ينفر من الأمر برمته، فمن أجل شخص متعاون عطاء ذو شخصية واثقة فريدة وبإمكانه الابتعاد على ذاته عليكِ خوض تلك المرحلة بهدوء شديد ووعي أكبر وحب لا نهائي له.
اقرأ أيضًا: إذا كنتِ “أم لأول مرة”.. 5 نصائح للتعامل مع طفلك